بريطانيا تستعد لبريكست فوضوي بلا اتفاق

بريطانيا تستعد لبريكست فوضوي بلا اتفاق

12 ديسمبر 2020
ميناء صيد شرقي بريطانيا بينما يتوقع منع الأوروبيين من مياه المملكة بحلول 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

من نقص في المواد التموينية إلى اختناقات مرورية ضخمة وإغلاق مصانع... مشاهد عدة للفوضى بدأت تتشكل في بريطانيا، بينما تتعثر المفاوضات بين لندن وبروكسل للتوصل إلى اتفاق حول العلاقات المستقبلية، قبل ثلاثة أسابيع من الانفصال الفعلي للمملكة المتحدة عن السوق الموحدة.

منذ بداية الأسبوع، تحذر اتحادات مختلف القطاعات من الإضطرابات المنتظرة اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني 2021، إذ إنها تدرك أن العديد من الشركات لم تستعد للقفزة الكبرى خارج الاتحاد الأوروبي، سواء تم ذلك باتفاق أو بلا اتفاق.

وبعد اجتماع مع ممثلين لأوساط الأعمال، الثلاثاء الماضي، قال دارين جونز، الذي يرأس اللجنة البرلمانية للأعمال في ويستمنستر، إن "الشركات البريطانية ما زالت تأمل في أن يتم التوصل إلى اتفاق لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لكنها ستواجه اضطراباً اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني" أياً كانت نتيجة المفاوضات.

وأضاف جونز، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس، أن محاوريه حذروا من "نقص محتمل في المواد الغذائية وزيادة الأسعار، حتى في حال تم التوصل إلى اتفاق" ومن "تراكم في تكاليف صناعتنا للسيارات وكذلك مخاوف بشأن الخدمات المالية".

من جهته، قال جيمس سيبلي، مدير الشؤون الدولية في الاتحاد البريطاني للشركات الصغيرة، لشبكة "بي بي سي"، إنه يتوقع "اضطرابات رهيبة في يناير/ كانون الثاني".

وقد ظهرت بوادر هذه المشاكل. فمنذ أسابيع تعاني الموانئ من ازدحام وتواجه سلسلة التموين خللا. وتحاول العديد من الشركات تسلم مخزوناتها في وقت مبكر لتجنب الفوضى الشهر المقبل، أو أنها تطلب كميات أكبر من العادة لمحاولة التعويض عن التأخر الناجم عن تراكم الإنتاج خلال فترة الإغلاق الربيعي الطويلة.

ومنذ أيام، تسجل اختناقات مرورية كبيرة بصفوف تمتد لأميال في مرفأ دوفر. ويمكن أن يزداد الوضع سوءا بشكل كبير في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

وفي تقرير عن "أسوأ سيناريو معقول" هذا الصيف، تحدثت الحكومة البريطانية عن طوابير من سبعة آلاف شاحنة عالقة لمدة يومين على الطرق. وتوقعت إقامة مساحات واسعة لتوقف السيارات وإصدار تصاريح لدخول منطقة كنت بالقرب من ميناء دوفر.

حتى إن صحيفة "فايننشال تايمز" تحدثت، الخميس الماضي، عن خلية عمل تحمل اسم "دي 20"(ديسمبر 2020) مخصصة للسيناريوهات الفوضوية التي يمكن أن تنشأ بعد الأول من يناير/ كانون الثاني، بما في ذلك ازدحام هائل في مواقف السيارات الطارئة في حالة هطول أمطار شتوية غزيرة وانقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود.

وقالت الصحيفة إن وزير النقل غرانت شابس استأجر عبّارات طوارئ للتعامل مع انسداد الطرق لمدة ستة أشهر، لقاء 77 مليون جنيه إسترليني.

بدون اتفاقية تجارية بين بروكسل ولندن، سيتم، اعتبارا من مطلع الشهر المقبل، تطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية على البضائع بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن العديد من المنتجات ستخضع لرسوم جمركية وتحديد حصص وإجراءات إدارية لم تكن موجودة في السوق الموحدة.

وستسبب كل شاحنة ليست نظامية بالكامل تأخيراً لبضع دقائق في العبور، وقد يؤدي تراكم التأخير إلى طوابير لا نهاية لها حول الجمارك.

وهذا يكفي لتغيير سلاسل التوريد الراسخة، لا سيما صناعة السيارات، حيث يتم توزيع الإنتاج عبر أوروبا، ويعتمد على مخزون في الحد الأدنى من قطع الغيار لتقليل التكاليف.

ويهدد أي تأخير بعرقلة كبيرة. وهذا ما حدث مع الشركة اليابانية هوندا، التي علقت الإنتاج في مصنعها في سويندون، منذ الأربعاء الماضي، لعدم وجود عدد كافٍ من قطع الغيار، وتأمل في استئنافه الاثنين المقبل.

وقال جيمس سيجلي، الذي يستشهد بدراسة أجراها مكتب الأمن الفدرالي لأعضائه، إن حوالي ثلث الشركات الصغيرة والمتوسطة فقط تقول إنها مستعدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. كما بدأ القلق يتزايد لدى المقيمين في المملكة المتحدة بشأن احتمال حدوث نقص في الغذاء. وردا على سؤال لصحافيين عن إمكانية تخزين الطعام، بدا متحدث باسم الحكومة خلال الأسبوع الجاري مطمئنًا، وقال "لدينا سلسلة إمداد مرنة".

وردا على سؤال عن آلية "دي 20"، أجاب "نقوم بالتحضيرات لسيناريوهات مختلفة (...) مع نهاية الفترة الانتقالية وبشأن الضغوط التي قد نواجهها بنهاية الشتاء". ويدعو اتحاد أرباب العمل البريطانيين إلى "فترة سماح لقواعد المنشأ ووسم المنتجات، وتنفيذ ضوابط الحدود".

وتتعلق الخلافات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بثلاث نقاط رئيسية هي صيد السمك، وتسوية الخلافات في الاتفاقية المستقبلية، والضمانات التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي لندن حول المنافسة.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية وفق وكالة رويترز، اليوم السبت، إن أربع سفن دورية من البحرية الملكية ستكون مستعدة في الأول من يناير/ كانون الثاني، لحماية مياه الصيد البريطانية في حالة انتهاء الفترة الانتقالية للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق على العلاقات المستقبلية مع التكتل الأوروبي.

وهناك مخاوف من وقوع مناوشات بين سفن الصيد البريطانية والأجنبية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري. وتتيح القواعد الانتقالية السارية حالياً لسفن الاتحاد الأوروبي دخول المياه البريطانية، ولكن من المقرر انتهاء العمل بتلك القواعد في نهاية العام الجاري.

وستكون لسفن البحرية، وطول الواحدة منها 80 مترا، سلطة إيقاف وتفتيش والتحفظ على جميع سفن الصيد من الاتحاد الأوروبي التي تعمل في المنطقة الاقتصادية الخالصة لبريطانيا والتي يمكن أن تمتد مسافة 320 كيلومترا من الشاطئ.

المساهمون