رحيل حسن الشرق: رسومات لا تغادر البساطة

25 نوفمبر 2022
حسن الشرق خلال لقاء سابق مع "العربي الجديد"
+ الخط -

أيّ مسار كانت ستتخذه تجربة الفنان المصري حسن الشرق لو لم يتقاطع دربه، بالصدفة، مع درب المستشرقة الألمانية أورسولا شيرنيغ مطلع الثمانينيات؟ ذلك أن الحكاية التي لطالما كرّرها الشرق، ومعارفه ومَن كتبوا عنه، تُخبرنا أن شيرنيغ هي التي "اكتشفت" موهبته، واشترت العديد من أعماله، ثمّ ساهمت بتنظيم معارض له في ألمانيا، ومن بعدها دار دولاب الفنان المصري، ليُقدّم معارض في فرنسا، وسويسرا، والولايات المتّحدة، وكذلك في مصر وعدد من البلدان العربية.

أوّل من أمس الأربعاء، رحل الرسّام المصري حسن الشرق عن 72 عاماً بعد إصابته بأزمة قلبية نُقل على إثرها إلى مستشفى في المنيا، بصعيد مصر؛ غير بعيد عن قرية زاوية سلطان التي وُلد (1949) ونشأ وقضى حياته فيها.

وتُشبه سيرة الشرق، كما تُتَناقَل عنه، سيرة العديد من الفنانين والمبدعين الذين يُصنَّفون ضمن خانة الفن "الساذج"، أو الفطري. فكما هو الحال مع التشكيلية الجزائرية باية، أو الكاتب المغربي محمد شكري، سيكبر حسن الشرق في جوّ ريفي، بعيد عن الثقافة (كان والده يملك محلّ جزارة). ومثلهما أيضاً، لم يستطع استكمال دراسته، بل إنه سيبدأ بخطّ رسومه الأولى على الأوراق المستخدمة للفّ اللحوم... قبل أن تطّلع على أعماله مستشرقة أوروبية ستساهم في إخراجه إلى الضوء وإلى "العالمية".

بدأ بخطّ رسومه الأولى على الأوراق المستخدمة للفّ اللحوم

وربما تكون أورسولا شيرنيغ هي التي اقترحت على حسن عبد الرحمن حسن (اسمه الحقيقي) اعتماد اسم مستعار يحضر "الشرق" فيه، بكلّ ما في هذه الكلمة من إحالات في عقل الغربيِّين.

وبالعودة إلى السؤال: ماذا كان سيحدث لو لم ترَ المستشرقة الألمانية أعمال الفنان المصري وتُعجَب بها؟ ربما لم يكن ليعثر على صالات ومتاحف تستضيفه في الغرب، لكن ذلك لن يعني أنه لم يكن ليجد اعترافاً في مصر، ولا سيّما أن عديداً من الفنانين الذين استلهموا التراث العربي القديم، أو المصري، مثله، وجدوا اعترافاً بهم في بلدهم. ويكفي هنا أن نذكر اسم حلمي التوني، الذي لم تخرج رسوماته، يوماً، من تلك البساطة التي تتقاسمها مع رسومات الشرق.

من أعمال حسن الشرق - القسم الثقافي
(من أعمال حسن الشرق)

بعد سلسلة المعارض التي أُقيمت له في ألمانيا (شتوتغارت، ميونخ...) وفرنسا وسويسرا بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ستتوالى استضافات أعمال حسن الشرق في الصالات المصرية، ولا سيّما خلال العقد الأول من هذه الألفية، الذي حضر فيه بشكل شبه سنوي في صالات القاهرة.

اتّسمت أعمال حسن الشرق ببساطتها تكويناً وباستلهامها من التراث إلى حدّ بعيد، حيث السرديات البطولية (السيرة الهلالية) أو الأسطورية (ألف ليلة وليلة)، وحيث الوجوه المستديرة، التي تذكّرنا بالفنون المصرية القديمة، والأعين المشدوهة، التي تذكّرنا بالمنمنمات الإسلامية، ولا سيما الفارسية منها. كما لا يغيب المزيج بين البشريّ والحيواني، وبين الصورة والحرف، عن أغلب لوحاته.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون