المركزي الإسرائيلي بين خيارين مُرين اليوم... دعم الشيكل أو النمو

23 أكتوبر 2023
أمام أحد المصارف الإسرائيلية (ليوم مزراهي/Getty)
+ الخط -

قبل أسبوعين فقط، كان هناك من يعتقد أن بنك إسرائيل المركزي سيرفع سعر الفائدة مرة أخرى بنسبة 0.25 في المائة، أي من 4.75 في المائة الحالية إلى 5 في المائة، في قراره المقبل بشأن سعر الفائدة، المقرر صدوره الاثنين.

واستند هذا التقدير إلى قراءة مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس/آب، والذي كان مرتفعاً بشكل غير متوقع، وأشارت التقديرات إلى أن التضخم لم ينخفض وفقًا لتوقعات البنك.

وكان من المعتقد أن المزيد من رفع أسعار الفائدة أمر محتمل، حيث سعى بنك إسرائيل إلى إعادة معدل التضخم إلى نطاقه المستهدف البالغ 1-3 في المائة. وبدأت عملية "طوفان الأقصى"، وحصل انقلاب حاد في توقعات المحللين، وفقاً لموقع "غلوبس" الإسرائيلي.

يواجه البنك المركزي الإسرائيلي قراراً معقداً بشأن تحديد سعر الفائدة، إذ إنه أمام خيارين، إما دعم الشيكل أو النمو

اعتقد كثيرون في السوق في بداية الأسبوع الماضي أن بنك إسرائيل يجب أن يخفض سعر الفائدة في قراره القادم بنسبة 0.2 في المائة، أو حتى 0.75 في المائة، من أجل تعزيز الاقتصاد في ضوء التأثيرات السلبية للحرب، مع انخفاض حاد في الطلب والاستهلاك.

ويواجه البنك المركزي الإسرائيلي قراراً معقداً بشأن تحديد سعر الفائدة، إذ إنه أمام خيارين، إما دعم الشيكل أو النمو، إذ حيث عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من عدوان إسرائيلي على غزة، وانعكاسات ذلك على اقتصاد الاحتلال وسعر الشيكل، كلها عوامل تحرك مؤشرات الاقتصاد، وتجعل الأدوات النقدية غير ذات جدوى للسيطرة على سعر الصرف.

ويعقد بنك إسرائيل الأحد والاثنين المناقشات النهائية تمهيداً لإعلان سعر الفائدة، وكانت سلسلة زيادات أسعار الفائدة منذ إبريل/نيسان 2022 واحدة من أهم الأحداث الاقتصادية المحلية في العام ونصف العام الماضيين.

في القرارين السابقين بشأن سعر الفائدة، توقف بنك إسرائيل عن رفع أسعار الفائدة، لكن القرارين استمرا في جذب الانتباه على خلفية التضخم المرتفع وعدم اليقين المحيط باستمرار ولاية المحافظ أمير يارون على خلفية التوتر بينه وبين مكتبي رئيس الوزراء ووزير المالية. إضافة إلى مخاطر جيوسياسية أخرى ناتجة من التعديلات القضائية.

يشرح موقع "ذار ماركر" الإسرائيلي أن عزل يارون غير مطروح على الطاولة في الوقت الحالي، وكذلك رفع أسعار الفائدة مرة أخرى. ويظل السؤال المطروح هو ما إذا كان سعر الفائدة سيبقى عند مستواه الحالي أم سينخفض هذا الأسبوع، ويبدو هذا السؤال أقل أهمية بكثير مما بدا عليه حتى بداية أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

وتحديد سعر الفائدة يهدف إلى التأثير على التضخم، وهذا هو الهدف الأول في قائمة الأهداف التي يحددها القانون لبنك إسرائيل، لكن الأخير يركز هذه الأيام أكثر على هدف آخر: دعم استقرار النظام المالي وعملياته المنتظمة في ظل الآثار السلبية للحرب على الاقتصاد. ومن الممكن أن يكون قرار سعر الفائدة مصحوبًا بإعلان عن إجراءات إضافية مصممة لهذا الغرض.

قدر العديد من بيوت الاستثمار والبنوك الأسبوع الماضي أنه من المرجح أن تؤدي الحرب إلى زيادة التضخم

كان هذا هو الحال، في قرار سعر الفائدة الصادر في 6 إبريل/نيسان 2020، في الأسابيع الأولى لأزمة كورونا، إذ كان خفض سعر الفائدة مصحوبًا، من بين أمور أخرى، بالإعلان عن قروض للبنوك، بهدف تشجيعها على منح الائتمان للشركات.

وحتى لو كان تأثير قرار تحديد سعر الفائدة المرتقب على الاقتصاد على المدى القصير محدودا، فهذا لا يعني أنه قرار سهل، وفق "ذا ماركر"، وبالنظر إلى الأمر من وجهة نظر التأثير على التضخم، ربما يكون قرار سعر الفائدة الحالي واحدًا من أصعب القرارات في السنوات الأخيرة. ويلفت الموقع المتخصص إلى أن التقديرات المتعلقة بتأثير الوضع على مستوى الأسعار في الاقتصاد متناقضة.

ويشير البعض إلى أن الحرب ستزيد التضخم، ويتحدث آخرون عن تأثير معتدل على الأسعار، وكلهم يؤكدون أن فتح جبهات إضافية للحرب، وأي تغيير في الوضع العسكري، قد يغير الصورة.

وقدر العديد من بيوت الاستثمار والبنوك الأسبوع الماضي أنه من المرجح أن تؤدي الحرب إلى زيادة التضخم على المدى القصير، واعتداله على المديين المتوسط (حوالي عام) والطويل.

