وجاءهم الطوفان من حيث لا يحتسبون

وجاءهم الطوفان من حيث لا يحتسبون

29 أكتوبر 2023
+ الخط -

لم تكن عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة "حماس" يوم الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مجرد عملية مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة فقط، بل إن الأمر تعدى الحدود الجغرافية للعملية لتشمل سائر البلدان العربية، وذلك لإحياء ضمائر هذه الشعوب وإعادة القضية الفلسطينية إلى وجدان كل عربي.

فما إن بدأت خيوط فجر يوم 7 أكتوبر بالظهور، ومعها وصول الأخبار من فلسطين، حتى بدأت روح المقاومة والتحرر تنبعث في روح كل عربي حر، وبذلك عادت فلسطين القضية المقدسة لكل الشعوب العربية كما كانت في زمن ليس ببعيد.

ولعل سبب إحياء القضية الفلسطينية في ضمائر الشعوب العربية من جديد، بعد عملية "طوفان الأقصى"، يمكن إجماله في نقطتين أساسيتين:

  • تتمثل النقطة الأولى في أن عملية "طوفان الأقصى" ليست كغيرها من عمليات المقاومة السابقة، حيث إن مشاهدة المقاومين الفلسطينيين داخل الأراضي الإسرائيلية (الأراضي المحتلة)، وكذلك أخبار وصور أسر المقاومين الفلسطينيين للأسرى من قلب المستوطنات الإسرائيلية، هو أمر غير مألوف، بل كان قبل اليوم 7 أكتوبر درباً من دروب الخيال، وهو ما جعل أي مواطن عربي يحس بطعم النصر الذي لم يتذوقه العرب منذ حرب أكتوبر سنة 1973، بل ولعله أول انتصار يخص القضية الفلسطينية.
  • أما النقطة الثانية، وهي تأكد كل الشعوب العربية، وخاصة تلك التي سلمت بالتطبيع أو السلام مع إسرائيل، أن هذا الكيان لا يعرف لغة السلام، بل هو لا يجيد سوى لغة الخراب والدمار، وهو ما اتضح في طريقة رد جيش الاحتلال على المقاومة الفلسطينية، ومع وحشية إسرائيل في التعامل مع الأبرياء والمدنيين. وكشفت سياسات العقاب الجماعي لكل عربي كان مخدوعاً بالصورة الديمقراطية لإسرائيل أنّها سوف تبقى دائماً الكيان المغتصب والمحتل.

إذاً، عملية "طوفان الأقصى" حققت العوامل الأساسية في معادلة إحياء ضمير الأمة العربية، والمتمثلة في تحقيق نصر غير مسبوق على العدو الإسرائيلي كعامل أول، وأما العامل الثاني فيتجلى في كشف الصورة الحقيقية للكيان الإسرائيلي، التي حاول طمسها عبر اتفاقيات التطبيع ومعاهدات السلام مع الحكومات العربية.