تركيا ترفع الحدّ الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص إلى 483 دولاراً

20 يونيو 2023
تركيا تقرّ رابع زيادة في الحد الأدنى للأجور خلال عامين تقريباً (الأناضول)
+ الخط -

أعلنت تركيا، الثلاثاء، رفع الحدّ الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص من نحو 8500 ليرة إلى 11402 ليرة (نحو 483 دولارا) بداية من يوليو/تموز المقبل، بهدف تحسين معيشة العمال بعد التضخم وتراجع سعر العملة التركية.

وقالت الحكومة التركية، إنها رفعت الحد الأدنى للأجور الشهرية للعاملين في القطاع الخاص بنسبة 34% ابتداء من الأول من يوليو/ تموز ليصل صافيها إلى 11.4 ألف ليرة (الدولار= 23.63 ليرة تركية) في ثاني زيادة خلال العام الحالي وذلك في محاولة لمعالجة ارتفاع التضخم.

وتختلف تلك الزيادة الجديدة عن قرار رفع أجور موظفي الدولة بنسبة 45% والذي سبق وأن أعلنه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال حملته الانتخابية الشهر الماضي ومن المقرر تطبيقه بعد 10 أيام.

وجاء قرار زيادة أجور العمال وموظفي القطاع الخاص خلال اجتماع عقد بمقر وزارة العمل والضمان الاجتماعي مع لجنة تحديد الحد الأدنى للأجور، وضم ممثلين حكوميين وآخرين عن اتحاد نقابات العمال وأرباب العمل.

وصرح وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد أشيق هان، بأن قرار رفع الحد الأدنى للأجور جاء باتفاق حكومي مع ممثلي العمال وأرباب العمل (TİSK).

وتمنى الوزير التركي أن "يكون الحد الأدنى للأجور الجديد سببًا في الخير قبل العيد"، مشيراً إلى أنه "تم تحديد الحد الأدنى للأجور بمبلغ إجمالي قدره 13414 ليرة تركية، وصافي مبلغ الحد الأدنى للأجور هو 11402 ليرة". 

وأكد أننا "قمنا بتنفيذ زيادة مؤقتة بنسبة تشمل حصة من الرفاهية تفوق نسبة التضخم كثيراً، والتي بلغت 34 %، وهي زيادة بنسبة 107 % مقارنة بالنصف الثاني من العام الماضي، وبنسبة 61 مرة مقارنة بعام 2001". 

وأضاف الوزير: "إننا حققنا زيادة حقيقية بنسبة 312 %، وبالتالي، لم نضع العمال تحت وطأة التضخم ومنحناهم حصة من الرفاهية".

من جهته، علّق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان على الزيادة بقوله: "حظا سعيدا لأمتنا"، مضيفاً خلال رسالة على "تويتر": "سيتم تطبيق الحد الأدنى للأجور بصافي 11402 ليرة تركية اعتبارًا من يوليو/تموز المقبل".

ووجه أردوغان الشكر لجميع أصحاب المصلحة، خصوصا العمال وأصحاب العمل، الذين ساهموا في تحديد الحد الأدنى للأجور في إطار ثقافة المصالحة.

وأعلن الرئيس التركي، في وقت سابق، رفع الحد الأدنى لرواتب موظفي الخدمة المدنية "العاملين في الدولة" في بلاده إلى نحو 22 ألف ليرة تركية بنسبة زيادة 45%.

وشدّد خلال كلمته بالعاصمة أنقرة قبيل الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الشهر الماضي، على أن زيادة رواتب الموظفين ستبلغ 45%، ما ينعكس بشكل تلقائي على رواتب المتقاعدين، وأنه كلف الوزير المعني باستكمال الإجراءات اللازمة حتى يوليو/تموز.

وتعليقا على قرار زيادة أجور العاملين في القطاع الخاص، قال الخبير الاقتصادي التركي، مسلم أويصال لـ"العربي الجديد" إن "نسبة رفع الحد الأدنى اليوم مرتفعة، إلا أنها أقل من التوقعات التي ذهبت إلى 11770 ليرة".

وأضاف أنها "لا تتناسب مع استمرار التضخم وتراجع سعر صرف الليرة التي انعكست على معظم أسعار السلع والمنتجات خلال الأيام الأخيرة، بعد تهاوي سعر الليرة من 18 إلى نحو 23.63 مقابل الدولار".

وأكد أويصال أن "نحو 40% من العمال يتقاضون الحد الأدنى للأجور، ما يعني أن الزيادة الجديدة لن تحسن معيشة الأسرة التركية، إلا إن كان فيها اثنان أو أكثر يعملون، فاحتياجات المعيشة الأساسية لأسرة مكونة من خمسة أشخاص، تزيد برأيه عن 25 ألف ليرة تركية"، بحسب رأيه.

