بلستيا العقاد.. تلك الثقة الشابة في مواجهة القصف

بلستيا العقاد.. تلك الثقة الشابة في مواجهة القصف

19 أكتوبر 2023
بلستيا العقاد
+ الخط -

غيّر فجرُ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري المشهدَ السياسي في المنطقة العربية، فما بعد عملية "طوفان الأقصى" ليس كما قبلها على الإطلاق، كما أنّ صمود أهل غزة في وجه آلة القتل وحرب الإبادة الإسرائيلية، ما زال محطّ إعجاب وتضامُن أحرار العالم ممن يناصرون القضية الفلسطينية.

يُوثّق أهل غزة جرائم العدو وصمود الناس أيضاً. جيلٌ جديد بدأ يتصدَّى لهذه المهمة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لينقُل عبرها كمّاً مهولاً من الفظاعات والجرائم التي تُرتكب بحقِّ المدنيِّين. ومن بين هذه الأسماء تُطالعنا الصحافية الشابّة بلستيا العقاد (22 عاماً)، بفيديوهات من قًلْب غزة، والتي لفتت الأنظار إليها بصلابتها وثقتها بنفسها.

للوهلة الأولى، يبدو أن الناشطة توثّق تفاصيل وقصصاً إنسانية، لكن الأمر أبعد من ذلك. نحن، هنا، أمام نموذج فريد، الصحافة فيه لا تقف عند حدود "النقل"، فالإرهاب الصهيوني حتّم، على سكان غزة، المُواجهة بكلّ الوسائل. لذا فإن هذه التغطيات لا تندرج ضمن تصنيفات المُراسَلة الصحافية التقليدية، بل هي امتدادٌ أكثر خبرة، بالمعنى الميداني، لمفهوم "المواطن الصحافي" الذي بدأ بالظهور مع بواكير الانتفاضات العربية.

ما يحدث اليومَ نسخة متقدّمة من إجرام إسرائيلي لم ينقطع

في أحد تسجيلاتها تقول الصحافية الغزاوية: "لقد شهدتُ العديد من الاعتداءات سابقاً، وكذلك الانتفاضات، ولكن ما أشهده، اليومَ، هو نسخة مُحدَّثة"، في إشارة إلى سبق الإصرار والتصميم الإجرامي لدى الصهاينة، منذ سبعة عشر عاماً، هي العُمر الفعلي للحصار، وما تخلّلها من حروب وإبادات شنّتها "إسرائيل" ضدّ أهالي القطاع. وكلامها هذا يدعنا نتساءل: أي طفولة عاشتها العقاد وجيلُها، وقد نهش الحصار أعمارهم، لكنه لم ينل قط من أرواحهم التوّاقة إلى الحرّية.

تقريباً، لا يخلو حديثٌ للصحافية الشابة أمام الكاميرا من أصوات لقذائف في الخلفية، حتى ولو لم تكن في تغطية مباشرة للمجازر على الأرض. يبقى التسجيل الأشهر لها حتى الآن، وهي تستعيد ما قالَهُ لها جدُّها عن نكبة عام 1948، وأنها طوال عمرها لم تستطع أن تفهم المعنى الحقيقي لما يقولُه، ولكنّ الأيام الأخيرة كانت كفيلةً بأن تعرف حقّ المعرفة ما جرى قبل خمسة وسبعين عاماً.

"مستشفى القدس" و"الإخلاء"، ربّما هاتان الكلمتان الأكثر تردُّداً على لسان العقّاد. ورغم أنّ المستشفى ليس ملجأً، لكنّ تواتر القصف الصهيوني، والأعداد الكبيرة للشهداء من كلّ المناطق والعائلات الغزّية، واتّخاذ "إسرائيل" المباني المدنية هدفاً لحِمَم طائراتها الحربية، كلُّ ما سبق يجعل من البيوت رمزاً للانتماء والإصرار على حبّ الحياة. أما مناشير الإخلاء الترويعية التي تُلقي بها "إسرائيل" قبل تنفيذها لغاراتها الإرهابية، فليست سوى محاولة رخيصة لسَلْب ثقة الفلسطيني بمنزله، وبمكانه الذي يعيش فيه، وبمقاومته التي أيّدته بثقة هي كـ"طوفان الأقصى" تماماً، راسخة لا تتزعزع.

موقف
التحديثات الحية
 

المساهمون