أزمة أوكرانيا تفاقم الضبابية الاقتصادية في أوروبا

أزمة أوكرانيا تفاقم الضبابية الاقتصادية في أوروبا... انعكاسات سريعة على الغاز والنفط

22 فبراير 2022
بورصة فرانكفورت للأوراق المالية (Getty)
+ الخط -

تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية، الضبابية الاقتصادية في أوروبا، إذ سرعان ما انزوى المستثمرون في أسواق المال بعد تكبد الأسهم خسائر لافتة، اليوم الثلاثاء، وسط مخاوف من اتساع نطاق التوترات، وامتداد تداعيات العقوبات الغربية المرتقبة على موسكو، إلى مختلف الأسواق الأوروبية، خاصة أنها ترتهن إلى حد بعيد للطاقة الروسية.

وتحضّر الدول الغربية حزمة عقوبات جديدة على روسيا، بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين، أمس الإثنين، الاعتراف بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا.

وتراجعت الأسهم في الأسواق الرئيسية لدى افتتاح جلسات التداول، اليوم الثلاثاء، فيما حذر المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني، من أن الأزمة ستفاقم الضبابية الاقتصادية بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

وفي منطقة اليورو، تراجع مؤشر "داكس" في فرانكفورت بنسبة 2% إلى 14435.37 نقطة، وأما مؤشر "كاك 40" في باريس فهبط بنسبة 1.8% إلى 6665.06 نقطة. كما تراجع مؤشر "مويكس" الروسي بأكثر من 8% مع بدء التداول بعدما خسر 10%، أمس الإثنين.

وقال جنتيلوني خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، وفق وكالة فرانس برس: "لا تزال الضبابية تحيط بنا. وسيزيد انتهاك القانون الدولي عبر اعتراف روسيا بمنطقتين انفصاليتين في أوكرانيا، هذه الضبابية بشكل كبير".

وأثار الرئيس الروسي قلق المستثمرين بإعلانه الاعتراف بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في أوكرانيا، وإصداره أمراً لقواته بدخولهما.

في المقابل، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الروسي أولاف شولتس من أن الخطوات الروسية لن تمر "من دون رد".

قلق بشأن إمدادات النفط والقمح والنيكل

وأدى احتمال اندلاع حرب وفرض عقوبات قاسية القلق حيال انعكاسات ذلك على مجموعة إمدادات من المنطقة، بما في ذلك النفط والقمح والنيكل. وارتفعت أسعار الخام الثلاثاء، إذ لامس سعر برميل برنت 100 دولار لأول مرة منذ العام 2014.

ويفاقم ارتفاع أسعار النفط المخاوف حيال التضخم حول العالم، فيما يواجه الاحتياطي الفدرالي الأميركي ضغوطا كثيفة لتشديد السياسة النقدية لتجنّب خروج الأسعار عن السيطرة.

وفي آسيا، سجّلت أسواق طوكيو وشنغهاي وسيدني وسيول وسنغافورة وبومباي وتايبيه تراجعا بنسبة 1% على الأقل، بينما سجّلت خسائر أيضا في بانكوك وجاكرتا وويلينغتون. وحذّر خبراء من خسائر إضافية في حال مضى بوتين قدماً في غزو أوكرانيا.

وقالت جين فولي، كبيرة محللي العملات لدى "رابوبنك" في لندن: "تشكل الزيادة في أسعار الغاز الأوروبية وزيادة المخاوف بشأن الإمدادات الروسية إلى المنطقة خطراً على النمو في أوروبا".

طاقة
التحديثات الحية

وأضافت فولي لوكالة رويترز أن أسعار الغاز يمكن أن تؤثر بشكل كبير على توقيت تشديد سياسات البنك المركزي الأوروبي في المستقبل، وهو عامل سلبي بالنسبة لليورو.

