لم يصل الجزائريون إلى القاع بعد، إذ إنّ ثمة جبلاً من فضائح الفساد لم يظهر إلا قليل منه، وما زالت وقائع صادمة عن سنوات من النهب بانتظار الكشف عنها في الأيام والأشهر المقبلة.
في لحظة ما يشعر الجزائريون أنهم والحالة اللبنانية سواء، تقودهم البروباغندا السياسية وكثافتها إلى الشعور في كل لحظة أنهم معنيون بكل ما يحدث في نصف الكرة الأرضية.
باريس عاصمة الأنوار التي لطالما أعطت لفرنسا صورة بلد منفتح يقيم وزناً لقيم الديمقراطية والحريات والعدالة، لكنها غالباً ما تطعن هذه القيم في العمق عندما تتعلق الأمور بالمصالح السياسية والاقتصادية.
لأول مرة يخاطب رئيس جزائري الجزائريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من التلفزيون ووسائل الإعلام التقليدية، إذ اختار عبد المجيد تبون "تويتر" منصة لبث فيديو يثبت من خلاله حضوره كرئيس للبلاد، ويعلن عودته إلى النشاط السياسي.
يبدو الظرف أكثر من مناسب، لأسباب عديدة داخلية وخارجية، لإطلاق مسار حوار وطني يجمع كافة الأسر السياسية في الجزائر، ويطرح بكل شجاعة الأسئلة الضرورية للانتقال الديمقراطي، والطموحات التاريخية التي عبّر عنها الجزائريون في مختلف محطات نضالهم.
السيناريو الذي لم يتصوره الجزائريون مطلقاً، هو أن يعودوا عشية نهاية العام الأول من حكم الرئيس عبد المجيد تبون، إلى السؤال نفسه الذي كان يُطرح خلال السنوات السبع الأخيرة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أين الرئيس؟
تتعزز المخاوف على الجزائر، الدولة والجيش، البلد والجغرافيا، بعد انتقال مشاريع التفكيك إلى المغرب العربي، بعدما استكملت أو تكاد مشاريع التفكيك في المشرق العربي.
كأنما المنطقة المغاربية وصحراء الساحل كان ينقصهما صوت الرصاص وغبار الحرب وأزيز المدافع، وهي منطقة لم تتعافَ من مشكلات الفقر والتنمية وسوء التدبير في حالة السلم وبالكاد تحيا، فما بالك بحالة الحرب المرهقة.
لماذا يجب على التاريخ أن يعيد نفسه وبالتفاصيل ذاتها في الجزائر، من دون أن تأخذ السلطة والجيش والفواعل السياسية العبرة لتفادي نفس النهايات، وإعادة إنتاج الأزمة والتشوهات التي ترهن مستقبل البلد؟