تنافس مغربي جزائري على الغاز النيجيري وتصديره إلى أوروبا

01 مارس 2023
المشروعات المغربية والجزائرية تستهدف تصدير الغاز النيجيري للسوق الأوروبية (فرانس برس)
+ الخط -

يطمح كل من المغرب والجزائر اللذين تربطهما علاقات دبلوماسية متوترة، إلى إنجاز مشروعي خطوط أنابيب غاز ضخمين ينطلقان من نيجيريا ليزودا السوق الأوروبية، بينما يبدو أنّ الاتحاد الأوروبي يريد التخلّي عن الغاز بحلول نهاية العقد الحالي.

ينخرط المغرب في مشروع يعبر 13 بلداً أفريقياً على طول المحيط الأطلسي ويمتد على حوالى 6 آلاف كيلومتر.

لم يحدد موعد لبدء المشروع. إلا أنّ وزير النفط النيجري تيمبيري سيلفا، أفاد بأنّ المشروع حالياً "في مرحلة التخطيط ودراسات الجدوى، وبعد الانتهاء منها سوف ننتقل للدراسات الهندسية"، وأشار إلى أنه "يجب الحصول على موافقة جميع البلدان التي سيمر منها خط الأنابيب".

وكان الملك المغربي محمد السادس قد طرح فكرة المشروع في العام 2016 خلال زيارة لأبوجا. وجاء ذلك في سياق الكثير من المبادرات التي أطلقتها الرباط خلال العقد الماضي لإقامة شراكات اقتصادية مع جيرانها الجنوبيين، في ظل جمود الاتحاد المغاربي بسبب النزاع مع الجزائر حول قضية الصحراء.

انطلاقاً من المغرب سوف يرتبط خط الأنابيب هذا بخط أنابيب المغرب العربي-أوروبا، الذي كان ينقل الغاز الجزائري عبر المملكة إلى إسبانيا، قبل أن تقرر الجزائر وقفه في نهاية العام 2021، إثر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، وهو ما يفسر أيضاً أهمية المشروع النيجيري بالنسبة للمغرب.

يرى المتخصص المغربي في الجغرافيا السياسية جمال مشروح أنّ المشروع "سيتيح خلق سوق مستقرة للغاز بمكاسب متبادلة لبلدان المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا والمغرب وموريتانيا".

كما أنه يمثل "أهمية استراتيجية لأوروبا لتقوية استقلاليتها الطاقية من خلال تنويع مصادر التزويد"، على ما يؤكد الخبير المغربي.

في سياق جيوسياسي يطغى عليه الطلب الدولي القوي على الطاقة وارتفاع الأسعار على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، تسارعت في الفترة الأخيرة خطوات الرباط وأبوجا لوضع المشروع على سكة التنفيذ.

أواخر العام الماضي أُعلن في الرباط عن توقيع المغرب ونيجيريا سبع مذكرات تفاهم مع كل من غامبيا وغينيا بيساو وغينيا وسيراليون وغانا وموريتانيا والسنغال، في إطار هذا المشروع.

تضاف إلى ذلك مذكرة أخرى مع مفوض البنية التحتية والطاقة في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو).

ليسا نقيضين

يعد توقيع هذه المذكرات "تأكيداً على التزام الدول التي سيتم ربطها بأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب بالمساهمة في تفعيل هذا المشروع المهم"، بحسب المكتب الوطني للهيدروكروبرات الذي يشرف على إنجازه عن الجانب المغربي.

لكن الأخير لم يرغب في الإدلاء بتفاصيل بشأن الخطوات المقبلة والموعد المرتقب لبدء الأشغال، بينما قدرت وسائل إعلام مغربية كلفة المشروع بحوالى 24 مليار دولار.

يتزامن هذا التوجه مع إحياء مشروع منافس ينطلق هو الآخر من نيجيريا ليعبر النيجر والجزائر مستهدفا السوق الأوروبية، حيث وقعت البلدان الثلاثة بالجزائر في يوليو/ تموز الماضي مذكرة تفاهم لإخراجه إلى حيز التنفيذ.

طرح هذا المشروع في العام 2009 باتفاق ثلاثي وقع في لاغوس، ويفترض أن يمتد على مسافة 4 آلاف كيلومتر بكلفة قدرت بـ10 مليارات دولار.

وهو حالياً "في مرحلة دراسة الجدوى والدراسات التقنية"، بحسب ما قال المتخصص الجزائري في الطاقة أحمد طرطار، متوقعاً أن "يستغرق إنجازه عامين إلى ثلاثة أعوام"، فيما لم يعلن بعد عن أي جدول زمني لبدء الأشغال.

ويوضح الخبير الجزائري أنّ مجموعة المحروقات العملاقة في بلاده "سوناطراك" سوف "تستعمل علاقاتها الجيدة مع زبنائها الأوروبيين خصوصاً لإيجاد رساميل لتمويل المشروع".

والجزائر هي ثالث مصدر حالياً للغاز الطبيعي إلى أوروبا.

في المقابل، ينبه الخبير في ميدان الطاقة جيف بورتر إلى أنّ هذا المشروع يواجه مخاطر "التعرض لهجمات الجماعات الجهادية في منطقة الساحل"، كما يمكن أن يثير "رفضاً من طرف السكان المحليين إذا اعتبروا أنه لن يعود عليهم بمكاسب".

من جهته، يرى الخبير المغربي جمال مشروح أنّ "المشروعين ليس نقيضين بالضرورة"، متسائلاً "هل تقبل أوروبا أن تكون مرتهنة لفاعل واحد؟".

يطمح كلاهما إلى تزويد السوق الأوروبية بالغاز، لكن هذه الطموحات تصطدم برغبة بروكسل في التخلي في الأمد القريب عن استعمال الغاز لصالح الطاقات المتجددة.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في محاضرة بالمغرب، نهاية العام الماضي، إنّ أوروبا "قلّصت ارتهانها للغاز الروسي من 40% عند بداية الحرب في أوكرانيا إلى 0" وباتت تعتمد على مصادر أخرى.

لكنه أضاف متسائلاً "هل سنكون لا نزال بحاجة إلى استعمال الغاز عندما يكتمل هذا المشروع (المغربي - النيجيري)؟"، لافتاً إلى أنّ المغرب يملك إمكانات واسعة لإنتاج الطاقات النظيفة.

(فرانس برس)

المساهمون