تنقضي عشر سنوات على إمعان النظام السوري في هتك إرادة المجتمع الدولي، والتي تهدف، في مضمونها، إلى نزع شرعيته، وإقامة حكم انتقالي بديل، وإعادة بناء سورية، دستوريا ونظاما وبنية، يؤكّد عدم توفر الجدّية في تنفيذ القرارات، وهي عملية إجرائية روتينية.
ترى إيران بقاء اللاحل في سورية هو الحل الحقيقي الذي يمكّنها لاحقاً من صناعة أقلّ من تسوية، وأكثر من اتفاق وتوافق تضمن به وجودها الفاعل والمؤثر في سورية وجوارها لبنان، وهو ما عملت عليه منذ بدء التفويض الأميركي لروسيا بالملف السوري في سبتمبر 2016.
تمكّن العدالة الانتقالية الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع من الوصول إلى العدالة، وغيابها يعني الطلب من الضحايا حمل أكفانهم على أيديهم، وتقديم فروض الطاعة للجاني، بل الجناة من كل الأطراف في سورية، وليس النظام فقط.
حرمت التغريبة السورية كثيرين من أحبتهم وأهلهم وأصدقائهم، حتى في لحظات الفراق الأخير، وجعلتهم يستعيضون عن ذلك بإلقاء كلمات الوداع على وسائل التواصل، في محاولةٍ للتمسّك بآخر خيوط التقارب الاجتماعي التي أزهقتها أيضاً جائحة كورونا.
لم يبق لجمهور الثورة السورية إلا الاستنجاد بروسيا، ومن خلفها النظام السوري، لمنع تمثيل "الائتلاف" ثورتهم، في مفارقة فريدة، بأن يحمي رئيس النظام جمهور المعارضة الذي ثار ضد حكمه، من طموحات وأطماع قياديي مؤسسات المعارضة في اغتصاب حقهم في اختيار ممثليهم.
ضمن القراءات الواقعية للسياسات الأميركية، جاء توقيت المؤتمر الدولي حول اللاجئين في دمشق، أخيرا، حيث لم يكن غائباً عن موسكو موعد الانتخابات الأميركية، وأنها لا يمكنها أن تضمن مرشحها، ترامب، لفترة رئاسية ثانية.
على أبواب الانتخابات الأميركية، يبقى السؤال إياه مطروحا: ماذا لو جاءت إدارة أميركية تساند فكرة تغيير النظام السوري بكامل رموزه، فمع من عليها أن تتحدّث؟ ومن هو البديل الذي يبحث عنه سوريو سورية المتمزقة داخلياً وخارجياً؟
قلّل بشار الأسد من أهمية اتفاقات أستانة، وهزئ، في الوقت نفسه، من استحقاقات جنيف، وأعاد تمرير برنامجه الانتخابي "الإصلاحي" الذي وعد به السوريين عام 2000 في خطاب القسم، وكرّره عام 2007، وإذا كان قد تجاهله عام 2014، فلأنه اعتمد على خطاب الحرب.
تضمن روسيا التفاعل مع الملف السوري دولياً، لكنها، على الرغم من بيانات المساندة لمبعوث الأمم المتحدة، وإلزام النظام حضور اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، فإنها تعمل وفق ترجمة خاصة لقرار 2254، وهو ما عبرت عنه زيارة وزير الخارجية لافروف، أخيراً، دمشق.
إذا كانت الخطوات الإماراتية والبحرينية جاءت ضمن سياقٍ متسلسلٍ ومنطقي لتنامي مصالحهما في إعلان الشراكة مع إسرائيل، فإن الأمر الذي يجب الاعتراف به هو عدم حدوث أي مفاجأة، أو حتى أنه أتى من خارج سياق التوقعات الشعبية لمآلات الأحداث.