في غضون ذلك، زاد الطلب على عملات الملاذ الآمن. فسجل الين أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع، إذ صعد الين بنحو 0.1% إلى 114.8 دولارا. وتعرضت العملات المشفرة أيضا لضغوط، فانخفضت بيتكوين إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع تقريبا عند 36370 دولاراً.

روسيا تتعهد باستمرار تدفق الغاز وألمانيا تعلق "نورد ستريم 2"

وتأتي المخاوف المتصاعدة من تعرض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا لمشاكل، رغم إعلان وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف، اليوم، خلال مشاركته في القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز المنعقدة في الدوحة، أن بلاده تعتزم مواصلة تصدير الغاز الطبيعي دون أي انقطاع، مضيفا: "نسعى لتحقيق التوازن في الأسواق العالمية للغاز".

لكن المستشار الألماني أولاف شولتز، أعلن أنه قرر تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" لإيصال الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، مشيرا إلى أنه طلب من الهيئة الألمانية الناظمة المسؤولة عن المشروع تعليق عملية مراجعته.

وقال إن هذه المسألة "تبدو تقنية، لكنها خطوة إدارية ضرورية تمنع أي مصادقة على خط الأنابيب. ومن دون هذه المصادقة، لا يمكن بدء تشغيل نورد ستريم 2".

وأضاف "هناك عقوبات أخرى أيضا يمكن أن نعتمدها في حال اتُّخذت إجراءات إضافية. لكن في الوقت الحاضر، يتعلق الأمر باتّخاذ خطوة ملموسة للغاية".

وفي وقت سابق اليوم، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بوقف فوري لمشروع أنبوب "نورد ستريم 2"، مشيرا إلى ضرورة معاقبة روسيا على اعترافها بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك.

وتعد روسيا أكبر مزود للغاز إلى أوروبا، حيث يُنقل حوالي ثلثها عادة عبر خطوط الأنابيب، التي تعبر أوكرانيا. كما أن روسيا مصدر رئيسي لسلع متعددة كثيرة كالنفط الخام والمنتجات المكررة.

يمكن للعقوبات أيضاً تعطيل تدفقات الطاقة، في حال فرض أي قيود على قدرة روسيا على التجارة بالعملة الأجنبية، والتي من المحتمل أن تقلب أسواق السلع من النفط والغاز إلى المعادن والزراعة.

وهذا يعني ارتفاع أسعار الغاز لفترة أطول لأن السوق كانت بالفعل متوترة للغاية منذ شهور، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ الأميركية عن كاتيا يافيمافا، الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.

قفزات سريعة لأسعار الغاز والنفط والكهرباء

وقفزت العقود الآجلة للغاز، صباح اليوم، في بورصة هولندا، وهي معيار أوروبي، بنسبة 7.3% عند 77.85 يورو للميغاواط/ساعة وهي وحدة قياس أوروبية.

كما قفز خام برنت إلى أعلى مستوى قرب 100 دولار للبرميل. كما ازداد سعر عقود الكهرباء للسنة المقبلة في ألمانيا 3.7%، فيما ارتفع سعر الفحم الأوروبي بنسبة 4.4%.

وكانت أسواق الطاقة في حالة تأهب منذ أسابيع، وتتأرجح مع كل منعطف وتحول في المواجهة بين الغرب وموسكو. وكانت أوروبا تصارع أزمة إمدادات الغاز التي أدت إلى تضاعف الأسعار أربع مرات في العام الماضي. وزادت التوترات من الارتفاع الحاد في أسعار النفط والذي كان مدفوعاً أيضاً بعدم قدرة الإنتاج على مواكبة الطلب المتزايد باطراد.

وتواصل روسيا الإبقاء على تدفقات الغاز إلى أوروبا محدودة منذ الصيف، بعدما قلصت المبيعات في السوق الفورية وفشلت في ملء مواقع التخزين في الاتحاد الأوروبي قبل الشتاء.

وتجنبت أوروبا أسوأ توقع للأزمة بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي، لكن المنطقة لا تزال تعتمد على روسيا في ثلث احتياجاتها من الغاز.

المساهمون