محمود صُبح.. حياةٌ على ضفاف الشعر

محمود صُبح.. حياةٌ على ضفاف الشعر

26 فبراير 2022
محمود صُبح
+ الخط -

عن ستّة وثمانين عاماً، رحل، الإثنين الماضي، المترجم والأكاديمي الفلسطيني محمود صُبح (1936 - 2022) في العاصمة الإسبانية مدريد، والتي عاش فيها قرابة ستّين عاماً.

كان صبح في الثانية عشرة من عُمره حين هجّر الاحتلالُ الصهيوني عائلتَه عام 1948 مِن مدينة صفد؛ مسقطِ رأسه. وكانت وجهتَها دمشقُ التي سيُكمل دراسته فيها، حتّى تخرُّجه مِن قسم اللغة العربية في جامعتها عام 1964، ليعمل مُدرّساً في ريفها لفترة قصيرة، قبل أنْ يشدَّ الرحال إلى إسبانيا عام 1965 بعد حصوله على منحة لإكمال دراساته العليا في "جامعة كمبلوتنسي" بمدريد، وهي الجامعةُ التي سيُعيَّنُ أُستاذاً فيها بعد تخرُّجه منها بشهادة دكتوراه بأطروحة حول "شعر الحبّ العربي الأندلسي" عام 1967. ولاحقاً، درّس في مؤسّسات تعليمية أُخرى؛ مثل "المعهد الإسباني للثقافة العربية"، و"المدرسة الدبلوماسية" في مدريد.

إلى جانب الشعر الذي اتّسمت كتابته له بالتقليدية، كانت للراحل إسهامات بحثيةٌ وترجمية حاول من خلالها تعريف قارئ الإسبانية بالشعر العربي، ضمن توجُّهَين أساسيَّين؛ يُعنى الأوّل بالشعر الفلسطيني كما في كتابه "شعراء المقاومة الفلسطينية" (1969) الذي ألّفه بالاشتراك مع المستعرب الإسباني بيدرو مارتينيث مونتابيث، ويهتمُّ الثاني بالشعر العربي القديم، كما في عمله "تاريخ الأدب العربي الكلاسيكي" (2002)، والذي أتبعه، بعد عشر سنوات من ذلك، بكتابين، عن الشعر العربي في المشرق العربي والأندلس.

ظلّت معظم ترجماته حبيسة الجدران الأكاديمية ولم تُعرف خارجها

وذكرت صحيفة "إلباييس" الإسبانية أنّ الشاعر الراحل "سعى لترجمة قصائد لشعراء إسبان إلى العربية في غير ما كتاب، لكنّ معظم ترجماته ظلّت حبيسة الجدران الأكاديمية، ولم تُعرف خارجها، كما حاول جعل الشعر العربي الأندلسي معروفاً، من خلال كتاباته بالإسبانية عن ابن زيدون وغيره من شعراء الأندلس"، مُشيرةً إلى حضوره في المشهد الثقافي الإسباني بوصفه "سفيراً ثقافياً للشعب الفلسطيني، وممثّلاً لمقاومته الاحتلال".

وفي ما يخص ترجماته إلى العربية بقي أبرزها مذكّرات بابلو نيرودا "أشهد أنّني قد عشت" ومختارات له، وكذلك "مختارات من الشعر الإسباني المعاصر"، و"نماذج من المسرح الإسباني المعاصر"، ومن كتبه البحثية: "المواضيع والألفاظ العربية في أعمال لوركا الأدبية"، وصدر له كتاب شعري وحيد بالعربية بعنوان "ديوان قبل.. أثناء..بعد" عام 2015.

عاش محمود صبح سنوات حياته المديدة، بين منفيَين؛ دمشق ومدريد، وبانتماءين؛ إلى فلسطين التي اقتُلع منها صغيراً، وإلى إسبانيا التي عاش فيها أكثر من نصف قرن. في حوار مع "إلباييس"، نُشر عام 1977، يقول: "يُحتمَل أنّي إسباني. زوجتي وأولادي إسبان. أنا هنا منذ ما يقارب اثني عشر عاماً، وأعيش الواقع الإسباني وأحبّ هذه الأرض. علاوة على ذلك، وبما أنه ليس لدي بلد، فإنّي أرى طيفَه ينعكس في أراضي إسبانيا".

المساهمون