وشهد العام الماضي ومطلع العام الجاري ثلاث زيادات للأجور بتركيا، إذ لم يزد الحد الأدنى للأجور في ديسمبر/كانون الأول 2021 عن 2826 ليرة قبل رفعه في يناير/كانون الثاني من العام نفسه إلى 4253 ليرة ومن ثم رفعه في يوليو/ تموز 2022 إلى 5500 ليرة قبل الرفع مطلع العام الجاري 2023 إلى 8500 ليرة، وأخيرا إلى 11402 ليرة بداية من يوليو المقبل.

"الحكومة بالتوافق مع أرباب العمل، تحاول أن تقلل من الفارق بين التضخم والنفقات، وبين الأجور، بهذه الزيادة التي وصفها بالجيدة لكنها غير كافية"، كما يقول المحلل التركي، علاء الدين شنكولر، مستشهداً خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" بقول رئيس نقابة العمال خلال اجتماعات اللجنة أمس، إن الحل بتخفيض نسبة التضخم التي تزيد عن 35%، لأن استمرار رفع الأجور وضخ كتل من العملة التركية يزيد من العرض، وبالتالي من التضخم وتراجع سعر صرف الليرة.
ويقدر المحلل التركي نفقات الأسرة بأكثر من 20 ألف ليرة بواقع غلاء الأسعار المستمر "خاصة بعد الانتخابات وتراجع سعر صرف الليرة"، وأن نسبة الفقر ببلاده اليوم، بعد خسارة العملة أكثر من 20% من قيمتها هذا العام، تزيد عن 11% وفق تقديره وليست وفق بيانات رسمية.
ويكشف شنكولر أن ما يتردد عن أن 6 ملايين يتقاضون الحد الأدنى للأجور "غير دقيق"، إذ ثمة اتفاق بين الشركات والعمال لتسجيلهم ضمن قوائم الحد الأدنى، في حين يتقاضون أجوراً أعلى بكثير، والهدف هو التهرب من الضرائب على الأجر، كما أن بعض الشركات التركية لا تدخل جميع العمال ضمن قوائم الضمان الاجتماعي لتتهرب من الضريبة التي تصل إلى 4 آلاف ليرة شهريا عن كل عامل.

من جهته، علق مدير معهد إسطنبول للفكر، باكير أتاجان، على الزيادة الجديدة في أجور موظفي القطاع الخاص قائلا إن الزيادة مهمة قياساً لمتوسط الدخول العالمية "نحو 500 دولار"، ولكن هذه النسبة لا تكفي تكاليف المعيشة للأسرة التركية بعد ارتفاع الأسعار "يومياً تزيد الأسعار" وباتت تكاليف المعيشة أكثر من 700 دولار شهريا، بعد ارتفاع أسعار الطعام وأجور النقل وإيجار المنازل.

لكن أتاكجان يستدرك بأن الزيادة الحالية مؤقتة، إذ ستقوم الحكومة وقطاع الأعمال بمراقبة التضخم ومستوى الأسعار، ليصار إلى زيادة أخرى خلال العام الجاري "بعد ستة أشهر كحد أقصى" لتتناسب الدخول مع النفقات، لافتاً إلى أن نسبة قليلة من العمال تتقاضى الحد الأدنى، فمعظم عمال القطاع الخاص يتقاضون أجوراً شهرية تزيد عن 20 ألف ليرة" والمهرة منهم خاصة".

وتعاني تركيا من معدل تضخم مرتفع، رغم تراجع النسبة إلى 39.59% في مايو/أيار. وحسب الأرقام الرسمية، فإن 38% من 16 مليوناً و687 ألف موظف، أي ما يقرب من 6 ملايين و300 ألف، يتقاضون الحد الأدنى للأجور في تركيا. وانخفض التضخم السنوي في مايو، حيث قدمت الحكومة الغاز الطبيعي مجاناً، مما عوض ارتفاع أسعار السلع الأخرى.
يذكر أن البنك المركزي سيعقد اجتماعه الخاص بلجنة السياسة النقدية غدا الخميس، ومن المتوقع أن يبدأ رفع سعر الفائدة من 8.5% حالياً.
وكان التضخم أعلى بكثير من الهدف الرسمي البالغ 5% ولامس ذروة 24 عاماً عند 85.5% في أكتوبر، مما دفع أنقرة إلى رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 100% على مدار العام الماضي.
وكانت أزمة تكلفة المعيشة ناجمة إلى حد كبير عن تطبيق الحكومة سياسة غير تقليدية لخفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع الأسعار، مما أشعل "أزمة العملة" في أواخر عام 2021. وفقدت الليرة 21% أخرى حتى الآن هذا العام، معظمها بعد انتخابات مايو.

(الدولار= 23.63 ليرة)

المساهمون