"واجهات" بيروت: لوحات المدينة وأحزانها

"واجهات" بيروت: لوحات المدينة وأحزانها

06 اغسطس 2021
(واجهة "مبنى بولس فياض" في بيروت)
+ الخط -

تضرّر "مبنى بولس فياض"، الواقع في الجهة المقابلة لمرفأ بيروت بين الحوض الأول والثاني، في انفجار المرفأ. وبعد مرور عام كامل، وفي ظلّ غياب أيّ اهتمام رسميّ أو أيّ مساعدة، فتح المبنى واجهاته لفنّانين ورسّامين ليستخدموها في التعبير عن أنفسهم، كلٌّ على طريقته، وكأنه أراد أن يعبّر عن سخطه وغضبه وألمه وحُزنه وعدم فهمه تجاه هذه الجريمة المروّعة، وعن تضامنه مع جميع المتضرّرين جسدياً ومعنوياً من هذا التفجير، ولكن، وقبل كل شيء، أرادَ أن يجدّد المطالبة بالمساءلة.

جميع الفنانين المشاركين من سكّان لبنان، ومن الذين تضرّروا بشكل أو بآخر من الانفجار. أعدّ هؤلاء أعمالهم مسبقاً للمناسبة على لوحاتٍ عمودية ضخمة، وتتراوح أحجامها بين عشرة أمتار و12 متراً. وتُعرض الأعمال لمدة شهر بين شبابيك القاطنين السّبعين في المبنى الذين لم يكفّوا يوماً عن العملِ فيه. 

يحمل العرض عنوان "واجهات"، وساهم في إعداده فريق "غاليري جانين ربيز" بإشراف نادين مجدلاني بكداش و"مجموعة شركات الجزائري"، و"مجموعة دومتكس"، وأسرة حليم بولس فياض، ومن الداعمين أيضاً: حبيب دبس و"كولورتيك" و"print works".

يسعى المشروع إلى إحياء ذكرى جماعيّة ووجدانيّة في آنٍ واحد. استعادة لهذه المأساة الرهيبة التي دمّرت وأطاحت حياة أفراد وعائلات وأحياء ومدينة وبلد بأكمله. ويؤكّد بطريقته على أساليب الصّمود في وجه تدمير المدينة وناسها وتراثها وتفاصيلها.

أما الفنانون فهم: راشد بحصلي، وداليا بحصلي، وداليا بعاصيري، وليلية بنبلعيد، وإيلي بورجيلي، وجوزيف حرب، وسمعان خوّام، وعلي علوش، ويوسف عون، وسامي الكور، وعماد فخري، وأحمد غدار، وليلى جبر، وفادي الشّمعة، وهنيبعل سروجي.

في مداخلته، يقدّم فادي الشمعة نفسه كأحد ضحايا هذه المجزرة وذلك من خلال لوحة حملت عنوان "تراكم " ويطرحُ في بيانه المرفق سؤالاً بالغَ السخرية: "بماذا نشعرُ الآن؟". ويضيف بأنّه لم يعد يملك شيئاً سوى هذه الرّيشة واللّوحة، ومشاركته في هكذا فعاليّة أداة ووسيلة لنقل غضبه ويأسه وفقدانه لأيّ وسيلة تعبير مجدية.

من جهتهما، يتساءل راشد وداليا بحصلي: "يمامة السلام هي ما بقي من شعب قضى عمره مناضلاً لكي يحمي ويقوم ببلد أصبح مقعداً الآن. هل سيبقونه على قيد الحياة؟". 

يتضمّن "واجهات" لوحات ومساهمات أخرى لعماد فخري عنونها game over، وأيضاً لهنيبال سروجي الذي اختار باباً له golden glow، وكذلك علي علوش موقعاً بـ old Beirut، ومن جهتها لم تخش ليليا بنبلعيد التعبير والاستغراق في التشاؤم من خلال لوحتها abime، أي الهاوية التي ليست ببعيدة عن مجريات الأحداث اللبنانيّة. 

وأخيراً، عنوَن سمعان خوّام، وهو أحد الناجين من الانفجار بعد وقوع نافذة المشغل عليه، جداريته بـ the human condition ووقّعها بإحدى قصائده عن الكارثة:

"هنالكَ في الرّكود 
حيثُ ظلُّكَ يتأرجحُ في كلِّ الاتّجاهات
هنالكَ عندَ النبع
حينَ يتساوى القاتلُ والضّحيّة
كلاهُما ضيفٌ على المائدة
هنالكَ
قلبكَ هوَ الوليمة".

موقف
التحديثات الحية

المساهمون