أوكازيون مصر الصيفي... تخفيضات وهمية وإقبال ضعيف يعكس حالة الركود

أوكازيون مصر الصيفي... تخفيضات وهمية وإقبال ضعيف يعكس حالة الركود العظيم

16 اغسطس 2023
ضعف القوة الشرائية وغلاء الأسعار وراء ركود الأسواق (Getty)
+ الخط -

يواجه موسم التخفيضات (الأوكازيون الصيفي) في مصر، ركوداً عظيماً، بعد أسبوع من انطلاقه رسمياً، بالمحلات التجارية بأنحاء المحافظات.

كثرت عروض التخفيضات المعلنة رسمياً، وهي تتراوح ما بين 50% إلى 70% وأخرى تغري المشترين بشراء قطعة ملابس مقابل أخرى هدية، بينما الإقبال لا يزال ضعيفاً، رغم وجود الأسر في إجازات مدرسية طويلة، وحاجتها للاستعداد للعام الجديد.
يكشف الأوكازيون عن جحيم التضخم الذي يواجه الاقتصاد ويعيشه المستهلكون، مع حالة عدم ثقة متبادلة بين الجمهور والتجار، في ظل ندرة السلع، وتراجع مستويات المعروضات، والركود السائد في القطاعات الصناعية والإنتاجية غير البترولية منذ 31 شهراً.

جاء موسم التخفيضات الصيفي ليعكس صورة الاقتصاد في مرآة كاشفة لحالة الأسواق القاتمة

وجاء موسم التخفيضات الصيفي ليعكس صورة الاقتصاد في مرآة كاشفة لحالة الأسواق القاتمة.

ارتفعت أسعار الحقائب والسلع المدرسية بنسبة 50%، عن الأسعار المرتفعة التي سادت الموسم الماضي، متأثرة بارتفاع خامات الإنتاج، وعدم السماح للموردين باستيراد منتجات حديثة من الخارج، وفقاً لبيانات شعبة الأدوات المكتبية بالغرفة التجارية بالقاهرة.

تزايد الإقبال على السلع المدرسية، مع فترة دخول المدارس الدولية، والاستعداد للعام الدراسي الجديد، سبتمبر/ أيلول المقبل. تحركت أسعار الملابس المحلية والمستوردة، قبل الأوكازيون بمعدلات تزيد عن 40%، متأثرة بندرة مدخلات الإنتاج، ووقف الاستيراد، وزيادة سعر الدولار في السوق الموازية، مع توقعات بمزيد من التدهور في الجنيه المصري الذي فقد أكثر من 50% من قيمته رسمياً. 

ألقى نقص الدولار بظلال كئيبة على الأسواق، حيث اختفت سلع مستوردة، وأخرى محلية تعتمد على بعض الواردات، لعدم قدرة المنتجين على شراء مستلزمات الإنتاج من الخارج أو تدبير بدائل محلية.

تأتي السيارات والمنتجات الكهربائية كالثلاجات والمكيفات ومعدات المطابخ وتجهيزات العرائس على قائمة الممنوعات، مع استمرار البنوك فرض قيود على تدبير العملة لموردي تلك المنتجات منذ مارس/ آذار 2022.

اختفت من الأسواق أدوات منزلية وكهربائية، بينما تبقى بعض المنتجات المحلية، يعاني مصنعوها عدم قدرتهم على الوفاء باحتياجات السوق، وانتشار ظاهرة خروج علامات تجارية وصناعية كبيرة من السوق المحلي.

تستهدف وزارة التموين مشاركة 4 آلاف محل تجاري في الأوكازيون الصيفي الذي بدأ من 8 أغسطس/ آب الجاري لمدة شهر.

تقدم للمشاركة في الأوكازيون مع بداية انطلاقه الأسبوع الماضي، 500 محل، وفقاً لتصريحات المتحدث باسم وزارة التموين، أحمد كمال، يعتبرها أعضاء بالغرف التجارية الأقل عدداً منذ سنوات، بانخفاض 75%، عن السنوات السابقة.

تستهدف وزارة التموين مشاركة 4 آلاف محل تجاري في الأوكازيون الصيفي الذي بدأ من 8 أغسطس/ آب الجاري لمدة شهر

ويشير محللون إلى أن نسب الخصم المعروضة من قبل التجار تعكس حالة عدم الثقة بين المستهلك والبائع.
قال الخبير الاقتصادي، محمود شعبان، لـ"العربي الجديد" إن الاقتصاد المصري يمر بأصعب مراحله، إذ نرى التضخم الركودي الذي يحتاج إلى جراح ماهر لإنقاذ البلاد منه، عبر تحجيم الزيادة في الأسعار، وتفادي نفق الدخول في ركود مزمن، عبر تنشيط الاستثمار والإنتاج، وحركة الأسواق.

أوضح شعبان أن الاقتصاد عادة يمر بمراحل انتعاش ونمو وانكماش وركود، وفي كل مرحلة من تلك المراحل تحتاج إلى الحد من السلبيات، التي ظهرت مؤخراً في صورة تضخم هائل بالسعر الأساسي فاق 40%، نبعت من محاولة البنك المركزي سحب السيولة، والحد من القدرة الشرائية للجمهور، منوهاً بأن الجمهور فوجئ بزيادة في الأسعار، بينما الشركات واجهت ندرة الطلب، وقلة مستلزمات الإنتاج. 

تصاعد معدل التضخم السنوي بأنحاء الجمهورية إلى 38.2%، لشهر يوليو/ تموز مقابل 14.6%، للشهر نفسه العام الماضي 2022، وفقاً لبيان جهاز الإحصاء والتعبئة.

جاءت أسعار الأغذية على قمة مؤشرات الغلاء، بنسبة 68.4%، بينما ارتفعت أسعار الملابس الجاهزة والأحذية 22.8%، ومجموعة الأثاث والسجاد والأغطية 35.5%، والأجهزة المنزلية 52.7%.

تعكس أرقام التضخم الرسمية الوزن النسبي الضعيف للسلع المعروضة في الأوكازيون، في سلة مؤشر التضخم التي يجريها خبراء جهاز الإحصاء شهرياً على 1200 سلعة بالأسواق، بينما الواقع يتجاوز معدلات التضخم بمراحل واسعة.

يدعو خبراء إلى تحرك حكومي لمواجهة الزيادة المستمرة في أسعار السلع الأساسية، التي ترتفع بوتيرة متتالية

يدعو خبراء إلى تحرك حكومي لمواجهة الزيادة المستمرة في أسعار السلع الأساسية، التي ترتفع بوتيرة متتالية، تحقق أرباحاً طائلة لبعض التجار والموزعين، على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

وكانت بعض منظمات المجتمع المدني قد نظمت حملات لمقاطعة شراء السلع التي ترتفع أسعارها، من دون مبرر، لم تسفر أي منها عن نتائج في ظل ندرة السلع.