تركيا ترفع الفائدة إلى 45% وتواصل سياسة التشديد النقدي

تركيا ترفع الفائدة إلى 45% وتواصل سياسة التشديد النقدي

25 يناير 2024
لا تزال مساعي البنك المركزي التركي منصبّة على احتواء التضخم (Getty)
+ الخط -

يستمر البنك المركزي التركي في سياسة التشديد النقدي لامتصاص فائض السيولة من الأسواق وتوجيهها إلى المصارف، عبر سعر الفائدة التي رفعتها لجنة السياسات النقدية، اليوم الخميس، بنحو 250 نقطة أساس، لتصل إلى 45%، هادفة إلى احتواء التضخم، وصولاً إلى تخفيض نسبته التي تعدت الشهر الماضي 64.5% على أساس سنوي. 

وأعلنت لجنة السياسة النقدية، برئاسة رئيسة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان، اليوم الخميس، عن قرارها بشأن سعر الفائدة الأساسي لشهر يناير/كانون الثاني، وهو سعر الفائدة لعمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع.

ورفع البنك المركزي سعر الفائدة من 42.5% إلى 45% في يناير، بزيادة قدرها 250 نقطة أساس.

ويأتي هذا القرار في إطار جهود البنك المركزي لمواجهة التضخم واستقرار العملة. وقد لقي قرار رفع سعر الفائدة بـ250 نقطة أساس اهتمامًا واسعًا في الأوساط المالية، إذ يعتبر خطوة هامة في سياسات البنك المركزي التركي.

في بيان البنك، أكدت اللجنة أن هذا الرفع يهدف إلى الوصول إلى مستوى الضيق النقدي اللازم لتحقيق الاستقرار في معدلات التضخم، مع التأكيد على استمرارية هذه السياسة للمدة اللازمة لتحقيق أهداف السياسة النقدية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وفي حين لم تتحسن الليرة التركية، رغم الرفع المستمر لسعر الفائدة الذي لم يزد عن 8.5% حين تعينت الحكومة التركية في مايو/أيار الماضي، بل تستمر في التراجع من نحو 18 ليرة في مايو/أيار إلى نحو 30.2834 ليرة مقابل الدولار اليوم.

لكن نتائج رفع سعر الفائدة المترافق مع جذب الاستثمارات وزيادة عائدات التصدير والسياحة ستظهر على السوق خلال الربع الأخير من العام الجاري، كما يقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال، معتبراً خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن العودة إلى السياسة التقليدية النقدية حلّ إجباري أمام الحكومة ولا خيارات أمامهم، خاصة بواقع التضخم العالمي والنهج الدولي لرفع سعر الفائدة.
ويعتقد أويصال أن رفع سعر الفائدة اليوم هو الأخير، حيث ستثبت لجنة السياسات النقدية سعر الفائدة خلال الجلسات المقبلة، ربما يبدأ تخفيض سعر الفائدة نهاية عام 2024 ليبدأ حصاد نتائج الخطة الحكومية التي أعلنها وزير المالية والخزانة محمد شيشمك.

ولم يحدث رفع سعر الفائدة اليوم مفاجآت على صعيد المراقبين والأسواق، إذ ذهبت التوقعات منذ أيام إلى أن يستمر المصرف المركزي بسياسته قبل البدء بالتيسير النقدي مع نهاية العام الجاري، لتصل تركيا إلى نتائج خطتها المستهدفة خلال العامين المقبلين.

وتوقع رئيس جمعية البنوك التركية ألباسلان تشاكر، في تصريحات إعلامية أمس، أن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة مرة أخيرة هذا الأسبوع، وأن يبدأ دورة التيسير النقدي في الربع الأخير من هذا العام، مشيراً إلى أن تركيا ستتبع خطوات خفض أسعار الفائدة التي اتخذتها البنوك المركزية الرئيسية، و"أتوقع أن تبدأ دورة خفض أسعار الفائدة في الربع الأخير".

وحول أثر رفع الفائدة على التضخم، يشير تشاكر إلى استمرار التضخم في الارتفاع حتى مايو/أيار، قبل أن ينخفض إلى حوالي 40 إلى 45% بحلول نهاية العام، وهو أعلى من توقعات البنك المركزي في نهاية العام البالغة حوالي 36%. 

وكانت بيانات معهد الإحصاء التركي (رسمية) قد أظهرت ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا إلى 61.98% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مدفوعا بارتفاع أسعار المواد، قبل أن يستمر تدحرج التضخم إلى نسبة 64.77% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول، و2.93% على أساس شهري، بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، وهو، حتى الآن، دون نسبة التضخم القياسية التي سجلها الاقتصاد التركي بعد أزمة العملة في نهاية عام 2021 حين سجل 85.51% في أكتوبر/تشرين الأول 2022. 

ويرى مراقبون أتراك أن نهج الحكومة، الذي أثّر ولا يزل على أسعار المستهلكين وتكاليف الإنتاج، بعد تهاوي سعر الصرف وزيادة تكاليف معيشة الأسرة التركية، قد انعكس في الوقت نفسه على الثقة الخارجية بالاقتصاد، بعد أن عدلت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني الشهر الجاري النظرة المستقبلية لاقتصاد تركيا إلى إيجابية عند "B3"، وبعد تهافت الاستثمارات الخليجية والدولية إلى تركيا.

كما يعتقد مراقبون أن ارتفاع الاحتياطي الأجنبي بالمصرف المركزي إلى الأعلى بتاريخ تركيا هو بداية نجاح خطة الحكومة، والتي ستنعكس، خلال العامين المقبلين، على التضخم وسعر صرف الليرة التركية.

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن المستثمرين الأجانب ضخوا مبلغاً صافياً قدره 891.4 مليون دولار في سندات الحكومة المحلية التركية خلال الشهر الماضي، كما زادت تدفقات المستثمرين الأجانب نحو سوق الأسهم التركية لتصل إلى 562.4 مليون دولار، وهو أكبر مبلغ شهري منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

كما أعلن المركزي بلوغ إجمالي احتياطياته إلى 141 مليارا و374 مليون دولار، محققاً أعلى مستوى في تاريخه، معتبراً أن هذا الإنجاز يأتي في إطار سياسة تعزيز الاحتياطيات التي انتهجتها الإدارة الاقتصادية الجديدة في البلاد.

ويقول أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير في إسطنبول فراس شعبو، لـ"العربي الجديد": "لقد وصل سعر الفائدة إلى الذروة التي تكلمت عنها الحكومة، ومن المفروض أن نرى آثاره على التضخم بدءاً من النصف الثاني من العام الجاري، متوقعاً استمرار تذبذب وتراجع سعر الليرة بنسب ضئيلة".

ويشير شعبو إلى أن "الليرة التركية لا تزال حتى اليوم غير جاذبة ولم تحظ بثقة مطلقة، لذا نرى التردد بالاستثمارات الخارجية وعدم الاستجابة لرفع سعر الفائدة، ولكن ستؤتي خطة الحكومة أكلها بدءا من نهاية العام الجاري، إن لم تحدث طوارئ اقتصادية دولية تؤثر على التجارة والسياحة التركية".

المساهمون