الصادرات المغربية لإسرائيل زادت قبل أن تقلصها المقاطعة

الصادرات المغربية لإسرائيل زادت قبل أن تقلصها المقاطعة

28 فبراير 2024
احتجاج سابق في المغرب ضد التطبيع مع إسرائيل (العربي الجديد)
+ الخط -

استمرت وتيرة التبادل التجاري بين كل من المغرب والاحتلال الإسرائيلي رغم مرور 144 يوماً من العدوان الإسرائيلي على غزة، ولكن حملات المقاطعة استطاعت أن تهبط بمعدل الصادرات المغربية إلى إسرائيل بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة.

وتشير آخر بيانات صادرة عن وحدة تدبير التجارة الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة الإسرائيلية، إلى أن المبادلات التجارية مع المغرب ارتفعت في العشرة أشهر الأولى من العام الماضي بنسبة 112 في المائة لتستقر في حدو 94 مليون دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

غير أن المصدر نفسه يلاحظ أن تلك المبادلات اتخذت منحى هبوطياً في أكتوبر/ تشرين الأول بنسبة 61 في المائة، متأثرة بتداعيات الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة إثر انطلاق عمليات طوفان الأقصى.

لكن لا تتوفر بيانات رسمية مغربية توضح جلياً وضعية صادرات المغرب نحو إسرائيل، علماً أن المبادلات التجارية بينهما وصلت إلى 55.7 مليون دولار في عام 2022، بحسب تقرير لمعهد اتفاقات أبراهام للسلام، الذي يحيل على المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، إذ ارتفعت تدفقات الصادرات والواردات بنسبة 32 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله.

وفي إطار تداعيات المقاطعة الشعبية المتواصلة لسلع الشركات الداعمة للاحتلال، سارعت شركة مغربية متخصصة في إنتاج الكسكس، مساء أول من أمس الاثنين، إلى نفي إبرام أي اتفاق من أجل تصدير الكسكس إلى إسرائيل.

واعتبرت أن ما راج حول عرض منتجاتها في سوق دول الاحتلال مجرد إشاعة، وأوضحت الشركة أنها لا تنوي التصدير إلى تلك السوق. ويصنع الكسكس من سميد القمح القاسي أو الذرة، ويدور على شكل حبيبات صغيرة، ويمكن إضافة قطع لحم أو دجاج إليه.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

جاءت توضيحات شركة DARI، المدرجة في بورصة الدار البيضاء، والرائدة في مجالها في المغرب، بعدما لوّح مغاربة في وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة بمقاطعة منتجات شركة تعرض الكسكس، زعم بعضهم أن منتجاتها تباع في السوق الإسرائيلية.

ولم يخفت استنفار المغاربة الذي عبروا، منذ الحرب على غزة عن موقف مقاطع لسلع الشركات العالمية التي تتعامل مع إسرائيل، وهم يراقبون ما قد يكون سلوك شركات محلية وعلاقتها مع سوق دولة الاحتلال.

ويلاحظ الناشط الحقوقي المغربي اليهودي المناهض للاحتلال وللصهيونية، سيون أسيدون، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المقاطعة منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، جاءت بطريقة تلقائية في المغرب من مواطنين أغضبهم ما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي من تقتيل في حق الفلسطينيين.

ورغم عدم توفر بيانات حول وضعية المبادلات التجارية بين البلدين، إلا أن أسيدون الذي يعتبر من بين مؤسسي حركة "بي دي إس"، التي أطلقت منذ 2005 نداء عبر العالم من أجل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل، يؤكد أنه يفترض أن تتراجع وتيرة التصدير نحو إسرائيل بعد الحرب التي تشنها على غزة.

لم يخفت استنفار المغاربة الذي عبروا، منذ الحرب على غزة عن موقف مقاطع لسلع الشركات العالمية التي تتعامل مع إسرائيل

ويتجلى أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسرائيل ما زالت ضعيفة، غير أنه كان ينتظر أن تتطور بالنظر إلى النيات التي سبق أن عبّر عنها الطرفان، حين تمت المراهنة على رفع المبادلات التجارية.

وكانت كبيرة الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، شيرا غرنسبيرغ، رأت في 2021 أن الاتفاقات التجارية الموقعة بين المغرب وإسرائيل ستساهم بـ500 مليون دولار في التدفقات التجارية، غير أن ذلك يبقى مجرد توقعات وفق محللين.

ويتصور رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولي، جواد الكردودري، أن الحرب على غزة تفضي إلى إرباك العلاقات الاقتصادية والتجارية، بل توقفها، خاصة في سياق الرفض للعدوان على الفلسطينيين.

ويوضح أن وسائل نقل السلع تأثرت بتداعيات الحرب على غزة، ضاربة مثلاً بالناقلة الإسرائيلية "العال" التي قررت تعليق رحلاتها نحو المغرب منذ الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وهو القرار ذاته الذي اتخذته الناقلة المغربية الخطوط الملكية المغربية بعد السابع من أكتوبر. وقد أعلنت الناقلة الإسرائيلية أخيراً عدم اعتزامها استئناف أنشطتها في إبريل/ نيسان المقبل وفي فترة الصيف أيضاً، بالنظر إلى الوضع الأمني وانخفاض الطلب.

ويتجلى أن تراجع الصادرات المغربية إلى إسرائيل لن يؤثر سلباً على الميزان التجاري للمملكة على اعتبار أن العلاقات الاقتصادية بدأت بصعوبة في الاسترشاد باتفاقيات أريد منها تسهيل الاستثمارات والمبادلات التجارية بين الجانبين.

وطبّع المغرب مع إسرائيل قبل أكثر من ثلاثة أعوام، غير أنه يتمسك بالموقف الرامي إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وفق حل الدولتين المتوافق عليه دولياً.

وبحث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه، وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة، فقد أكد بوريطة، أول من أمس، في مؤتمر صحافي، مسألة خلق عملية سياسية وعدم تهجير الفلسطينيين والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس.

وكان المغرب عبر عن خيبة من تقاعس المجتمع الدولي وعدم تحمل مجلس الأمن لمسؤولياته، وعجز الدول المؤثرة، عن وضع حد لهذا الوضع الكارثي، داعياً إلى وقف لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لتيسير دخول المساعدات بسرعة واستدامة بدون عوائق والتوجه نحو أفق سياسي للقضية الفلسطينية ينعش حل الدولتين.

المساهمون