السياحة التونسية ضحية ضربات السياسة وكورونا

السياحة التونسية ضحية ضربات السياسة وكورونا

02 اغسطس 2021
القطاع السياحي تكبّد خسائر باهظة (الأناضول)
+ الخط -

يتواصل الغموض بشأن ارتدادات التطورات السياسية التي تعيشها تونس هذه الايام على مستقبل صناعة السياحة، أبرز مورد للنقد الأجنبي، وموقف كبار متعهدي الرحلات من المرحلة الجديدة، فيما يكابد القطاع للخروج من تداعيات أزمة كورونا التي تسببت في إفشال موسمين متتاليين.
ورغم بروز بوادر لتخطي البلاد تداعيات جائحة كورونا بتكثيف اللقاح والتحوّل إلى وجهة سياحية آمنة من خطر الوباء، فإنّ انتظار إعادة ترتيب البيت السياسي ما زال متواصلاً وسط ترقب الداخل والخارج لمآلات قرارات الرئيس قيس سعيّد الانقلابية ليل 25 يوليو/ تموز الماضي.
وقادت وزارة السياحة خلال الأشهر الماضية مساعي لإقناع كبار متعهدي السياحة في العالم إلى برمجة رحلات إلى تونس تزامناً مع تقدم حملات اللقاح ضد فيروس كورونا، بهدف ضمان استعادة القطاع حيويته مع بداية العام المقبل.

غير أنّ عودة التوتر السياسي وحظر التجوال في البلاد تهدد بإحباط الجهود الرسمية لإنعاش القطاع الذي يوفر الدخل لنحو 400 ألف تونسي، اضافة إلى أهميته القصوى في تدبير النقد الأجنبي اللازم لتمويل التجارة الخارجية وسداد أعباء الديون المستحقة على البلاد.

تراجع عائدات القطاع السياحي في تونس 65% خلال السنة الحالية، وتقلّص عدد الوافدين إلى هذا البلد الذي تعتبر السياحة أهم مرتكزات اقتصاده بنسبة 78%

وتعتبر الجامعة التونسية للنزل (اتحاد فندقي غير حكومي) أنّ تراكم الأزمات الظرفية في القطاع سببه عدم الاستقرار السياسية والأمني بالبلاد منذ عام 2011.
وأكدت الجامعة في بيان لها يوم 14 يوليو/ تموز الماضي، أنّ عدم وضوح الرؤية وعدم قدرة الدولة على إدارة الأزمة بالشكل الذي يسمح بعودة المياه إلى مجاريها، يكبد القطاع سنة بيضاء (بلا نشاط) ثانية على التوالي متسببة في أزمة غير مسبوقة للسياحة التونسية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكد عدد من أصحاب الفنادق أنّ ''هذه الضربة القاصمة" ستجبرهم على إغلاق مؤسساتهم لعدم قدرتهم على تحمل العبء المالي للأزمة بمفردهم، وما سيتأتى من ذلك من أوضاع اجتماعية سيئة للعاملين في هذا القطاع الهش.
وقال كاتب عام جامعة وكالات الأسفار، ظافر لطيّف، لـ"العربي الجديد" إنّ القطاع لم يسجّل أي ردة فعل من الأسواق الخارجية عقب التدابير التي أعلن عنها سعيّد، مفسرا ذلك بتعطّل الحجوزات بسبب الجائحة.
وأكد لطيّف أنّه "لم تكن هناك حجوزات من الأسواق الخارجية هذا العام لذلك لم يشعر القطاع بأيّ ردة فعل"، لكنّه قال إنّ غياب أيّ مظاهر للعنف أو الاحتجاجات الاجتماعية يبعث برسائل إيجابية للأسواق الخارجية التي قد تعيد برمجة تونس على خريطة الرحلات بعد التعافي من الأزمة الصحية.
ومرّت صناعة السياحة خلال السنوات العشر الماضية بفترات صعبة تسببت في خسائر كبيرة للقطاع عالجتها الحكومات بالدعم المالي والضريبي، ومنع موجات تسريح كبيرة للعاملين فيه.

مرّت صناعة السياحة خلال السنوات العشر الماضية بفترات صعبة تسببت في خسائر كبيرة للقطاع عالجتها الحكومات بالدعم المالي والضريبي، ومنع موجات تسريح كبيرة للعاملين فيه

وبلغت نسبة انتشار المتحور الهندي "دلتا" من كورونا، 90 في المائة من مجموع الإصابات بالفيروس في تونس بما يجعلها في المرتبة الأولى عالميا في مستوى انتشار هذا المتحور، وفق ما كشفه عضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، رياض دغفوس.
وقال دعفوس في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات" إنّ نسبة انتشار المتحور الهندي في تونس تجاوزت نطاق انتشارها في الهند حيث ظهر لأول مرة، مشيراً إلى أنّ احتواء مخاطر هذا المتحور، سريع الانتشار، يتطلب الالتزام بقواعد الوقاية، والتسريع في إنجاز حملة التطعيم المضاد لكورونا.
ويعتبر الأستاذ الجامعي والخبير المتخصص في القطاع السياحي، معز قاسم، أنّ صناعة السياحة في تونس ما قبل الجائحة الصحية لن تكون هي ذاتها ما بعد كورونا، مشدداً على ضرورة وضع المهنيين للاستراتيجيات اللازمة لتسهيل العودة السريعة للقطاع، وفقاً للمتطلبات الجديدة للسائحين والأسواق العالمية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأفاد قاسم في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ المشرفين على القطاع مطالبون بإعادة ترتيب البيت الداخلي والاستجابة لمطالب السائح ما بعد الجائحة الصحية بوضع البروتوكولات اللازمة وإعادة تأهيل اليد العاملة وفق الحاجيات الجديدة للأسواق.

وبحسب قاسم فإنّ عودة القطاع السياحي إلى سالف نشاطه تتأثر أساساً بالقرارات التي تتخذها الأسواق الخارجية، لا سيما المتعلقة منها بتدابير السفر والحركة بين البلدان، معتبراً أنّ تواصل تصاعد الوباء في تونس يضعها ضمن البلدان المهددة بمنع السفر.
أما في ما يتعلّق بتأثير الوضع السياسي على سوق السياحة، فقال قاسم إنّه شأن داخلي ولا يهم الأسواق السياحية طالما لم تنحرف الاحتجاجات نحو العنف أو ما يمكن أن يهدد سلامة الوافدين.

قدّرت خسائر القطاع خلال العام الماضي، بأكثر من 6 مليارات دينار (2.1 مليار دولار) حسب أرقام وزير السياحة التونسي، الحبيب عمار نهاية يونيو/ حزيران الماضي

وبحسب بيانات رسمية، تراجعت عائدات القطاع السياحي في تونس 65 في المائة خلال السنة الحالية، وتقلّص عدد الوافدين إلى هذا البلد الذي تعتبر السياحة أهم مرتكزات اقتصاده بنسبة 78 في المائة.
وقدّرت خسائر القطاع خلال العام الماضي، بأكثر من 6 مليارات دينار (2.1 مليار دولار). أرقام أفصح عنها وزير السياحة التونسي، الحبيب عمار، في تصريحات إعلامية نهاية يونيو/ حزيران الماضي.
وقال عمار إنّ وضع القطاع السياحي في تونس يتطلب خططاً عاجلة لإنقاذ الموسم الحالي والمواسم المقبلة، مرجحاً تعافي السياحة عام 2022 مع تقدم حملات التطعيم في البلاد وتحسن الوضع الاقتصادي الداخلي والعالمي.

المساهمون