"في حب مصر": مسرحية صامتة وبِلا جمهور

22 أكتوبر 2015
(تصوير: مجدي عبد الهادي)
+ الخط -

هل لا زال فينا من يثير استغرابه عرض مسرحية من دون حضور جمهور؟ لا نظن ذلك، رغم ما يبذله المخرجون ومصمّمو الديكور والممثّلون من جهود فنية. إذن، حين تُقام مسرحية سياسية، وهي عاطلة عن الجماليات الفنية والديكورية والأدائية، كيف نستغرب أن تكون من دون حضور جمهور؟ شيء من ذلك يحدث في مصر، غير أن جوقة، تضم المُستغربين والمزايدين ومزيّفي الوعي، تصر على عدم الفهم.

يعرف الجميع أسباب هذا العزوف (الذكي)، في الداخل وفي الخارج، فالأقنعة سقطت مراراً، والجوقة تحب أن يأتي الشعب ويمنح قائد الأوركسترا شرعية جديدة بالمجّان، فأتاهم برهان الطريق المسدود، حيث يمكن أن تتقدّم أمتاراً بالقوة، ولكن مشوار الألف ميل يستدعي الإقناع وحده. وغداً، سيقول لهم قائد الأوركسترا: لقد فشلتم، كما يقول لهم المواطنون: لقد تعرّيتم.

ينقلب المنكرون بضربة من عصا قائد الأوركسترا إلى متهجّمين على الشعب، وعلى درجة وعيه وذكائه. لكأن هؤلاء، ومعظمهم فنّانون وإعلاميون، باتوا يعيشون بالشخصيات التي منحها لهم المخرجون. إنه مسرح العبث الذي يمتد خارج الخشبة.

نشاهد في مسرح العبث، شخصيات تحبّ فرض رأيها، يبتسم الشعب من تفاهة خطابها، تصرخ وتتحمّس أكثر لإجباره - ترهيباً وترغيباً- على عبادة الصنم الأعرج. يتعب هؤلاء فيلهثون، تُمرّر إليهم ورقة صغيرة وهم على الهواء، فيفهمون أن الشعب أدرك دورهم التزييفي، فيستبدلون قناعاً بآخر وينقلبون يسبونه "إنت مش وش ديمقراطية".

من وراء شاشته، ينتظر الشعب باسماً تقلّبات أخرى في التكتيك، إنه يعلم حين يأتي المجلس أن بلاتوهات ستنصب، وأن حديثاً عن شرعيته سيدور، وأن وجوهاً ستُستبدل بأخرى. يتثاءب الشعب، يغلق الجهاز ويتركهم يتحدّثون ويتبادلون الأدوار.

من المنتظر، فوز ساحق لقائمة السيسي "في حب مصر"، فوز سيهتف له الهاتفون، ولكن "انتخابات القطيعة" هذه ستقول دائماً لهم: "دولتكم في سياق، وشعبكم في سياق آخر، ابنوا مؤسّساتكم على شفا جرف هار". 


اقرأ أيضاً: احتفالات 6 أكتوبر.. إلى الوراء سر

المساهمون