قدم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عرضاً روسياً للولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي، باستئناف المشاورات السياسية والدبلوماسية بشأن سورية، ما يعني أن لدى موسكو ما تقدّمه لواشنطن لفضّ النزاع في سورية وعليها، بعيداً عن اتفاقاتها مع إيران.
تزامن إحياء اقتراح الفنان جمال سليمان، تشكيل مجلس عسكري لقيادة سورية في المرحلة الانتقالية، مع أخبار زيارة العميد مناف طلاس روسيا، من دون أي أخبار عن مضمون المحادثات التي يمكن أن تدور بين مسؤولي دولةٍ تتقاسم حكم سورية مع النظام (وإيران) وضابط "منشق"
يستعد بشار الأسد لانتخابات جديدة مضمونة، تبحث روسيا، في ملفاتها، عن مرشّح يلعب دور "الكومبارس" من بين من تقدّمهم للسوريين تحت صفة معارضين، ليس بهدف سحب البساط من تحت "المعارض الموعود"، بل لقطع الطريق على محاولات شخصيات معارضة.
تنقضي عشر سنوات على إمعان النظام السوري في هتك إرادة المجتمع الدولي، والتي تهدف، في مضمونها، إلى نزع شرعيته، وإقامة حكم انتقالي بديل، وإعادة بناء سورية، دستوريا ونظاما وبنية، يؤكّد عدم توفر الجدّية في تنفيذ القرارات، وهي عملية إجرائية روتينية.
ترى إيران بقاء اللاحل في سورية هو الحل الحقيقي الذي يمكّنها لاحقاً من صناعة أقلّ من تسوية، وأكثر من اتفاق وتوافق تضمن به وجودها الفاعل والمؤثر في سورية وجوارها لبنان، وهو ما عملت عليه منذ بدء التفويض الأميركي لروسيا بالملف السوري في سبتمبر 2016.
تمكّن العدالة الانتقالية الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع من الوصول إلى العدالة، وغيابها يعني الطلب من الضحايا حمل أكفانهم على أيديهم، وتقديم فروض الطاعة للجاني، بل الجناة من كل الأطراف في سورية، وليس النظام فقط.
حرمت التغريبة السورية كثيرين من أحبتهم وأهلهم وأصدقائهم، حتى في لحظات الفراق الأخير، وجعلتهم يستعيضون عن ذلك بإلقاء كلمات الوداع على وسائل التواصل، في محاولةٍ للتمسّك بآخر خيوط التقارب الاجتماعي التي أزهقتها أيضاً جائحة كورونا.
لم يبق لجمهور الثورة السورية إلا الاستنجاد بروسيا، ومن خلفها النظام السوري، لمنع تمثيل "الائتلاف" ثورتهم، في مفارقة فريدة، بأن يحمي رئيس النظام جمهور المعارضة الذي ثار ضد حكمه، من طموحات وأطماع قياديي مؤسسات المعارضة في اغتصاب حقهم في اختيار ممثليهم.
ضمن القراءات الواقعية للسياسات الأميركية، جاء توقيت المؤتمر الدولي حول اللاجئين في دمشق، أخيرا، حيث لم يكن غائباً عن موسكو موعد الانتخابات الأميركية، وأنها لا يمكنها أن تضمن مرشحها، ترامب، لفترة رئاسية ثانية.
على أبواب الانتخابات الأميركية، يبقى السؤال إياه مطروحا: ماذا لو جاءت إدارة أميركية تساند فكرة تغيير النظام السوري بكامل رموزه، فمع من عليها أن تتحدّث؟ ومن هو البديل الذي يبحث عنه سوريو سورية المتمزقة داخلياً وخارجياً؟