ثقافة الأشواك

19 يناير 2018
زينب سديرة/ الجزائر
+ الخط -

جميل أن تتحاور الحضارات، أن لا تتحوّل إلى ثقوب سوداء تلتهم كل ما حولها، فلا يهرب منها حتى الضوء. ولكن من المفترض أن تكون هناك حضارات أوّلاً، لا أن تنطلق الدعوة، كما انطلقت دعوة روجيه غارودي لحوار الحضارات، لمجرّد التأنيب؛ تأنيب وجّهه إلى حضارة الغربيين المعاصرة، فسرد في معرض ما يشبه اللوم أسماء حضارات أبادها الغرب، ولم يتحاور معها، مثل حضارات شرقية وجنوب أميركية لم يبق منها غير الأثر. ولكي تقف دعوته على أساس منطقيّ، رسم بلمسات فرشاة خاطفة ملامح هذه الحضارات المبادة.. جمالها وغناها.. ووعودها الضائعة.

بالطبع لا أحد يفكّر بحلّ معضلة مطروحة في سياق الماضي، بل يمكن أخذها كدرس للحاضر، لأن كل ما كان أصبح في خبر كان، ولا يجد الغرب ما يضيفه إلى حافظته المعرفية في هذا الحطام من حوله، وسيكرّر ما سبق لإمبراطور صيني قوله لمبعوث بريطاني في القرن السادس عشر: "ليس لديكم ما تقدّمون للصين، فلا حاجة لإقامة علاقات من أي نوع".

ولكن السؤال هو: هل تكتمل حفلة "الحضارة" المعاصرة بغياب أو تغييب جزء أو أجزاء من البشرية يقصيها التعصّب والتخلف الأخلاقي من أي اتجاه جاء؟

التخلّف الأخلاقي خراب ماديّ وروحيّ والتعصّب تشويه، والعنصرية قمة الانحطاط، وكل هذه النزعات، أو السياسات التي تحرّك مصانع الأسلحة هي التي تجيّش الجيوش، ولا تخلّف سوى الأشواك.. بعد أن تمرّ حشودها.

المساهمون