زادت حركة نزوح السودانيين من العاصمة الخرطوم إلى الولايات الأخرى، وسط ارتفاع أسعار وسائل النقل بعد زيادة أسعار الوقود وانعدام تام للسيولة فى أيدي المواطنين، في ظل الاشتباكات المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ورصد "العربي الجديد" في جولة له بمواقف المواصلات الرئيسية، صباح اليوم السبت، بمدينة أم درمان هجرة منظمة ونزوح أغلب الأسر إلى خارج الخرطوم، في ظل ظروف معيشية واقتصادية صعبة يعاني منها المواطنون مع افتقار للخدمات الأساسية وإغلاق للأسواق وسط زخات الرصاص رغم الهدنة التي أعلنتها الجهات المختصة في الخرطوم لمدة ثلاثة أيام.
وفي استطلاع لعدد من المواطنين المغادرين للخرطوم قال الزين بابكر، وهو رب أسرة، لـ"العربي الجديد"، إنه فوجئ بارتفاع تكلفة السفر الى ولاية الجزيرة من 7 آلاف إلى 35 ألف جنيه، مضيفاً أنه "ليس أمامنا شيء نقوم به سوى العودة إلى المنازل وهي غير آمنة".
أما الموظفة ست النفر محمود التي تعمل معلمة في إحدى المدارس فقد قالت لـ"العربي الجديد" إنها تريد المغادرة إلى أسرتها بولاية النيل الأزرق، إلا أن التذكرة الواحدة وصلت إلى حوالى 60 ألف جنية.
وأكدت أن "أصحاب المركبات لا يستجيبون إلا بعد الدفع المقدم"، مضيفة أنها "لا تعرف سبباً محدداً لارتفاع الأسعار، هل هو استغلال من أصحاب الحافلات أم بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الوقود التي اختفت تماماً بسبب الاشتباكات الدائرة حالياً"، مؤكدة أنه في كل الأحوال "يجب مراعاة ظروف الناس في ظل الوضع الحالي الذي يمر به السودان".
ارتفاع أسعار الوقود
من جهته، قال آدم البشير صاحب حافلة لـ"العربي الجديد" إنهم يعملون من منطلق إنساني لمساعدة المواطنين فى هذه الظروف، مؤكداً أن "ما يدفعه المواطن في الترحيل - النقل - هو بالضرورة تكلفة الوقود"، نافياً "الاتهام بالتربح والاستغلال".
وقال إن "صفيحة الوقود الجاز - السولار - سعة 18 لتراً وصلت إلى 60 ألف جنيه، أما البنزين الذي يكاد يكون معدوماً فقد وصل سعر الصفيحة منه إلى نحو 150 ألف جنيه".
وأضاف أن "التكلفة عالية في مثل هذه الظروف، حيث ترتفع درجة المخاطرة على الطرق في ظل الضربات المستمرة من الطرفين، مما يضطرنا في كثير من الأحيان إلى أن نسلك طرق بديلة وهي أيضاً مكلفة"، مؤكداً أن "المواطن يجب ألا يلومنا في ظل هذه الظروف حيث أصبح هدفنا الأساس تأمين خروج الأسر من أماكن الاشتباكات إلى الولايات الأكثر هدوءاً".
وقال محمد توفيق وهو صاحب حافلة للنقل البري إن لجنة أصحاب الباصات "الحافلات" السفرية والتي تم تكوينها للطوارئ تراعي ظروف بعض الأسر غير المقتدرة.
وقال توفيق لـ"العربي الجديد" إننا "جزء من هذا الشعب ونقدر الظروف، فالأسرة المكونة من 6 أو 7 أفراد لن تستطيع دفع كامل المبلغ ولذلك نراعي ظروفهم"، مشيراً إلى "صعوبة الأوضاع المالية في ظل إغلاق البنوك والمؤسسات المالية أبوابها وتوقفت الخدمات المصرفية بسبب الاشتباكات كما تضررت الأسواق".
وأضاف أننا "لا نتاجر في الأزمات، لكن ارتفاع تكلفة الوقود الذي يباع في السوق السوداء هو الذي أدى لارتفاع تكلفة السفر".
وقالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إن هناك سوقاً سوداء لبيع الوقود بأسعار عالية في ظل الوضع الحالي.
أزمة معيشية
على صعيد متصل، تستمر الأزمة المعيشية في ظل استمرار الاشتباكات في العاصمة الخرطوم، حيث انعدم الخبز بصورة كبيرة في أم درمان وخلت الأسواق الفرعية من البضائع والخضراوات واللحوم، بعد أن تم استهداف سوق المويلح الذي يغذي الولاية بالماشية، كما نفق عدد كبير من الماشية بعد استهداف سوقها الرئيس في أم درمان والواقع على الطريق الرابط بين أم درمان وولاية شمال كردفان غرب السودان.
وقال طلب بشير، وهو أحد تجار الماشية بسوق المويلح للماشية، إن الاشتباكات بين الطرفين المتحاربين أدت إلى تدمير سوق الماشية بشكل كامل.
وأضاف لـ"العربي الجديد" "إنني امتلك قطيعاً بعدد 500 رأس من الأبقار هربا غالبيتها ناحية الغرب بسبب الاشتباكات الحالية وهي معرضة للهلاك بسبب عدم توافر الرعاية والغذاء لها".
(الدولار= 600 جنيه سوداني تقريباً)