من يستمع إلى كلام المذيع المصري، نشأت الديهي، لابد وأن يتساءل: هل السلطة الحاكمة في مصر تدفع أمثاله إلى هذه الآراء دفعاً، أم أنّ السيد الديهي يتطوّع، بهذه الفجاجة المفرطة والبجاحة الفكرية، كي يظل في طي حجر السلطة حتى آخر نفس يتنعّم بالمزايا والمناصب؟
تحمل الكتابة عادة عذابات العالم على كاهلها بسخاء وبلا شكوى، لتكون ذلك الشبّاك الذي تأوي الروح إلى نوره الشحيح في ساعات التعب، أو ذلك العكاز الذي نتكئ عليه، كي لا تعرج روحنا في متاهات الحياة، تنتزعنا من الوحدة، وتعيننا كي نواجه الحياة وحدنا وحدنا.
ثمّة أنظمة عربية توظف الأزمات كلها لاستمرار وجودها وتقويتها بالسلاح فقط، سواء أكانت الأزمات صحية أو غذائية أو اللعب في ظل سمسار عقارات ومصارع تلفزيوني أهوج، يبحث عن الشهرة التي تحمي ملياراته وأطماعه، مثل ترامب، لفظته نخبة بلاده من أول يوم.
الطبيعة الخضراء والغنّاء في مدن رجال الأعمال في مصر مساءً، وفقاً لإعلاناتهم، غير الطبيعة في تلك البلاد التي نعيش فيها، ونتجوّل فيها كل صباح ومساء وظهيرة أمام دكاكين باعة الطعمية والفول المدمس والكشري،
نحن، الآن للأسف الشديد، أمام مساخر مخجلة جدا وصغيرة جدا وهابطة أيضا، من إنتاج سوق الجمعة، في إمبابة، حيث العراك على "فرد حمام بلدي"، أو حصّالة قديمة أو ساعة جوفيال قديمة أو صورة قديمة لمحمود شكوكو بعدما أمال الطربوش على حاجبه وتحزّم باللاسة.
مرّة يمسك جمال بالمصحف في المحاكمات، وعلاء معه المصحف، حتى يخرجا بالسلامة، وتظهر الكاميرا في يد جمال بالشيء الفلاني على نجيل الأوبرا، وبعدها يلعب علاء الطاولة في إمبابة، ويقول الموسيقار، هاني مهنا، إنه كان يلعب الرياضات، مرتفعة التكلفة معهما في السجن
أمام حالة فرح بالكاتبة الإماراتية، ميسون صقر وحصولها على جائزة كبيرة، نحتفي بذاتٍ كانت معنا "جيلنا"، لم تمش وراء صرعة "تراث"، أو إرباك نفسها بوجبة غموض سخيةٍ وساخنةٍ وجاهزة، كي تحيّر القارئ أو تشاغل الناقد. كتبت عما تعرفه وتريده من دون ارتباك أو عجز.
لا بد أن تتقارب الصفوف في صفٍّ واحد كي نقول للشعب الناس كلها معنا ضد هذا الشرّ وأهله. لا بد أن تتقارب صفوف كل أهل الفن معنا، من أجل بقاء الوطن آمنا، فالأمن هو كل شيء، وأهم من أطنان الفلوس والمليارات، "رغم أن أهم حاجة عندي الفلوس".
حينما رأيت حمدين صبّاحي في حفل إفطار الرئيس بعد سنوات عجاف بجوار كنكة القهوة، أو بجوار شباكه المنصوبة في البحيرات لصيد القراميط والبياض، عاد إلى بصري وبصيرتي رؤيته أيضا في حفل افتتاح الرئيس قناة السويس الجديدة، فقلت: "الرجل له دائما في الخير، ...".
يحكي الخطاط الراحل، حامد العويضي، عن قيمة العمل وعن النحل وعن العسل، وعن الشغالات في "لوكاندات" سيدنا الحسين، وكيف يكافحن لتربية بناتهن وأولادهن بعد موت الزوج، ويحكي عن الشعر حينما لا يصدّقه، وعن الأثر الروحي للكتابة.