على المدى القصير، قد يحدث هذا لأسباب مثل ضعف الشيكل، ونقص المعروض من بعض الخضروات والمنتجات الغذائية، وانخفاض المعروض من الرحلات الجوية، ومشكلة العرض في الخدمات الإضافية، ويرجع ذلك جزئيا إلى إغلاق المتاجر في مناطق وصناعات معينة.

وفي الأمد المتوسط فإن ما قد يكبح التضخم فعلياً هو التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي، وربما أيضاً ارتفاع معدلات البطالة.

وفي كل الأحوال فإن العامل الذي من المتوقع أن يكون له التأثير الأقوى على الأسعار في الاقتصاد الإسرائيلي على المدى المتوسط هو سعر صرف الشيكل، بحسب "ذا ماركر".

بنك إسرائيل مصمم على منع الانهيار المفرط للشيكل، ولذلك أعلن في بداية الحرب عن خطة لبيع ما يصل إلى 30 مليار دولار من احتياطيات إسرائيل من النقد الأجنبي، والتي بلغت 198.6 مليار دولار في نهاية العام الماضي، وتتضمن الخطة أيضًا تنفيذ عمليات المبادلة لتوفير السيولة.

بنك إسرائيل مصمم على منع الانهيار المفرط للشيكل، ولذلك أعلن في بداية الحرب عن خطة لبيع 30 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي

يعلم بنك إسرائيل أنه إذا عملت القوى الاقتصادية الأساسية ضده، فلن يتمكن من منع ضعف الشيكل مع مرور الوقت. في الواقع، في الأسبوعين الأخيرين، قفز السعر التمثيلي للدولار بنسبة 4.8 في المائة، ليصل إلى 4.049 شواكل يوم الجمعة الماضي.

في هذا الوقت، ستؤثر الأخبار الواردة من الحرب على سعر الصرف أكثر من أي قرار اتخذته اللجنة النقدية يوم الاثنين. قد يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت بنك إسرائيل يلمح يوم الثلاثاء الماضي إلى أن التوقعات التي تحدثت في السوق عن تخفيض حاد وسريع لسعر الفائدة، مبالغ فيها.

وفي الإعلان الذي نشره البنك المركزي، أكد على الأدوات الأخرى التي اتخذها لتهدئة الأوضاع، وزعم أن "أداة" بيع الدولارات لم تنجح في سوق الصرف الأجنبي فحسب، بل "ساهمت في استقرار واسترخاء الأسواق الأخرى".

في الإعلان، تم التأكيد مرة أخرى على المخاطر الكامنة في انخفاض قيمة الشيكل، وقد يساهم تخفيض أسعار الفائدة في الوقت الحاضر في مزيد من التخفيض، وهو أمر غير مرغوب فيه بالطبع في نظر بنك إسرائيل.

وفي استطلاع أجرته وكالة بلومبيرغ بين الاقتصاديين في الأيام الأخيرة، توقع واحد فقط من بين 15 مشاركًا خفض سعر الفائدة هذا الأسبوع إلى 4.5 في المائة.

وتوقع الجميع أن يظل سعر الفائدة دون تغيير في الوقت الحالي عند 4.75 في المائة. يقول ديفيد ريزنيك، كبير محللي الدخل الثابت في بنك لئومي لموقع "غلوبس": "إن الفهم بأن الحرب في الجنوب ستكون طويلة، مع آثار واسعة النطاق، مثل التباطؤ الاقتصادي الحاد، أدى إلى وجهة نظر مفادها بأن سعر الفائدة بحاجة إلى الانخفاض".

وقد أكد بنك إسرائيل أنه يرى أن انخفاض قيمة الشيكل مقابل الدولار هو الخطر الأكبر فيما يتعلق بالتضخم، بسبب ارتفاع الأسعار الذي يسببه، وبالتالي يبدو وفق ريزنيك أنه لا يخطط "لخفض كبير في أسعار الفائدة، ولكن قد يلجأ إلى خفض رمزي فقط، إن وجد".

وقال: "يتلقى الاقتصاد ضربة قاسية خلال فترة الحرب، ونتوقع انخفاضًا قويًا في النمو وارتفاعًا كبيرًا في العجز المالي. لذلك اعتقدت السوق في البداية أن بنك إسرائيل سيرغب في تعزيز الاقتصاد من خلال خفض سعر الفائدة".

من المتوقع أن تتسبب الحرب في إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي وآفاق النمو، وفقاً لموقع "تايمز أوف إسرائيل"

من المتوقع أن تتسبب الحرب في إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي وآفاق النمو، وفقاً لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، ولكنها قد تؤدي إلى انخفاض التضخم حيث يميل المستهلكون إلى إنفاق أقل وتبدأ الأسعار في الانخفاض.

وأوضح الاقتصادي الإسرائيلي غاي بيتور في حديث مع الموقع ذاته، أن إسرائيل دخلت الحرب مع حماس مع ضعف زخم النمو في الاقتصاد في الأشهر الأخيرة وبدأ عبء الفائدة المرتفع يؤثر سلبًا على الأسر وأصحاب الرهن العقاري.

وفيما لا تزال وكالة ستاندرد أند بورز غائبة عن السمع فيما يتعلق بتقييم المخاطر في الاقتصاد الإسرائيلي، أعلنت شركتا التصنيف "فيتش" و"موديز" الأسبوع الماضي، أنهما قررتا في أعقاب الحرب وضع التصنيف الائتماني للحكومة الإسرائيلية قيد المراجعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تخفيض تصنيفها. لكن من الناحية العملية، لم تخفض التصنيف فعلياً حتى الآن.

المساهمون