أزمة بنزين تجتاح ليبيا بنهاية العام 2023

أزمة بنزين تجتاح ليبيا بنهاية العام 2023

30 ديسمبر 2023
طلبية بشأن تزويد محطات كثيرة لم تصل منذ ما يقرب من ثلاثة أيام (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تشهد محطات الوقود في العاصمة الليبية طرابلس وعدد من مناطق البلاد نقصاً واسع النطاق في مادة البنزين، مع ازدحام المواطنين على محطات التوزيع مع اقتراب نهاية العام الجاري.

وهذا ما أكده لـ"العربي الجديد"، عدد من مسؤولي المحطات، مؤكدين وجود نقص في الكميات المورّدة من "شركة البريقة لتسويق النفط" للمحطات، في ظاهرة لا تحدث إلا نادراً في بقية أشهر السنة عندما تكون الظروف طبيعية.

في محطة محروقات غربي طرابلس، يقول صاحبها عادل زبيب، لـ"العربي الجديد"، إن طلبية بشأن تزويد المحطة بالبنزين لم تصل منذ ما يقرب من ثلاثة أيام، في حين أن الطلبيات في الأوقات العادية تصل بشاحنات التوزيع يومياً عادة، وأحياناً مرتين، صباحاً ومساء.

وقال عبد السلام الفزاني، وهو صاحب محطة مشتقات نفطية في منطقة الغريفة، جنوبي البلاد، لـ"العربي الجديد"، إن "ناقلات الوقود تصل على مدار الأسبوع، وما على المواطن إلا القدوم كالعادة وساعة يشاء لتعبئة خزان سيارته من دون أن يساوره أي قلق بشأن الكمية التي يريد الحصول عليها".

أما المواطن أمجد بن شعبان، فيشكو من الانتظار على طريق الشط بالقرب من وسط العاصمة أمام محطة وقود منذ أكثر من 10 ساعات من دون الحصول على لترات من البنزين بسبب نفاد الكمية المخصصة لهذه المحطة.

ويوضح محمد التركي، وهو صاحب محطة تقع شرقي طرابلس في منطقة تاجوراء، لـ"العربي الجديد"، أن هناك طلباً متزايداً من المواطنين على البنزين بهدف تخزينه إما لإعادة بيعه أو استخدامه لاحقاً، وسط مخاوف تتعلق باحتمال رفع الدعم عنه في مطلع العام الجديد، ما جعل الكميات محدودة قياساً بالطلب المتزايد نتيجة الدوافع المشار إليها.

ويعتقد المحلل الاقتصادي محمد معيوف، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن سبب الأزمة أساساً في كونها مشكلة تحدث مع نهاية كل العام، وما يزيدها حدة الآن هو أنه في الأيام القادمة ستُطبق الحكومة مجموعة من الإجراءات المتعلقة بما تعتبره "شفافية الدعم"، ومنها إلغاء مقايضة النفط بالمحروقات المعمول بها منذ العام 2021، وكذلك الإشاعات الرائجة من هنا وهناك والمرتبطة بنية السلطات رفع الدعم عن المحروقات، وهو يرى أن المشكلة أساسها عدم إدارة ملف دعم المحروقات بكفاءة من قبل الحكومات السابقة والحالية بما يضمن توفير الوقود بسعر مدعوم لمختلف أنحاء البلاد.

وكان رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك قد شدد خلال لقاء مع رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة على ضرورة تسريع تركيب منظومات التتبع للحد من ظاهرة التهريب، مع أهمية التركيز على تطوير الإنتاج.

بدوره، أكد رئيس "شركة البريقة" فؤاد بالرحيم أن الوقود متوافر بكميات كافية لتغطية حاجة السوق، موضحاً في اتصال مع "العربي الجديد"، أن العمل جار على مدار الساعة لتوزيع المحروقات بالسعر المدعوم.

وأشار إلى أن شركات التوزيع تسلم 7 ملايين لتر بنزين على بلدية طرابلس الكبرى وضواحيها، إضافة إلى صدور تعليمات لإدارة التشغيل في المنطقتين الغربية والجنوبية للتنسيق مع لجنة أزمة الوقود وشركات التوزيع، وتكثيف جهود تزويد المحطات بما يلزمها من المحروقات.

ودعت وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية إلى الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات، مع إبقائه سارياً للشركة العامة للكهرباء، على أن يكون هناك دعم نقدي للمواطنين وفقاً لعدد الأسر المسجلة في مصلحة الأحوال المدنية والبالغ 1.5 مليون أسرة.

ويستهلك الفرد في ليبيا ما متوسطه 22 لتراً من البنزين يومياً، بما يعادل نحو 660 لتراً شهرياً. وفي حال تطبيق التوجهات الرسمية، فإن المواطن سيحصل على دعم نقدي بقيمة ما بين 450 ديناراً و650 ديناراً أو 300 دينار. (الدولار = 4.83 دنانير).

هذا مع العلم أن سعر المحروقات في ليبيا يُعد بين الأرخص في العالم، حيث يبلغ ثمن لتر البنزين نحو 0.15 دينار (0.031 دولار)، وهو ما غذّى عمليات تهريبه إلى دول الجوار، ليصبح تهريبه باباً للإثراء في البلد الذي يشهد انفلاتاً أمنياً وصراعات سياسية ومسلحة مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات، حيث تشير تقديرات المؤسسة الوطنية للنفط إلى أن ما بين 30% و40% من الوقود المكرر في ليبيا أو المستورد من الخارج يتعرض للسرقة أو التهريب.

المساهمون