ينبغي أن يُفهَم العفو الرئاسي في السياق السوري أنه أداة متعددة الأوجه في يد نظام قمعي، ويجب ألا يُفهَم على أنه تنازل حقيقي. يجب أن لا يفهم هكذا على الإطلاق، تماشيا مع إيقاع خطابات الأسد الثابتة، الذي ما زال يعزو اندلاع الثورة إلى "المؤامرة الخارجية".
يتجلى الأثر الأسوأ للحرب السورية بحصر تفكير كتّاب الدراما ومخرجيها بسياسة "كسر العظم السوري"، وتسييس المسلسلات وتضييق الأفق الجمالي والفكري، بحيث يبدو العمل الدرامي أنه يحمل رسائل سياسية مباشرة ومملّة، تصلح لنشرات الأخبار أكثر مما تصلح لأي عمل فنّي.
تعيش سورية حالياً حالة صراعٍ على السلطة يعكس الافتقار إلى وجود رابط قوي بين السوريين. صراع حوّلهم إلى قطيعٍ من "المظاليم" يسير وفق مشيئة الديكتاتور. لا يمكن للبلاد أن تتعافى من دون الانتقال السياسي، ومن ثمّ اتّباع مسار وطني متكامل للعدالة الانتقالية.
السوري المهزوم اليوم ألِفَ النصوص التي لا تحوج الى كثيرٍ من التأمل والفحص والتدقيق والمراجعة. النظم الاستبدادية تحوّل النفاق إلى طبع مغروس، وتجعل الجهل فريضةً مقدّسة تُمارس بلا تفكير، متناسية أن التاريخ يكتبه الجميع، كانوا واعين بذلك أم لا.
بالنظر إلى سجلّه في الخداع، مدفوعاً بإيمانه الضمني بحتمية سقوط روسيا في أوحال أوكرانيا، لم يمانع بشار الأسد عودة الملف السوري إلى أيدي الإيرانيين، ليكونوا اللاعب الأول فيه، خصوصا أنّ فاتورة الحرب السورية تُظهر أن إيران هي التي دفعت الجزء الأكبر منها
تحت رحمة نظام سحق فردية الإنسان السوري، ولم يبالِ به ولا بآلامه وأحلامه، إنما وظّفه كترسٍ في آلة عنف عملاقة في سبيل قضايا لم يخترها ولم يفهمها. وعليه، نجزم أنّ السوريين وحدهم من بين شعوب الأرض يموتون في هذه "المزرعة العجبية"، من دون أن يخلّفوا جثثاً.
يبدو بشار الأسد اليوم أضعف من أي وقت آخر، وانزلق، أخيراً، في فخّ الجحيم الذي حفره بنفسه، وأيضاً أنّه سيكون في مواجهة خاصة مع انتفاضة السويداء في ظل معطيات على درجة عالية من الحساسية والتعقيد، لعل أهمها انتشار القوى الأمنية التابعة للنظام وسط المدينة
الرؤى المختلفة بشأن مفهوم المواطنة قابلة للاتحاد في إطار يضع الإنسان السوري، بخصوصيته الفردية، كالقيمة الأولى في البحثين، السياسي والمجتمعي، عن المعنى، أما كنه المعنى الديني على أساس المناهج المتنوعة فموضوع في وسع السوريين أن يتفقوا على أن يبقوا فيه.
تقودنا المناورات الشريرة للنظام في سورية إلى محصلات تبسيطية؛ إدراكه أن وسائل الإعلام لا تقل أهمية عن الجيوش الميدانية، بدلالة حرصه على إعطاء هامش حرياتٍ لصحافيين وناشطين في فلكه، محاولاً بذلك دعم البروباغندا الخاصة به من خلال "الحرب على الإرهاب".
أصبح حديث الشارع في سورية عن انقطاع الكهرباء ونقص الوقود وارتفاع الأسعار وثبات أجور الموظفين بمثابة مؤامرات فاجرة تُسهم في "إضعاف الشعور القومي" أو "وهن نفسية الأمة". وصياغة المصطلح بهذا الشكل الزئبقي مع عقوبته المبالغ فيها لإدخال أي سوري تحت عباءته.