- الزيادة في أسعار النفط قد تفيد الجزائر بزيادة عائداتها النفطية لتمويل موازنتها الضخمة، بينما تسعى الحكومة لتنويع مموني الحبوب وتحسين الإنتاج المحلي لتخفيف الاعتماد على الواردات.
- الحكومة تعمل على تأمين إمدادات القمح وتنويع المصادر لمواجهة التقلبات العالمية في الأسعار، وتأثرت الرحلات الجوية بالأزمة، مع تعليق الخطوط الجوية الجزائرية لرحلاتها نحو الأردن ولبنان.
تترقّب الجزائر ارتدادات زيادة المخاطر والرد الإيراني على إسرائيل، وتعاظم مخاطر انزلاق المنطقة في مستنقع الحسابات الجيوسياسية الضيقة، وإذا كانت الارتدادات المباشرة تبدو مستبعدة، بحكم صمود الجزائر على موقفها الرافض للتطبيع مع إسرائيل، وركونها إلى "جبهة المقاطعة".
غير أن طول مدة العدوان الذي تعدى 190 يوماً، ودخول إيران على خط الأزمة، يمكن أن يفضي إلى تصاعد الارتدادات المرتبطة بشكل خاص بالنفط، خاصة على مستوى العائدات المالية، يقابلها تخوف جزائري بدأ يتصاعد من ارتفاع فاتورة واردات الغذاء بالأخص الحبوب.
وبالموازاة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي لا تلوح معالم انتهائه زمنياً، وتنفيذ إيران وعيدها بالرد على الهجوم الإسرائيلي على سفارة طهران بدمشق قبل أسابيع، ترتفع المخاوف على إمدادات النفط والغاز ومن ثم على الأسعار، وهو ما يدفع بتوقعات الحكومة الجزائرية حول عائدات النفط للارتفاع، ما يساعدها على توفير أموال إضافية لتمويل موازنة 2024 الأضخم في تاريخ البلاد، والتي تلامس 110 مليارات دولار.
وفي السياق، أكد المستشار الحكومي والخبير المالي عبد الرحمن مبتول أن "دخول إيران على خط الأزمة في الشرق الأوسط سيؤثر بأسعار النفط، كون طهران تعد من الدول المنتجة للغاز والنفط بمعدل 3.5 ملايين برميل يومياً، ولو أن صادراتها تبقى تحت العقوبات الدولية، إلا أن تحركها عسكرياً يزيد من المخاوف في الأسواق الدولية، إذ سبق لتهديدات إيران أن قفزت بأسعار النفط فوق عتبة 90 دولاراً قبل أيام، والجزائر كونها دولة "ريعية - نفطية" من المؤكد أنها تترقب ارتدادات هذه الخطوة على أسعار النفط والغاز التي تشكل 93 بالمائة من عائدات البلاد".
وسبق لوزير المالية الجزائري لعزيز فايد أن أكد لـ"العربي الجديد" أن "توقعات الحكومة الجزائرية قد عُدلت نسبياً، بفارق مليار إلى ملياري دولار، نهاية سنة 2023، كون أن الأسعار ارتفعت مع استمرار الأزمة بغزة مدفوعة بالمخاوف العالمية، إلا أن سرعان ما عادت إلى الانخفاض عند مستويات 80 دولاراً، وبالتالي عدلنا توقعاتنا وفق المؤشرات والمعطيات المتوفرة".
وأضاف الوزير الجزائري أن "موازنة سنة 2024 بنيت على سعرٍ مرجعي للنفط بـ 50 دولاراً للبرميل الواحد، ما يضعنا في أريحية، وكل ارتفاع لأسعار النفط هو إضافة لعائدات البلاد، ويساعد في تحسين احتياطي البلاد من العملة، أو يُحول إلى صندوق ضبط الإيرادات (صندوق تُحول إليه الفوارق بين السعر المرجعي للنفط والسعر الحقيقي)".
صداع الأغذية
في المقابل، تتزايد المخاوف في الجزائر من أن يتكرر مجدداً سيناريو الحرب الروسية - الأوكرانية وما صاحبها وتبعها من ارتفاع لأسعار الحبوب، وتضاعف الضغط على الأسواق العالمية، خاصة أن الجزائر عاشت منذ صيف 2023، ندرة في الحبوب خاصة البقوليات، ما دفع بالحكومة إلى مسابقة الزمن لتوفير الحبوب، وطرح مناقصات، رفعت فاتورة الحبوب.
وفي السياق، أكد مصدر في وزارة الفلاحة الجزائرية لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة وضعت منذ بداية الأزمة في الشرق الأوسط، برنامجاً لتوفير الحبوب لمواجهة ارتفاع الطلب الداخلي، وتفادي أي ضغطٍ في الأسواق الدولية، في حال تعقد المشهد الجيوسياسي في المنطقة، وذلك بطرح مناقصات جديدة، تسليم السداسي الأول من السنة الحالية، تُضاف إلى الإنتاج المحلي، الذي ينتظر أن يتحسن هذه السنة بسبب مستويات الأمطار المتساقطة طيلة موسم الحرث والزرع".
وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد" أن "الأسواق العالمية للحبوب تتأثر بالتطورات الإقليمية، نحن نراقب الأسواق، وطلبنا من ديوان الحبوب اتخاذ التدابير اللازمة لشراء الحبوب بأقل الأسعار عبر تنويع الممونين".
ولفت المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد" إلى أن "العدوان على غزة ليس وحده المؤثر اليوم بأسعار الحبوب، فالتوترات لا تزال قائمة في البحر الأسود، وبالتالي كل المؤشرات تحذر من انفلات أسعار القمح في أي لحظة".
وتعتبر الجزائر من أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، وتعد فرنسا ممونها الأول بمعدل مليارين إلى 3 مليارات دولار سنوياً، تليها أوكرانيا وروسيا، بالإضافة إلى الأرجنتين وكندا.
وفي سياق آخر، أعلنت شركة الخطوط الجوية الجزائرية عن تعليق مؤقت لرحلاتها المبرمجة نحو الأردن ولبنان حتى إشعار آخر.
ودعت "الجوية الجزائرية"، في بيان لها، المسافرين المعنيين بالرحلات المعلّقة إلى التواصل مع وكالاتهم، أو مركز الاتصال التابع للشركة، للحصول على مزيد من المعلومات، أو لتقديم أي استفسارات حول أي مستجدات.