هل حقّاً أنا صحافي مذنب؟!

29 يناير 2018
+ الخط -
هل حقّاً أنت كافر؟ هل حقّاً أنت عاق لوطنك؟، أسئلة كثيرة طرحت علي كصحافي وممارس لمهنة المتاعب في زمان المتاعب التي لا تنتهي أبداً، وفي زمان رصاص الأقلام، وأصبحت مهنتي التي عشقتها، منذ نعومة أظافري، تمارس علي من طرف بعض المواطنين والباعة المتجولين والمتسولين والجالسين على أرصفة الشوارع ويتدربون على مهنة المتاعب التي أصبحت حقاً تجلب فقط المتاعب لصاحبها من السجن إلى الكره مروراً بتكاثر الأعداء.

وكأنك تمارس جريمة في حق هذا العالم الذي يعيش على أسرار لا تعلمها إلا قلوب الأشخاص الذين قاموا بتلك الأفعال والانتهاكات السامة من حروب واغتصاب إلى الاتجار في عظام وجلود البشر من أجل صنع "بندير" للرقص على جثة أصحابها.


هل حقاً أنت كافر؟، سؤال طرح على مسامعي، وأنا أحتسي قهوتي السوداء في مقهى من مقاهي العاصمة الرباط، سؤال كانت صاحبته شابة تدرس وتصوت، وتأكل من رغيف الوطن كباقي المواطنين، وترفع علم الوطن في المسيرات والأعياد الوطنية، كباقي المواطنين الذين يحبون هذا الوطن العزيز.

كانت الشابة المعنية تسأل والخوف يبدو على ملامحها، من خلالها قرأت بأنها حقاً تعتبر الصحافة بالمغرب سلطة رابعة تؤثر في أصحاب القرار وتنقل الحقيقة كما يجب أن تنقل.

بكل عفوية أجبت عن أسئلتها، نعم، أنا مواطن كباقي المواطنين أصوت وأرفع علم وطني في الأعياد والمسيرات... لم أتمم كلامي حتى قاطعتني بسؤال جريء: متى ستهجر الوطن وتصبح أنت كذلك من أصحاب "أقلام المهجر"؟

فماذا صنعت تلك الأقلام التي هاجرت وانضمت إلى مركب أقلام المهجر التي وضعت الوطن في المزاد العلني؟ هل وجدت وطناً يشبه حليب وطنها الذي هجرته، أم ساهمت في بناء ووضع الحجر الأساس من أجل تنمية وطنها من قلب أوطان أخرى؟.

لا هذا ولا ذاك، ولكن كثير من الأقلام هاجرت وقامت فقط بتخريب وطنها لا غير من أجل بناء أوطان أخرى، والأيام والسنوات تحكي لنا أرقام الصحافيين المغاربة الذين هاجروا إلى فرنسا وإلى بلاد العم سام وإلى كل بقاع العالم من أجل قصف الثدي الذي أرضعهم الحليب وقام بتربية أقلامهم.

ربما كان سؤال تلك الشابة في محله، فكم من قلم هاجر الوطن وأصبح عاقاً بلده، ويخدم أجندة خفية من الخارج ويحارب مع من يقدم له أكثر وقلمه لا ينتهي مداده حتى تنتهي الأموال التي تقدم إليه.

كثير من الأقلام المهاجرة التي تتاجر في البشر وتتلقى تأييداً من الخارج من أجل الحصول على منفعة خاصة، والتي تتمثل بالأساس في فتح مؤسسة إعلامية لفائدة أرصدتهم البنكية عوض أرصدة الوطن ومواطنيه، لكن يبقى رصيد بلادي يتقدم كل الأرصدة، فبلادي وإن جارت علي عزيزة‎.