"معرض الكتاب العربي في أوروبا".. الثقافة وحاجة المجتمعات المُهاجِرة

28 مايو 2024
من نشاط سابق لمؤسسة "معرض الكتاب العربي في أوروبا"
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- معارض الكتاب العربي في أوروبا تلبي احتياجات الجاليات العربية وتعزز التواصل الثقافي، متأثرة بموجات اللجوء والهجرة، وتنظمها "مؤسسة معرض الكتاب العربي في أوروبا" التي تأسست في 2017 بمالمو.
- تهدف المؤسسة لتوفير الكتب العربية، خلق مساحات للحوار الفكري، والتركيز على قضايا مهمة مثل فلسطين، من خلال تنظيم معارض وندوات، وقد وسعت نطاق عملها ليشمل أكثر من 20 معرضًا في مختلف المدن الأوروبية.
- واجهت المؤسسة تحديات مثل تنامي اليمين الشعبوي والكتب المزورة، لكنها استمرت في توسيع نطاقها وتلقت دعمًا من دور النشر العربية، مؤكدة على أهمية الكتاب العربي في تمثيل الجاليات العربية وعكس تنوع الفكر العربي.

لا تُعدّ معارض الكتاب العربي في أوروبا تظاهُرات لعرض الكتب فحسب، بحُكم أنّها متأثرّة بـ عوامل كبيرة لا تقف عند حدود الظاهر الثقافي وحسب. فخلال العقد الماضي لعبت موجات اللجوء والهجرة من بلدان عربية إلى أُخرى تقع على الضفّة المُقابلة، دوراً في شكل ومحتوى الكتاب العربي في أوروبا. كما حملت هذه الموجات معها هموم تعلّم اللغة الأمّ، والتواصل اليومي مع لغة جديدة. وهذا ما التفتَت إليه مؤسَّسة "معرض الكتاب العربي في أوروبا"، التي تُنظِّم يومَي الأول والثاني من يونيو/ حزيران المُقبل الدورة السابعة من "معرض مالمو للكتاب العربي" في السويد، وهو جزء من معارض عدة، تُنظّمها المؤسّسة مثل "معرض كوبنهاغن للكتاب العربي" و"معرض السويد للكتاب العربي للطفل"، وعدد من المعارض في المدن الأوروبية.

وللحديث أكثر عن تفاصيل معرض مالمو وخلفيّاته، التقت "العربي الجديد" بالمدير العامّ لـ"مؤسسة معارض الكتاب العربي في أوروبا"، علاء البرغوثي، الذي لفَت إلى "أنّ المؤسسة استطاعت مُراكَمة تجارب عديدة حتى وصلنا إلى هذه المرحلة، فكانت البداية من عام 2017 عندما قمتُ مع عدد من الأصدقاء بتأسيس معرض للكتاب العربي في مدينة مالمو، والذي كان الأول من نوعه".

عُقدت الدورة الأولى من "معرض مالمو للكتاب العربي" عام 2017

ويربط البرغوثي مناسبة التأسيس بموجة اللجوء الجديدة إلى أوروبا عموماً والسويد خصوصاً، يقول في حديثه إلى "العربي الجديد": "وفي تلك الفترة لمَسنا الحاجة الكبيرة للكِتاب العربي من قبل الجاليات، وخصوصاً الكُتب المتعلّقة بتعليم العربية، وصادف تلك الفترة إطلاق الدورة الأولى من "معرض إسطنبول للكتاب العربي" عام 2016، حينها أردنا نقل التجربة إلى السويد، فالتقيت عدداً من الصحافيّين والناشطين العرب في السويد، ومنهم الصحافي عبد اللطيف الحاج محمد، والناشطون مازن زيات وعلاء القطّ وحازم يونس، فكانت حينها ولادة الدورة الأولى من المعرض في مالمو بشهر إبريل/ نيسان 2017".

شجّعت هذه التجربة البرغوثي على توسيع أعمال توزيع وتوفير الكتاب العربي في أوروبا، فقرّر أن يُطلِق بعدها أول منصة رقمية لبيع الكتب العربية في السويد، وتوسّع بها لتُغطّي أوروبا كلها، كما أطلق مؤسسة متخصّصة بمعارض الكتاب العربي تحت اسم "معرض الكتاب العربي في أوروبا"، وهي تتضمّن "معرض كوبنهاغن للكتاب العربي" الذي يُعدّ أكبر معرض للكتاب العربي في الدنمارك، ويُعقد بشكل سنوي مستمرّ منذ عام 2019، كما نظّمت المؤسسة ما يزيد عن 20 معرضاً في كلّ من السويد والدنمارك، عبر شراكات مع عدد من المؤسسات ودُور النشر في السويد والعالَم العربي.

من معرض الكتاب العربي - القسم الثقافي
بعيداً عن الصورة النمطية للإعلام الغربي

معارض الكتاب العربي بالنسبة لعلاء البرغوثي وفريقه في المؤسسة "ليست فقط فرصة لتوفير الكتاب العربي للجمهور في أوروبا، بل فرصة لتوفير مساحة لالتقاء جميع المُهتمّين بالشأن الثقافي العربي من كُتّاب وشعراء وأدباء ومفكّرين وفنّانين تشكيليّين"، ويُتابع في حديثه إلى "العربي الجديد": "أعتبر أنّ الكتاب العربي خير مُمثِّل للجاليات العربية، ويعكس تنوّع وأصالة الفكر العربي، بعيداً عن الصورة النمطية السلبية في كثير من الأحيان، والتي يُحاول الإعلام الغربي رسمها عن العرب بشكل عام".

ويُوضِّح: "شهدت بُلدان أوروبا خلال الفترة الماضية إطلاق العديد من المُبادرات والمعارض، وإن كان المُشاهِد من بعيد قد يشعر بانتشار ما يُمكن أن نسمّيه فوضى المعارض إلّا أنه في الحقيقة كان ذلك مريحاً لنا، فمع كلّ معرض جديد تُنظّمه أي جهة مهما كان معرضها متواضعاً من حيث التنظيم وعدد العناوين، كنتُ أشعر بأنّنا نجحنا في أن نُحرِّك المياه الراكدة، ونُعيد الاهتمام إلى الكتاب العربي في أوروبا".

يُضيء المعرض قضيّة فلسطين من خلال الإصدارات والندوات

لكنّ السؤال القائم والأكثر راهنية حول أي نشاط ثقافي، كيف يُمكن للناشر العربي في أوروبا أن يُقِيْم الفعاليات، خاصة أننا نشهد موجة منع ومصادرة غير مسبوقة، في ظلّ تواطؤ أوروبي مع الإبادة الصهيونية القائمة في غزّة؟

يُجيب مدير مؤسسة "معرض الكتاب العربي في أوروبا": "ليست معارضنا لتوفير الكتب العربية في أوروبا فقط، بل لخلق مساحات من الحوار الفكري والتركيز على قضايانا العادلة، خاصة قضيّة فلسطين التي نعمل على تسليط الضوء عليها عبر ثلاثة محاور رئيسية نحرص على وجودها في كلّ معرض". 

ويُميّز البرغوثي بين هذه المحاور من خلال: "المعارض الفنّية والتشكيلية التي تسلط الضوء على القضية الفلسطينية، حيث يعتبر الفنّ التشكيلي من أكثر طُرق التواصل فعالية مع الجمهور الغربي، فدائماً تكون لدينا معارض فنّية ضمن معرض الكتاب، كمعارض الفنّان التشكيلي مأمون الشايب والفنّان يحيى عشماوي، بالإضافة إلى الحفلات الموسيقية والفنّية التي تُركّز على التراث الفلسطيني، كالعديد من الحفلات التي قدّمها الفنان عماد التميمي وفرقته من السويد. والمحور الثاني، هو توفير الكتب العربية التي تتحدّث عن القضية الفلسطينية بشكل أكاديمي، ككتب "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" ودُور النشر العربية التخصُّصية التي نعمل على توافر كُتبها بشكل دائم في معارضنا. والمحور الأخير، اللقاءات بين الناشطين وزُوّار المعرض التي تجري عبر اللقاءات العامّة، أو الندوات وورش العمل التي نقوم بتنظيمها، ضمن البرامج الثقافية المرافقة للمعرض".

علاء البرغوثي - القسم الثقافي
علاء البرغوثي

ويتابع: "مع بداية العدوان الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزّة اتّخذنا قراراً بتأجيل عدد من معارضنا، لأن ما حدث، حقيقة، من مجازر كان صادماً بالنسبة لنا، إلّا أننا في وقت لاحق قرّرنا استئناف معارضنا، لكن مع إلغاء جميع الحفلات الافتتاحية تضامناً مع أطفال غزّة، وأيضاً تواصلنا مع مؤسسات إغاثية دولية ستكون حاضرة خلال المعرض حتى تقوم بجمع التبرّعات لإغاثة أهلنا في القطاع".

كذلك لا يُمكن الحديث عن تراكم الخبرة والإنجاز، من غير الوقوف عند التحدّيات، خاصة مع تنامي تيارات اليمين الشعبوي في أوروبا، الأمر الذي يمسّ بشكل مباشر جوهر ثقافة المُهاجرين أو اللاجئين والأنشطة المتعلّقة بهم. وحول هذا التفصيل يقول مدير "معرض الكتاب العربي في أوروبا": "التحدّيات كبيرة، منها ما هو محلّي، والمتعلّق بتقدُّم الأحزاب العنصرية في العديد من البلدان الأوروبية، الأمر الذي زاد من موجة الإسلاموفوبيا والعنصرية ضدّ المهاجرين التي انعكست سلباً على الحياة الثقافية بالعموم، فأصبحت جميع المعارض تحت المجهر، وأصبحت الكثير من الجهات العنصرية تنتظر أي خطأ لانتقاد المشاريع الثقافية العربية. أمّا الجوانب الأُخرى، فتتعلّق بما هو تقني وتخصّ آليّات النشر، كانتشار ظاهرة الكتب المُزوّرة التي أغرقت أوروبا، والتي نعمل على منعها بشكل كامل داخل معارضنا، إلّا أنّ وجود الكُتب المزوّرة في العديد من المعارض والمنصّات في أوروبا شكّل إساءة وضرراً كبيراً للكتاب العربي في أوروبا".

ويختم البرغوثي حديثه إلى "العربي الجديد" بالحديث عن تفاعل الناشرين العرب مع المعرض: "حقيقة الموضوع متفاوت بشكل كبير، فهناك عدد من دور النشر التي تشارك في معارضنا منذ البداية خصوصاً دُور النشر العربية من قطر ودول الخليج العربي، وأيضاً دور النشر العربية من لبنان ومصر وتركيا وكندا، والتي تحرص على أن تكون عناوينها متوفّرة بشكل دائم ضمن المعرض".
 

المساهمون