التصدير يرفع سعر الجانرك في إدلب السورية

27 مايو 2024
تراجع محصول الجانرك أحد أسباب ارتفاع أسعاره / إدلب سورية 27 مايو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ارتفاع أسعار الجانرك بسبب فتح باب التصدير إلى تركيا ومناطق أخرى، مما أفاد المزارعين في ريف العاصي بالشمال السوري وحرم السكان المحليين من الحصول عليه بسهولة.
- المزارعون يواجهون تحديات متعددة بما في ذلك التغير المناخي، الحالة الأمنية، تكاليف الإنتاج العالية، وعقبات التصدير التي تؤثر سلبًا على الأسعار المحلية.
- التاجر زياد ككو يسلط الضوء على التحديات المرتبطة بعملية التصدير مثل نقص برادات الحفظ والرسوم العالية، مما يجعل الربح غير مضمون ويسهم في ارتفاع الأسعار محليًا.

واجه موسم الجانرك (البرقوق الأخضر) ارتفاعا في أسعاره هذا العام بسبب فتح باب التصدير عبر بعض التجار الذين يمتلكون مفاتيح التصدير إلى تركيا أو عبر المعابر مع مناطق النفوذ الأخرى، ما عاد بالفائدة على المزارعين بينما حرم السكان المحليين من شرائه في الوقت الذي يعاني فيه السواد الأعظم الفقر المدقع جراء البطالة والنزوح وانعدام وسائل الدخل.

وتعتبر ثمرة الجانرك من أنواع الفاكهة التي يفضلها الكثيرون لحموضتها المعتدلة والموشحة بالحلاوة والنكهة العطرية اللذيذة، ويعتبر موسمها الموسم الرئيسي للمزارعين في ريف العاصي بالشمال السوري بما فيها دركوش وسلقين وحارم. وتحتاج شجرة الجانرك إلى الكثير من العناية، وهي شجرة استراتيجية للمزارع لأنها تطرح ثمارها في وقت محدد من السنة وهو شهرا إبريل/نيسان ومايو/أيار والتي تندر فيها الفاكهة الطازجة في الأسواق وفق ما قاله المزارع عبد الملك دبل لـ"العربي الجديد".

وأضاف دبل أن موسم الجانرك لهذا العام كان موسماً خجولاً بالكمية حيث أثرت عليه عوامل التغير المناخي وعوامل أخرى ما عاد بعكس ما يتمناه المزارع، خاصة أن إنتاج الجانرك يتطلب مصاريف كبيرة من أسمدة وأدوية متنوعة وحراثة وأعمال شتى تكلف المزارع الكثير من المال والجهد.

وأشار دبل إلى أن "الحالة الأمنية غير المستقرة للمنطقة انعكست سلباً على تصريف المنتج وأسعاره المحلية المتدنية، فالطرق مغلقة والحصار الخانق مفروض على المنطقة مما أجهد المزارع وجعله عرضة للفاقة والعوز"، مناشداً "المعنيين لإنقاذ ما تبقى من شجرة الجانرك وغيرها من أنواع الفاكهة الموسمية التي تعتبر السلة الغذائية للمنطقة والدول المجاورة".

وأوضح أن أسعار الجانرك تأرجحت هذا العام متأثرة بقانون العرض والطلب وقانون عنق الزجاجة المغلق على المنطقة، حيث كانت الأسعار بداية الموسم مشجعة، إذ لامست ما يعادل أربعة دولارات، ثم انهارت بشكل متسارع ومدوٍّ لتصل إلى الخمسين سنتاً وبين الصعود والتدهور عاش المزارع لحظات الكساد الخانقة".

وأشار إلى أن تصدير المنتج ليس بهذه السهولة، فهو يلزمه" دولة تدعم هذا التصدير وتقوننه، وهذا ما نفتقده تماماً"، مشيراً إلى ان "هناك طرق للتصدير عبر بعض التجار، ولكن تبقى العملية مكلفة، بل باهظة والرسوم والإتاوات التي تفرض عليها قد لا يكفي ثمن المنتج إيفاءها حيث تمر عملية التصدير عبر محسوبيات وحواجز وتشليح، وكل هذا يؤثر سلباً على سعر المنتج إن كان هنا بإدلب أو إلى النظام أو عبر تركيا".

وتابع أنه "قد لا يكون هناك خسارة، ولكن ما يجنيه المزارع من ثمن هو دون الطفيف، بل أقرب إلى تصفير تكلفة الإنتاج بثمن الموسم، ويتم البيع فقط للسوق المحلية الضيقة والمتهالكة، حيث يشتري التاجر من سوق الهال ويشحن، ولكنه يلاقي الأمرّين أيضاً بشحنه للمنتج، حيث يشاع أن الأمر مربح، ولكن الحقيقة هي أن ما يفرض على التاجر الذي يشحن المنتج أثناء تصديره من إتاوات هو باهظ جداً".

أعباء مزارعي الجانرك

أما المزارع عبد المجيد حلوم الذي يملك بستاناً للجانرك في دركوش فيشكو الأعباء الكبيرة التي يكابدها مع بقية المزارعين "بداية من عوامل الطقس وتقلباته التي لم تكن بالحسبان وأثرت بشكل مباشر على الموسم وليس انتهاء بصعوبة التصدير وإغلاق الطرق واستغلال التجار الذين يبيعونهم مواد الأسمدة الكيميائية والعضوية والأدوية بالدولار ويشترون المنتج بالعملة التركية، وحين يتم حساب تكلفة الإنتاج والموسم يتبين أنهم باعوا مواسمهم بالمجان".

وأشار لـ"العربي الجديد" إلى "قلة محصول الجانرك في المواسم الأخيرة"، مضيفاً أنه " في السنوات السابقة كان البستان ينتح من 4 إلى 5 أطنان من الجانرك ويبيعه بما يقارب 10 آلاف دولار، أما اليوم فلا يتعدى إنتاج البستان الطن الواحد ولا يتعدى ما يبيعه 1000 إلى 1500 دولار".

وأضاف أن "ذلك التراجع في الإيرادات دفع الكثير من المزارعين إلى قطع أشجار الجانرك واستبدالها بأنواع أخرى أو بزراعة الخضراوات نظراً إلى تكاليفها المرتفعة والمواسم القليلة والأسعار المتدنية". وأشار إلى أنه لا يقوم بالتصدير مباشرة، بل يبيع للتجار المحليين حيث حصل هذا العام على سعر جيد تراوح بين دولار ودولار ونصف للكيلو غرام الواحد نظراً إلى قلة المنتج وكثرة الطلب.

من جانبه قال التاجر زياد ككو لـ"العربي الجديد" إنه "يشتري الجانرك والخوخ ويصدره إلى تركيا عن طريق معبر باب الهوى وباب السلام ومنها إلى لبنان ثم إلى دول الخليج العربي، كما يصدره إلى منبج التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ومنها إلى دمشق ومناطق سيطرة النظام ويصدر الخوخ عبر تركيا أيضاً إلى العراق، لكنه يواجه صعوبات متعددة لعدم وجود برادات ما يؤثر في تغيير لون المنتج".

وأوضح ككو أنه "لا يوجد شروط للتصدير حيث يحق لأي شخص يحمل بطاقة تاجر أن يصدر المنتجات، وما عليه إلا أن يحمّل البرادات ويرسلها إلى زاخو في العراق بتكلفة 3000 دولار لكل براد حيث ينطلق من المزرعة إلى سلقين في إدلب ثم إلى زاخو العراقية عن طريق باب الهوى وباب السلام عبر الأراضي التركية". وأكد "وجوب تحديد الوزن من المعابر التركية وهي 24 طناً، بلا أي ضرائب دخول على الخوخ عكس الجانرك الذي يدفعون عليه ضريبة عبور لكل طن 150 دولاراً، من دون معرفة أسباب تلك الضرائب على الجانرك تحديداً".

وبحسب ككو، فإن "الربح ليس مضموناً، حيث يخضع السوق لقوانين العرض والطلب، خاصة أن هنالك منافسة على المنتج الذي يصل إلى العراق من حماة والرقة وتركيا، فحين يكثر المنتج فنحن معرضون لخسائر فادحة يمكن أن تصل إلى 3000 دولار، وفي حال الربح فهو لا يزيد عن 1500 دولار". ويقر ككو بأن "تصدير المنتج يسهم مباشرة في ارتفاع أسعاره في السوق المحلية خاصة مع قلة المنتج هذا العام"، مشيراً إلى "وجود تسهيلات بالنقل من حكومة الإنقاذ ومساعدة بعض منظمات المجتمع المدني خاصة بما يتعلق بطريق العراق وتركيا".

المساهمون