خيسوس كاستانيار بيريز: المقاومة الفلسطينية في سياقها الحقيقي

22 يناير 2024
مظاهرة في مدريد تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على غزّة، 2 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

​يُعدّ خيسوس كاستانيار بيريز، أستاذ التاريخ في "جامعة كاستيا لا منشا"، من أبرز المتخصّصين الإسبان في الصراعات الدولية وحركات المقاومة والديناميكيات والاستراتيجيات السياسية التي تنفّذها هذه الحركات عند تحديد التحديات السياسية. وقد ألّف العديد من الكتب في هذا الموضوع، وكتبَ الكثير من المقالات التي تناول فيها حركات المقاومة لدى الشعوب.

ومع بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، أسهم الباحث الإسباني في كتابة العديد من المقالات في الصحف الإسبانية، ليوضّح للجمهور العامّ مجريات الأحداث، ولا سيّما السياق الذي جاءت فيه عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها حماس في السابع من الشهر نفسه، والتي تعامل الغرب معها على أنّها "عملية إرهابية".

غير أنّ خيسوس قرأ "طوفان الأقصى" في سياق المقاومة الشعبية التي تمارسها الشعوب من أجل تحرير أراضيها من الاحتلال، ومن أجل ذلك ألّف كتابه "المقاومة الشعبية الفلسطينية ضدّ الاحتلال الصهيوني (1917 - 2023)"، الصادر حديثاً عن دار "Revolussia" الإسبانية، في 288 صفحة.

يَعتبر أنّ معرفة التاريخ تُساعد على معرفة عنف الصهيونية

قد يستغرب القارئ عندما يعرف أنّ القسم الأوّل من الكتاب مخصّص للحديث عن تاريخ القضية الفلسطينية، حيث يعود بنا الكاتب إلى القرن التاسع عشر، حين اشتدّت تحرّكات المشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين، مستغلّةً المناخ السياسي السائد حول الأطماع الاستعمارية الأوروبية في تقسيم ممتلكات "الرجل المريض".

وهكذا بتفصيل دقيق، يسرد المؤلّف حكاية فلسطين، وحكاية الاستيطان، ومن ثمّ الاحتلال، وسياسات الفصل العنصري والحصار والتجويع والتشريد والعزل التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين منذ عام 1917.

ستكون هذه المقدّمة التاريخية المطوّلة ضرورية، كما يعبّر الكاتب، لكي يُفهم السياق الذي نشأت فيه حركات المقاومة الفلسطينية. فهذه المقاومة، كما يقول "لها تاريخ طويل من التعبئة، غالباً ما يُنسى في الروايات الرسمية. ومن هنا تُشيطَن المقاومة. إنَّ معرفة التاريخ تُساعدنا أيضاً على معرفة عنف الصهيونية، ووحشية إسرائيل التي تقدّم نفسها كـ'دولة ديمقراطية'، لكنّها، كما تُبرز التجربة التاريخية، لم ترتكب إلّا المجازر في فلسطين، وصولاً إلى حرب الإبادة الجماعية في غزّة. كلُّ هذا يشكّل جزءاً من مشروعٍ سياسيّ عنصري قائم على أساس التطهير العرقي".

المقاومة الشعبية الفلسطينية

يخوض خيسوس في تعريف مصطلح المقاومة، والاختلاف عليه، وتذبذباته الغربية، وعدم رغبة القوى الكبرى في صياغة تعريف محدّد للمقاومة، لأنّ ذلك لا يخدم مصالحها. فما هو مقاومة يُسمّى "إرهاباً"، كلّ ذلك خدمةً لمن يدّعون أنّهم "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". ولا يتردّد الكاتب في تعريف المقاومة الفلسطينية بوصفها مصطلحاً يشير إلى الحراك والسياسات والدعوات والعمليات التي تدعو وتدعم مقاومة الاحتلال والاضطهاد والاستعمار الإسرائيلي للفلسطينيّين والأراضي الفلسطينية، وتسعى للتخلّص منه.

يكتسب الكتاب أهميّة بالغة في ظلّ العدوان الذي تشنّه "إسرائيل" على غزّة، ولا سيّما لجانب دحض السردية الصهيونية السائدة في الغرب، التي تشيطن حركات المقاومة الشعبية، وتُحوّل الجلّاد إلى ضحية، ويأتي أيضاً في سياق الفهم الصحيح من قبل الأكاديميّين والكتّاب والمؤرّخين للقضية الفلسطينية ولحركات المقاومة التي تناضل من أجل تحرير أراضيها.

المساهمون