تنازلات أوروبية جديدة للمزارعين لتهدئة غضب الجرارات

تنازلات أوروبية جديدة للمزارعين لتهدئة غضب الجرارات

26 مارس 2024
تردّي الأوضاع المعيشية دفع المزارعين في العديد من الدول إلى احتجاجات واسعة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي يستجيبون لاحتجاجات الفلاحين بتخفيف المتطلبات البيئية، وسط مخاوف من مكاسب اليمين القومي المتشدد في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، مستغلين "انتفاضة الجرارات".
- المفوضية الأوروبية تقدم مسودة خطة لتخفيف القيود البيئية بدعم من الدول الأعضاء، في محاولة لامتصاص غضب الفلاحين وتجنب استمرار الأزمة حتى موعد الانتخابات.
- الاحتجاجات تعكس مشاكل مثل معاملات تفضيلية للحاصلات الأوكرانية والسخط من الضرائب على الوقود والمعايير البيئية الصارمة، مع تقديم المفوضية تعديلات لجعل السياسات الزراعية أكثر فعالية ومرونة.

ذهب وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي، نحو تراجع إضافي أمام غضب فلاحي عدد من دول القارة، وذلك على خلفية مخاوف أن يكتسح اليمين القومي المتشدد مقاعد البرلمان الأوروبي القادم، مستغلاً في ذلك "انتفاضة الجرارات".

وطرحت المفوضية الأوروبية مسوّدة خطة عاجلة للتراجع عن المتطلبات البيئية، بعد أن قرر البرلمان الأوروبي، الأسبوع الماضي، الموافقة عليها، لأجل تخفيفها خلال العام الحالي 2024، وسط دعم الدول الأعضاء للمبادرة على نطاق واسع.

تستشعر المفوضية على ضوء احتجاجات القطاع الزراعي، مخاطر بقاء الأزمة حتى موعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران المقبل، إذ تفيد أغلبية الاستطلاعات والتحليلات بأن معسكرات اليمين القومي المتشدد بدأت تحقق مكاسب على خلفية الظهور بحرص شديد على مصالح الفلاحين الأوروبيين.

وتدعم الرابطة الأوروبية للمنظمات الزراعية "Copa-Cogeca" تحركات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين لامتصاص غضب الفلاحين من خلال منحهم امتيازات، كتلك التي تراجعت فيها أوروبا الأسبوع الماضي عن منح مزارعي أوكرانيا معاملة تفضيلية، والتي كان لها دور كبير في احتجاجات المزارعين في بولندا ودول أخرى.

وثمة عوامل كثيرة مشتركة تدفع مزارعي العديد من الدول الأوروبية إلى الاحتجاج، أهمها منح الحاصلات الأوكرانية معاملات تفضيلية على حساب منتجاتهم، فضلاً عن حالة السخط من فرض ضرائب على الوقود والمعايير البيئية الصارمة التي تهدد أنشطتهم.

والغضب الحالي هو امتداد لحالة توتر متواصلة منذ خريف العام الماضي 2023. فركوب آلاف المزارعين الجرارات وقيادتها نحو عواصم أوروبية عدة خلال الأشهر الماضية، أصبح مشهداً يختزل صورة أوسع من تردي الأوضاع المعيشية لعشرات آلاف المزارعين، وذلك إلى جانب اتهام هؤلاء للطبقات السياسية، بمن فيهم ساسة الاتحاد الأوروبي، بأنهم يعمقون أزماتهم من خلال إضعاف قدراتهم التنافسية والإبقاء على بيروقراطية تعيق تحسين أوضاعهم.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وفي بعض القطاعات عانى المزارعون فترات فيضانات وجفاف مرتبطة بالمناخ، وخسائر كبيرة أوقعت الكثيرين في مأزق الموازنة بين متطلبات مناخية في إطار سياسات زراعية أوروبية مشتركة وتعويض الخسائر.

ورغم ذلك يعارض مكتب البيئة الأوروبي (EEB) وهو منظمة غير حكومية، التراجع "الأخضر"، وألقى باللوم على السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لعدم إجراء تقييم للأثر قبل تقديم التدابير عن المتطلبات البيئية التي فرضها في السابق، والتي أدت من بين أشياء أخرى إلى تدهور أسعار المنتجات الزراعية وزيادة تكاليفها.

واعتبر مكتب البيئة أن المفوضية الأوروبية تعالج الأزمة الزراعية بطريقة خاطئة. وأشار بأنّ الأزمة تنبع، من بين أمور أخرى، من حقيقة أن 80% من الدعم الزراعي يذهب إلى 20% من أكبر المزارع وأغناها، لأن الدعم لا يزال يتحدد إلى حد كبير بحسب حجم المنطقة.

ويعيش معظم المزارعين أوضاعاً يرونها غير عادلة، خصوصاً أن كثيرين منهم مثقلون بالديون، ويشعرون أن تجار التجزئة الأقوياء وشركات الكيمياويات الزراعية يضغطون عليهم، ويتهمون نظام الدعم في الاتحاد الأوروبي بمحاباة الحيتان الزراعية الضخمة، وليس صغار القطاع الفلاحي ومتوسطيهم.

أضف إلى أن الحرب في أوكرانيا فاقمت أوضاعهم، إذ في وقت قصير بعد الحرب سرعان ما انخفضت أسعار الحبوب بعد إغراق الأوكرانيين لأسواقهم، ما أدى إلى توفر المحصول وبأسعار لا يستطيعون منافستها. ووفقاً للتقارير الأوروبية فإن المزارعين فقدوا في 11 دولة أوروبية بين 2022 و2023 نحو 10 في المائة من مداخيلهم.

وباعتباره نوعاً من حلول الوسط والتنازل من مؤسسات بروكسل الأوروبية يناقش الأوروبيون تخفيف ستة من أصل تسعة معايير حول "الظروف الزراعية والبيئة الجديدة"، والتي تطبق حالياً كشروط للحصول على جزء من الدعم الزراعي من الاتحاد الأوروبي.

ومن ثم، إن الشرط السابق الذي ينص على أن 4% من أراضي المزرعة يجب أن تكون بوراً من أجل الحفاظ على جودة المناظر الطبيعية سوف يتغير إلى خيار طوعي. ويتغير شرط تناوب المحاصيل إلى ترتيب تستطيع الدول الأعضاء الفردية إدارته بمرونة أكثر، تماماً كما يصبح شرط الغطاء النباتي على الأرض في الفترات الحساسة شيئاً تستطيع البلدان إدارته بمرونة أكثر.

أضف إلى ذلك أن مسألة كيفية معالجة التربة الزراعية ستجعل الدول الوطنية أكثر حرية في تحديدها، بدل أن يحددها الاتحاد الأوروبي. وسيتمكن صغار المزارعين الذين تقل مزارعهم عن 10 هكتارات (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، من التخلص من الامتثال للمعايير التسعة، ثم الإعفاء من العقوبات في حال لم يمتثلوا بها، كما هو الوضع حالياً.

وأشارت الرابطة الأوروبية للمنظمات الزراعية إلى أن خطوة المفوضية الأوروبية إلى تعديل القواعد الحالية ستجعل السياسات الزراعية المشتركة أكثر فعالية "بما يجعل مراجعة العناصر الصارمة والمعقدة والبيروقراطية المفرطة أمراً ممكناً".

وأعلنت رئيسة المفوضية، فون ديرلاين، قبيل اجتماعات، الثلاثاء، أن "المفوضية عازمة على تقديم حلول لتخفيف الضغوط الحالية التي يشعر بها النساء والرجال الذين يعملون بجد في الزراعة". ويعمل الإجراء العاجل الذي وافق عليه أعضاء البرلمان الأوروبي على تسريع العملية عن طريق إرسال الاقتراح مباشرة إلى الجلسة العامة من دون الحاجة إلى موافقة لجنة الزراعة التابعة للبرلمان على التقرير.

ومن المتوقع أن تصوت الجلسة العامة يومي 10 و11 إبريل/نيسان المقبل، في الجلسة قبل الأخيرة قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران. ومن المتوقع أن تدعم أغلبية ليبرالية ويمينية الحزمة، التي أثارت ردود فعل متباينة من أعضاء البرلمان الأوروبي الاشتراكيين، وتواجه معارضة قوية من حزب الخضر وأحزاب اليسار.

المساهمون