المطورون العقاريون في مواجهة بنوك الجزائر: هوة التعثر تتسع

28 اغسطس 2022
أزمة القروض تزيد ركود القطاع العقاري (Getty)
+ الخط -

تتسع هوة القروض العقارية المتعثرة في الجزائر، في ظل الركود الذي يشهده القطاع، ما يضع الكثير من المطورين في مأزق بسبب ملاحقات البنوك لهم لتحصيل مديونياتها المتراكمة.

إلغاء المشاريع

وبدأت البنوك، خاصة العمومية، في إرسال إنذارات للمستثمرين العقاريين، لسداد القروض التي حصلوا عليها قبل سنوات بغرض إقامة مشاريع سكنية، وحذرت من اللجوء إلى القضاء لتحصيل مستحقاتها نقداً أو نقل ملكية المشاريع إليها، في خطوة أقلقت الكثير من المستثمرين العقاريين الذين باتوا يتخوفون من تعطل مشاريعهم أو إلغائها نهائياً.

يقول عبد القادر دويم، الذي يشيّد مجمعاً سكنياً راقياً في محافظة سطيف شرق العاصمة الجزائرلـ"العربي الجديد" إنه "تفاجأ بمراسلة من البنك الذي مول مشروعه السكني يخطره فيها بأنه مطالب بدفع 33% من قيمة القرض في أجل أقصاه 60 يوماً، وهذا عكس ما تم الاتفاق عليه".

ويضيف دويم أن "هذه الخطوة ستزيد الطين بلة فالقطاع يعاني من ركود كبير، وبالمقابل زادت نسبة الفائدة المقدرة بـ7% من حجم المصاريف في وقت لم أتلقَّ بعد أي عروض شراء لأن القانون يمنع البيع على التصاميم فكيف سأدفع للبنك؟".

وفي ظل هذه الظروف، يطالب المطورون العقاريون بتدخل وزارة الإسكان بالتوسط لدى البنوك لتفادي الكارثة في حال تعثر المشاريع السكنية التجارية، التي تمولها البنوك علي جبهتين، من خلال منح قروض للمستثمرين لإقامة المشاريع السكنية ومنح قروض للمواطنين لشراء المساكن.

وفي السياق، يقول نذير بلمسعود، عضو المنظمة الجزائرية للمرقين (المستثمرين) العقاريين إن " المنظمة راسلت الجهات الحكومية ذات الاختصاص من أجل التوسط لدى البنوك لإعادة جدولة ديون بعض المطورين العقاريين الذين تأخروا في دفع الأقساط".

ويشير بلمسعود في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن التعثر خارج إدارة الكثير من المطورين، رغم أن هناك البعض الذين يتحايلون على البنوك وعلى الزبائن من خلال تعطيل وتيرة إنجاز المشاريع لربح الوقت واستغلال الأموال في مشاريع أخرى وهي أمور ترفضها المنظمة.

ويلفت إلى أن "قطاع العقارات يمر بمرحلة حرجة جراء الركود، ويجب تدخل الحكومة من أجل إعطاء جرعة أوكسجين للقطاع القادر على خلق مئات آلاف فرص العمل في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الجزائر".

مواجهة نقص السيولة

لكن مصدراً مسؤولاً في جمعية البنوك، قال إن ملاحقة البنوك للمطورين العقاريين جاءت ضمن سلسلة إجراءات وضعتها المؤسسات المصرفية لمواجهة نقص السيولة لديها وكذلك خفض نسبة القروض المتعثرة، التي بلغت قرابة 80 مليار دولار، منها 18 مليار دولار قروضا عقارية، موجهة للمواطنين والمستثمرين العقاريين).

ويقول محمد العيد خضراوي، مدير فرعي في بنك "القرض الشعبي الوطني" إن "البنوك بدأت تتحرك فعلاً من أجل تحصيل الديون العالقة"، لافتا في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "البنوك بما فيها البنك الذي يمثله لم تخالف ما جرى الاتفاق عليه مع المقترضين (المستثمرين العقاريين)، بل وضعت بعض المعايير التي يتم بموجبها التحرك منها مدى التزام المُقترض بدفع الأقساط الدورية، بالإضافة إلى مدى تطور الأشغال في أعمال البناء مقارنة بالجدول الزمني المقدم للبنك".

ويضيف خضراوي أن "البنوك لا يمكنها التحرك دون سندٍ قانوني وما يقال من جانب البعض حول مخالفتنا لما جرى الاتفاق عليه مع المقترضين لا أساس له من الصحة". ويشير إلى وجود أزمة سيولة في المصارف، وهو ما دفعها للتحرك نحو تحصيل القروض المتعثرة في أقل وقتٍ ممكن.

وتقف البنوك الجزائرية عاجزة عن امتصاص الأموال المتداولة خارج شرايينها، الأمر الذي يرجعه مصرفيون إلى وجود أزمة ثقة خاصة في ظل الصعوبات التي واجهتها الدولة خلال السنوات الماضية.

دفعت الأزمة المالية التي تمر بها البلاد منذ منتصف 2014، الحكومات المتعاقبة منذ تلك السنة، لطرح عدة مبادرات، لامتصاص الأموال المتداولة خارج القنوات الرسمية أو تلك النائمة في البيوت الجزائرية، إلا أن النتائج كانت عكس توقعات الحكومة.

وتشير بعض التقديرات إلى أن 60% من الجزائريين يكتنزون أموالهم بالبيوت ويرفضون إيداعها بالبنوك، حيث يفضل هؤلاء اقتناء خزانة الأموال الحديدية التي ذاع صيتها خلال السنوات الأخيرة ووضعها في مكان آمن بالبيت.

حد أقصى للقروض

في المقابل، دفعت قروض المطورين العقاريين المتعثرة، البنوك إلى وضع حد أقصى للقروض الممنوحة للمواطنين لشراء المنازل، لتبلغ 12 مليون دينار (9 آلاف دولار)، وذلك كإجراءٍ احترازي، إلا أن مطورين عقاريين اعتبروا أن هذه الخطوة بمثابة خلط للأوراق، إذ كان يقتضى التفرقة بين المطور المتعثر وغيره الملتزم بالسداد ومخطط البناء.

وأشار مطورون إلى أن هذه الخطوة من جانب البنوك دفعت الكثير من من المواطنين إلى العزوف عن شراء مسكن جديد، ما جعل الكثير من المطورين في مواجهة خيارات صعبة، منها تقليص الأعمال ومراجعة هوامش الربح، وهو ما ينعكس سلباً على نشاط القطاع الحيوي.

المساهمون