حينما يتفلسف الحمار السوري

حينما يتفلسف الحمار السوري

20 نوفمبر 2017
+ الخط -
عثرتُ في مجلة الغربال التي كانت لصديقنا محمد السلوم على نَص يرويه حمار سوري، فيقول:

- علينا، نحن معشر الكائنات الحية، أن نعترف بغرابة العصر الحديث.. ففيه يختلط عباس بدباس بالحمار بالكلب بابن آدم بالحابل بالنابل، وتستوي فيه، كما يقول أهل معرتمصرين: الطز مع المرحبا!

فأنا، الحمار ابن الحمار، مثلاً، أصبحتُ كاتباً مرموقاً، لي زاوية ثابتة في مجلة "كش ملك" الإلكترونية التي يديرها أخي العزيز خطيب بدلة، ثم في مجلة الغربال، ولكثرة انخراطي في العمل الصحفي اضطررتُ لأن أفتح حساباً على فيسبوك، وصار عندي إيميل، وموقع إلكتروني (www.ha-ha.com) وسكايب، وفايبر، وواتس أب.. الله وكيلكم ما بقى غير أن يأتوني بملحن ويسجلوا (شهنقتي) على أسطوانات، حتى أكتسح الموقف وأكسر الأسواق، وما حدا أحسن من حدا.

مراسلاتي صارت (دوكما)، وصرت أتأخر في الرد على الرسائل الإلكترونية، لأن الوقت ما عاد يكفيني للرد عليها كلها أولاً بأول.

الأستاذ (سين هاء)، وهو على ما يبدو رجل عَلْماني، كتب لي رسالة مطولة، ومعقدة، و(فايتة ببعضها)، استطعت أن أستشف منها شيئاً مما يقصد، وهو أن القوى المدنية والديمقراطية الموجودة في سورية، التي لم تشترك في الثورة سابقاً ستشترك الآن، بزخم كبير، لأنها أدركت أن البلد في خطر، والثورة مهددة، وأن الأحزاب اليسارية الواقفة إلى جانب النظام التي تُعينُه على قتل المزيد من أبناء الشعب السوري وتهديم منازله ستتوقف، الآن، ثم تنشق عن النظام، وتهرع من توها للوقوف إلى جانب الثورة! وخلال فترة وجيزة ستتحد القوى اليسارية والديمقراطية والعَلمانية والليبرالية مع القوى الإسلامية المعتدلة، وسيشكلون جبهة قوية متراصة تخلص البلد من النظام، ومن التطرف في الوقت نفسه، وسوف ترى الجمهورية السورية تضاهي السويد وبريطانيا وألمانيا في الرقي والمدنية وحقوق الإنسان والحيوان.

الدكتور (ميم راء) كتب لي يقول إن النظام السوري سوف يسقط قبل نهاية العام الحالي، من خلال تحالف عسكري دولي، يتشكل خارج مجلس الأمن، وسوف تشرف قوات هذا التحالف على إقامة انتخابات برلمانية نزيهة في سورية، وستجري في سورية مصالحة وطنية غريبة من نوعها لا تترافق مع إراقة قطرة دم واحدة، وسيتم الانتقال إلى بر الأمان بهدوء ولطف وسلاسة يصعب على عقلك الغبي- يا حمار- أن يستوعبها! 

الشيخ أبو قتادة الجَبَلْشَيْخي أرسل إلي رسالة مطولة يخبرني فيها، بعد التحية والسلام والصلاة على خير الأنام، تنص على أن الثورة المسلحة في سورية ستنتصر، وسيتم القضاء على النظام السوري وعلى القوات الخاصة الإيرانية التي تقاتل إلى جانبه، ومليشيات الإرهابي حسن نصر الله، وجنود لواء أبي الفضل العباس، بفضل تلاحم القوى الإسلامية المقاتلة على الأرض، واستعدادها للتضحية في سبيل الله، وحينما ننتهي من إسقاط هذا النظام، لن (نضرب فرامل)، إن شاء الله، وسوف نبقى (داعسين) في (جهادنا) المقدس حتى نصل إلى الجولان، فنفتح الجبهة المغلقة، ونتابع طريقنا، حتى نصل إلى المسجد الأقصى، فنفتحه، يوم الخميس، وفي يوم الجمعة يصلي المسلمون القادمون من أقاصي الأرض وأدانيها، ويعلنون إقامة دولة الخلافة الشامية الكبرى وعاصمتها القدس وسيدفع الذميون الموجودون على أرضنا الجزية وهم صاغرون..

وحينما استوضحتُ منه عما سيكون موقف أميركا من تحرير الأقصى وإعلان هذه الدولة كتب لي رسالة من كلمتين: "طز بأميريكا".

هل تعرفون لماذا يكتبُ لي هؤلاء الناس مثل هذه الأشياء التي لا يمكن أن يصدقها عقل ولد صغير؟

أظنكم تعرفون. إنهم يفعلون ذلك لأني حمار. ومن شدة جهلهم وغبائهم يعتقدون أن (الحمار بيضل حمار)! 

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...