عودة المسرح البلدي في الجديدة.. من يُكمل إرث محمد عفيفي؟

عودة المسرح البلدي في الجديدة.. من يُكمل إرث محمد عفيفي؟

26 مارس 2023
"مسرح عفيفي" في مدينة الجديدة
+ الخط -

يَرتبط "المسرح البلدي" في مدينة الجديدة، غربَي المغرب، باسم محمد سعيد عفيفي (1933 - 2009) أكثر من أيّ اسمٍ آخر؛ ليس فقط لأنّ المسرحيّ الراحل تولّى إدارته في فترة من فتراته، بل لأنّه ترك أثراً بارزاً فيه، وفي الحركة المسرحية بالمدينة والمغرب عموماً، من خلال الأعمال الكثيرة التي أخرجَها أو شارَك في تمثيلها.

بدأ عفيفي تجربته المسرحية في الخمسينيات مع "فرقة التمثيل المغربي"، غير أنّ بدايته الحقيقية ستكون في الستّينيات مع "فرقة الشبيبة الوطنية" التي ستُعرَف لاحقاً باسم "فرقة المعمورة"، قبل أن يؤسّس ويترأّس "فرقة مناجم جرادة" في الثمانينيات.

وخلال تلك السنوات، قدّم كثيراً من الأعمال التي منحت نفَساً جديداً لـ المسرح المغربي؛ من أبرزها: "هاملت"، و"السوانح" و"التكعيكية"، و"الشرع عطانا ربعة"، و"عمايل جحّا"، و"الشطّاب"، و"لمعلّم عزوز"، و"مريض خاطرو"، و"الثريّ النبيل"، و"عطيل"، و"العضّ على الحديد" المقتبسة من عمل للمفكّر محمد عزيز الحبابي، و"الواقعة" التي تناولت تحرير الجديدة من الاحتلال البرتغالي.

تأسّس المبنى عام 1925 وشهد عرض أوّل مسرحية مغربية عام 1946

وإلى جانب ذلك، كانت لعفيفي تجربة في الإدارة الثقافية والعمل الأكاديمي؛ فإضافةً إلى إدارته لمسرح الجديدة البلدي بين سنتَي 1969 و1974، عمل أستاذاً للفنّ الدرامي في "المعهد الوطني" بالرباط بين 1962 و1968، وأستاذاً للمسرح في "المعهد الملكي للموسيقى" بالدار البيضاء بين 1981 و2005 و"المعهد العالي للفنّ الدرامي والتنشيط الثقافي" في الرباط بين 1990 و1991.

بُعَيد رحيله، ارتفعت الكثيرُ من الأصوات التي نادت بإطلاق اسمه على المسرح البلدي في الجديدة؛ وهو ما سيتحقّق في 2012. غير أنّ المبنى سيظلُّ في حالةٍ من الركود انتهت قبل سنوات قليلة بإغلاقه بدعوى ترميمه.

يوم الأربعاء الماضي، افتُتح المبنى مجدَّداً بعد فترة الإغلاق شهد خلالها أعمال ترميم وإعادة تأهيل بلغت كلفتُها الإجمالية قرابة عشرة ملايين درهم مغربي، وشملت تهيئةَ الممرّ، واعتماد عوازل للصوت في الحوائط والأرضيات بما يتطلّبه العرض المسرحي، وتجهيز قاعة العرض بمعدّات حديثة للإضاءة والصوت.

وقال المسرحيّ هشام بهلول، الذي أُعلن عن تعيينه رئيساً للإدارة الفنّية لـ "مسرح محمد سعيد عفيفي" خلال حفل إعادة الافتتاح، إنّ فتح أبواب المبنى مُجدَّداً أمام الجمهور يُمثّل "خطوةً لإعادة الحياة الثقافية والفنّية والفكرية في المدينة"، مُشيراً إلى أنّه جرى إعداد برنامج ثقافي خاصّ بشهرَي آذار/ مارس الجاري ونيسان/ أبريل المقبل، يتضمّن عرض قرابة 25 عملاً مسرحيّاً، إلى جانب أُمسيات للمديح والسماع الصوفي، من تقديم جمعيات ثقافية محلّية.

يعود تأسيس المسرح البلدي إلى زمن الاستعمار الفرنسي؛ حيث افتتح عام 1925، وكان في البداية مخصَّصاً للحفلات الموسيقية، قبل أن يتحوّل إلى مسرح عام 1930؛ السنة التي قُدّم فيها أوّل عرضٍ مسرحي، وهو "مريض الوهم" لموليير، وظلّ حكراً على المسرحيات الفرنسية حتى سنة 1946، حين عُرضت فيه أوّل مسرحية مغربية، وكانت بعنوان "إزاحة أمين" للمُخرج إدريس لمسفر. وبعد الاستقلال، شهد فترته الذهبية، خصوصاً في نهاية الستينيات مع تولّي عفيفي إدارته.

المساهمون