كلّ الشعراء يحاولون كتابة قصيدة واحدة مشتركة، وإنْ تنوّعت "الاستعارات"، والتي بحسب بورخيس "تُحال إلى عدد قليل من الأنماط الأساسية"، منذ ما قبل هوميروس، وعربياً منذ ما قبل دُوَيْد بن زَيْد صاحب "أَليَومَ يُبنى لِدُوَيدٍ بَيتَهُ"، والبيت هنا القبر.
واذا سلّمنا بأن "ملحمة جلجامش"، المثال المبكر والأكثر نضجاً للأدب في طور الإنتقال من "التوحش" إلى "التحضر"، وأن جلجامش نفسه من بكى وأبكى، فإننا نقرأ مثلاً في فصل موت إنكيدو وحزن صديقه عليه وسعيه وراء الخلود ما يعزز فكرتنا.
لماذا نحتت من أسماء مؤلّفين حالات نفسية كـ الدون كيخوتية والزوربوية والسادية والمازوخية مثلاً، أو مدارس أدبية وفنية كالرومانسية والسوريالية والواقعية السحرية وغيرها من كتاباتهم وعوالمهم، والتي وجدت لها مكاناً في الحياة العامة؟كل هذا وأكثر من صنيع ثلّة مجانين بالجمال.
تُثير "أوراق بنما" أسئلة وجودية أبعد من مجرّد "تهرّب ضريبي" أو "شطارة بيزنس"، حول فكرة "العود الأبدي" لتحكم أقلّية في أقوات أكثرية، وتطرح تساؤلاً ساذجاً حول معنى التحوّلات الكبرى في تاريخ البشرية وما رافق ذلك من حروب مستمرّة