العراق: تراجع الخزين الاستراتيجي للقمح

العراق: تراجع الخزين الاستراتيجي للقمح

04 مارس 2022
انخفاض إنتاج القمح يدفع البلاد نحو الاستيراد من الخارج (Getty)
+ الخط -

دفعت التأثيرات المتزايدة لأزمة المياه التي يمر بها العراق، حكومة بغداد، إلى وضع خطة لاستيراد محصول القمح، الذي حققت فيه البلاد على مدى عدة سنوات ماضية اكتفاء ذاتيا، مؤكدة حاجة البلاد إلى نحو 3 ملايين طن من المحصول لسد النقص الحاصل في الإنتاج.

وأجبرت أزمة المياه التي تمر بها البلاد، بسبب استمرار قطع إيران روافد الأنهار باتجاه المحافظات العراقية ومشاريع سدود تركية على نهري دجلة والفرات، وزارة الزراعة العراقية، على تقليص الخطة الزراعية إلى النصف، لتنحسر المساحات المزروعة بالمحصول بشكل كبير جدا، ما أجبر الوزارة على وضع خطط للاستيراد.

وحسب مراقبين، سيؤدي اندفاع العراق للاستيراد إلى تحمّل فاتورة مالية باهظة، بسبب ارتفاع أسعار القمح عالمياً في ظل تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقفزت أسعار القمح إلى أعلى مستوى لها منذ 14 عاما، مواصلة المسار الصعودي بعد مرور نحو أسبوع من الحرب. وتستحوذ أوكرانيا وروسيا معا على نحو 29% من صادرات القمح العالمية.

المساحة المزروعة تتراجع

ووفقا للمتحدث باسم وزير الزراعة، هادي هاشم حسين، فإنه "بحسب الخطة الشتوية لمحصول القمح، تراجع إجمالي المساحة المزروعة بالقمح في البلاد إلى 7 ملايين دونم، مقارنة بالعام الماضي الذي زرعت خلاله 11 مليون دونم"، مؤكدا، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "خفض الخطة سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج الكلّي للقمح بنحو مليونين ونصف المليون إلى 3 ملايين طن في الموسم".

وأشار إلى أن "مساعي الوزارة من خلال دعوة وزارة التجارة لتسلُّم المحاصيل المنتجة كافة حتى خارج الخطة، قد يؤدي إلى إضافة كميات من الإنتاج الكلّي لمحصول القمح".

وكان العراق قد حقق في العام الماضي 2021، وللموسم الثالث على التوالي، اكتفاء ذاتيا من محصول القمح، حيث أنتج سنويا ما بين 4.5 إلى 5 ملايين طن، على الرغم من عمليات حرق منظّمة طاولت مساحات شاسعة من المحصول.

زيادة سعر الدقيق وخطط للاستيراد

النقص الكبير في كميات الخزين الاستراتيجي، تسبب منذ الأشهر الأخيرة من العام الفائت 2021 في زيادة أسعار الطحين (الدقيق)، ما أدى تلقائيا إلى زيادة أسعار الخبز، الأمر الذي دفع الحكومة إلى وضع خطط لاستيراد القمح، بما يضمن توفير خزين استراتيجي للبلد، يحول دون دخوله في أزمات.

وتبنّت وزارة التجارة وضع خطط الاستيراد بالتنسيق مع وزارة الزراعة لتحديد الكميات المطلوبة. وقال المدير العام لشركة المواد الغذائية بوزارة التجارة، محمد حنون، إن "الوزارة تعاقدت مع أستراليا لتوريد القمح منها وبكميات جيدة"، مؤكدا، في تصريح متلفز، أن "لدى الوزارة إجراءات أكثر فاعلية لمواجهة أزمة الطحين في حال استمرت طويلا".

وأشار إلى أن "الموسم الزراعي الحالي غير مطمئن، وأن مستوى إنتاج المحصول لن يكفي حاجة البلاد، الأمر الذي استدعى التوجه نحو الاستيراد، الذي سيكون ضمن الحاجة الفعلية، وتوفير خزين استراتيجي كاف للبلاد".

لا حلول لأزمة المياه مع إيران

في الأثناء، أكد مسؤول في وزارة الموارد المائية العراقية، أن إيران رفضت جميع الحلول التي قدمها العراق.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة بغداد أجرت اتصالات مجددا مع المسؤولين الإيرانيين، بشأن أزمة المياه، وعرضت عليها حلولا جديدة لتقاسم الضرر، إلا أن إيران رفضت جميع تلك الحلول".

وشدد على أن "ملف المياه مع إيران وصل إلى طريق مسدود، وأن استمرار الأزمة يجبر العراق على الاستمرار في خطته الزراعية التي تقلصت فيها المساحات المزروعة إلى النصف"، مؤكدا أن "استمرار هذه الخطة يدفع الحكومة نحو الاعتماد على الاستيراد، ليس في محصول القمح فقط، بل في محاصيل عدة".

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية أنها قررت رفع دعوى في المحاكم الدولية ضد إيران، بسبب قطعها المياه عن البلاد، وامتناعها عن تقاسم الضرر معه.

وأكدت الوزارة أنه تم تقديم كتاب رسمي إلى وزارة الخارجية العراقية، لرفع دعوى إلى محكمة العدل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان ضد إيران، إلا أنه لغاية الآن لم تتقدم بغداد بأي خطوة رسمية حيال ذلك في المحافل الدولية.