الجزائر: التخزين يؤرّق مزارعي القمح مع نهاية موسم الحصاد

08 اغسطس 2022
المزارعون يتخوفون من خسائر كبيرة خلال الموسم الجاري (Getty)
+ الخط -

يعيش فلاحو الجزائر ضغطاً كبيراً مع وصول موسم حصاد القمح إلى النهاية، وذلك بسبب مشكلة التخزين التي باتت تؤرق المنتجين ودواوين الحبوب الحكومية، التي باتت عاجزة عن شراء المحاصيل منذ نهاية يوليو/ تموز المنصرم، ما دفع الحكومة إلى التدخل، عبر استئجار مستودعات وغرف تبريد، لاستيعاب 32 مليون قنطار من القمح يُنتظر جمعها بنهاية موسم الحصاد.

يأتي ذلك بالموازاة مع طرح الجزائر مناقصات جديدة لشراء القمح من دول أوروبية. وكشف فلاحون لـ "العربي الجديد" عن تسجيل نقائص في عملية تخزين محاصيل القمح والشعير، خلال موسم الحصاد الحالي، وكذا تفاوت الأسعار من ولاية إلى أخرى.

مصاريف النقل

في ولاية البويرة (110 كيلومترات شرق العاصمة الجزائرية) أكد فلاحون أنّهم يفضلون عدم دفع محاصيلهم من القمح وحتى الشعير، إلى دواوين الحبوب، بسبب نقص مستودعات التخزين، وعرض الحكومة أسعاراً أقل من سعر السوق.

وفي السياق، أوضح الفلاح من ولاية البويرة عبد الهادي بولعراس أنه فضل تخزين نصف محصوله من القمح وفق إمكانياته الخاصة، وترك النصف الآخر في مكان حصده، لتفادي دفع مصاريف النقل إلى دواوين الحبوب الحكومية، بعدما اضطر للانتظار أكثر من 48 ساعة في الشاحنة شهر يونيو/حزيران الماضي لبيع أول دفعة من محاصيل القمح.

وأضاف أنّ مشكلة التخزين باتت تؤرق الفلاحين، بسبب ارتفاع حجم محاصيل هذه السنة، فيما تبقى مشكلة سعر الشراء، إذ إنّ ما تقدمه دواوين الحبوب ضئيل، ولا يغطي ما ينفقه الفلاحون طيلة الموسم من ري وأسمدة وإيجار ماكينات الحرث والحصاد.

وفي ولاية الوادي جنوبي الجزائر، عبّر الفلاحون المنتجون للقمح بدورهم عن خيبة أملهم، بعد عجز دواوين الحبوب والبقول الجافة عن استيعاب المحصول الوفير للقمح والشعير، والذي وصل إلى أكثر من 150 ألف قنطار، حسب التوقعات الأولية التي حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر مطلعة.

وكشف الفلاح الحاج محمد تهامي أنه بعدما استكمل حملة الحصاد استأجر شاحنتين لنقل محصول القمح اللين والشعير، واضطر للانتظار في طابور طويل أمام مقر الديوان الجزائري للحبوب على بعد 180 كيلومتراً من حقله، مع العلم أنه لا يُسمح إلا لعدد محدود منها بتفريغ حمولتها، بسبب القدرة التخزينية الضئيلة للتعاونية والتي لا تتجاوز 25 ألف قنطار فقط.

خسائر مادية فادحة

وأوضح الفلاح الجزائري أنّ "الفلاحين يتكبدون خسائر مادية فادحة بسبب دفعهم مستحقات إيجار الشاحنات، كون هذه الأخيرة تبقى لأيام قبل أن تفرّغ حمولتها، نحن لا نعرف الجدوى من إقامة مخازن في دواوين لا تستطيع حتى استقبال نسبة قليلة من الإنتاج، رغم أنّ المستودعات أنجزت حديثاً، كما أنّ القائمين على قطاع الفلاحة على دراية بأن المساحات المزروعة من الأراضي الفلاحية بالحبوب آخذة في التوسّع سنة بعد أخرى، لتأتي مشاكل تخزينية مثل هذه لتكبح عزيمة الفلاحين".

وأضاف: "نتخوف من عدم بيع محاصيل القمح هذا العام، وبالتالي عدم الحصول على البذور للعام المقبل".
ومما يزيد من متاعب الفلاحين هو إلزام الحكومة منتجي القمح ببيع جميع محاصيلهم من القمح والشعير للدواوين، بدءاً من أغسطس/ آب الحالي، بعد صدور القرار الذي تضمنته الموازنة التكميلية للسنة الحالية في الجريدة الرسمية، وذلك بعد تسجيل الحكومة نسبة جمع للمحاصيل لم تتعدَّ 50 بالمائة منذ بداية موسم حصاد السنة الحالية الذي انطلق منتصف مايو/ أيار الماضي.

يضاف إلى كل هذا، تسريع الجزائر وتيرة استيراد القمح لمواجهة ارتفاع الطلب الداخلي، وسد العجز المقدّر بحوالي 6 إلى 8 ملايين طن من هذه المادة.

كشف الفلاح الحاج محمد تهامي أنه بعدما استكمل حملة الحصاد استأجر شاحنتين لنقل محصول القمح اللين والشعير، واضطر للانتظار في طابور طويل أمام مقر الديوان الجزائري للحبوب

من جانبه، كشف المدير المركزي بوزارة الفلاحة الجزائرية عبد النور شويبي أنّ "مشكلة التخزين ليست بالحجم الذي يصوّره الفلاحون، فهناك تفاوت في طاقات التخزين بين ولاية وأخرى، وقد أمرنا دواوين الحبوب بالاستعانة بمستودعات الدواوين الأقرب في حال تسجيل مساحات فارغة، وفي حال تعذر ذلك يمكن للديوان الجهوي أن يلجأ إلى إيجار مساحات لمدة قصيرة، كما أمرنا بتمديد ساعات استقبال المحاصيل من 8 إلى 10 ساعات يومياً حسب طول طوابير الشاحنات".

كما أوضح شويبي لـ "العربي الجديد" أنّ "بعض الفلاحين يفتعلون مشكلة التخزين لبيع محاصيل الشعير مباشرة لمربي الماشية أو للمطاحن، وهذا منافٍ للقوانين، رغم استفادتهم من بذور القمح والشعير مدعمة من خزينة الدولة، وبعد عملية الحصاد ستكون هناك عملية إحصاء دقيقة لمعرفة أين توجّهت كميات القمح والشعير المنتجة والتي لم تدخل مخازن الحكومة".

المساهمون