نصف يوم لتحصل على مكالمة هاتفية

05 مايو 2019
+ الخط -
استكمالاً لأحاديثنا السابقة المتعلقة بتطور وسائل الاتصال.. وفي مستهل جلسة "الإمتاع والمؤانسة"، قال الأستاذ كمال: في الماضي كانْ الاتصالْ بالهاتفْ من مدينة لمدينة ضمن سورية كتير صعب، وفينا نعتبرو واحد من الهموم المزعجة. لاكن، إذا إنته بتنظر لهالموضوع بمنظار الزمن الحاضر راح تلاقيه بيضحِّكْ، وبيسلي.

وقال مخاطباً العم أبو محمد: هلق وإنته قاعد هون في الريحانية، إذا موبايلك فيه وحدات دولية بتحسن تحكي مع ابن أختك عامر في نيويورك بسهولة، وبسرعة فائقة، يعني يا دوب تنتهي من تنضيد الرقم بيرن الهاتف عندو، وبيفتح الخط وبتحكوا مع بعض. ولو إنو موبايلك متطور شوي كان بإمكانك تْسَجْلُو على شبكة الإنترنت "الواي فاي" وتحكي معو، من دون ما يكون عندك وحدات دولية، ومن دون ما تكلفك المكالمة قرش واحد.


قال أبو الجود: قصدك إنو بيحكي معو بالواتس أب؟
قال كمال: بالواتس أب، أو بالماسنجر، أو بالفايبر، أو بالسكايبي، أو بالإيمو. وممكن عدد من الأشخاص يعملوا مكالمة جماعية عالماسنجر، حتى لو كان كل واحد من هالأشخاص عايش في دولة بعيدة كتير عن الدول الأخرى. كمان بيحسن الواحد يعمل بث مباشر على الفيسبوك، ويحكي اللي بدك ياه. حتى فيه واحد من بلدنا بيعمل بث مباشر وبيقول كلام كلو علاك وأكل هوا، وبتلاقي في ناس متابعينو وعم يسمعوا الدرر تبعو. منشان هيك كنت عم قول إنو الاتصالات في الماضي كانت بتضحّك وبتسلي. لأنه كانت عسيرة لدرجة لا توصف.
قلت: يا شباب، كان عنَّا في بلدة معرتمصرين -مثلاً- غرفة هاتف للعموم موجودة في دكان العم "علي الشب" الكائن في السوق الجواني، وكان اللي مضطر يحكي تلفون مع دمشق يجي لعندو ويقلو: عمي أبو ماجد، بعد أمرك، اطلبْ لي الشامْ. ويطالع من جيبو ورقة مكتوب عليها الرقم ويناولو إياها. وكان الطلب يبدا بعملية التسجيل، يعني العم أبو ماجد بيدوّر الإيْدْ تبعْ جهاز التلفون حتى يرد عليه عامل الصنطرال الموجود في أول طريق إدلب، ويقلو: يخليلي إياك أبو فلان، سَجّلْ لي الشام عندك. وبيملي عليه الرقم.

وكانت عملية تأمين الاتصال كانت تاخد في الحد الأدنى ساعة، وبهالحالة طالب الرقم لازم يبقى قريب من الدكان، حتى إذا الله سهل الأمور وأجتْ المكالمة يحكي مع صاحب الرقم اللي طلبو. ولما طال الرقم بيضوج كان يقلو لأبو ماجد: إذا أجت المكالمة ليكني أنا هون عم إشرب شاي عند عبد الرؤوف فلفلة أبو علي.

قال أبو جهاد: بعد إذنك يا أبو مرداس، أنا كنت بزماني سجل المكالمة عند أبو ماجد وأبقى قاعد عندو في الغرفة الزغيرة اللي بيسميها (الأبُّوسة)، وكل شوي نتصل بالصنطرال ونسألو: أشو صار بمكالمة الشام يو خاي؟ فيرد علينا ويقول: والله العظيم طلبناها، بس الخطوط اليوم عم تتأخر. وبالأخير أنا إنزعج وقلو: خيو الغيها. بطلنا نحكي.

قال كمال: يا سيدي هاد كلو كوم، ولما بتجي المكالمة كوم. لأنو بوقتها راح تطلع للمتصل مشاكل جديدة، المشكلة الأبرز هي الصوت اللي بيجي ضعيف ومتقطع وأحياناً بتسمع صوت ضجيج بيشبه زمامير العرس. وكان اللي عم يحكي يعتقد أنو سبب ضعف الصوت هوي دخول عامل المقسم على الخط. فيصيح فيه: ولك يا مقسم اطلاع عن الخط خلينا نفهم هالكلمتين.
قلت: والله صح. وأنا بتذكر إنو أخوي عمر كان عم يحكي مكالمة، وفجأة وقف وقال لعامل المقسم بعدما سماه بإسمو: أبو فلان، أنا عندي حل، سَكِّرْ إنته الخط من عندك، وبعدما نخلص حكي أنا وفلان مستعد دق لك تلفون وإحكي لك أشو حكينا أنا وهوي بالتفصيل الممل.

للحديث صلة
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...