وسط حرائق كثيرة مشتعلة في دول القرن الأفريقي، عقدت قمة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في جيبوتي في دورتها الـ38، لإخماد تلك الحرائق، وإيجاد حلول جذرية لأزمات دول المنطقة، وخصوصا النزاع السياسي بين كينيا والصومال، والذي تطور إلى قطع للعلاقات.
الحرب في إثيوبيا لن تحسم. وإذا نجح رئيس الحكومة، آبي أحمد، في كبح جماح التمرّد، فإن ثورة الرماد المحترق ستعاود نشاطها، فمطالب الاستقلال وتقرير المصير شأنٌ يخالج قيادات القوميات الإثيوبية، ما يستدعي مشهد التفكّك الذي حلّ بجسد يوغوسلافيا الاشتراكية.
أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد، صانع الانفتاح السياسي في القرن الأفريقي، حرباً على إقليم تيغراي في إثيوبيا (5% من السكان)، نتيجة نزعة انفصالية تفوح رائحتها من ساسة هذا الإقليم وقياداته. بعد أن مثلت انتخابات محلية تحديا واضجا لسلطته.
يحقق الصوماليون نجاحاً جديداً في توظيف مصلحة بلدهم بدل الفرقة والمصالح الذاتية والفئوية، ويتنازلون على الأقل من أجل العيون الصومالية التائهة بين ملاحقة هدير الحرب تارة وخيبات الفشل في تحقيق تطلعات السواد الأعظم من حكامها.
تغيير قواعد الحكم والإدارة في لبنان والصومال أمر ضروري، على الرغم من تهديدات العودة إلى الحرب الأهلية التي يطلقها سياسيون ليس همهم سوى البقاء في هرم السلطة والتربح فوق جماجم الأبرياء والفقراء.
المخرج الوحيد للمنزلق السياسي الراهن في الصومال هو الاتفاق على نظام انتخابي موحد بين المعارضة السياسية ورؤساء الولايات الفيدرالية من جهة والرئاسة الصومالية من جهة ثانية، إلى جانب تشكيل حكومة ائتلاف تكون المعارضة السياسية جزءاً فيها.
إذا أرادت مصر أن تعيد وجودها في القرن الأفريقي، فإن بوابة الصومال مفتوحة عبر سياسات طموحة تعيد دفء العلاقات بين الجانبين إلى سابق عهدها، أما ما عداها من سياسات جانبية، فكلها تبعد الصومال عن حضن مصر، وتضعه في مصافّ تكتلات في منطقةٍ مزدحمة بالكبار.
يتوق الشعب في "صومالي لاند" إلى عدالة اجتماعية وتوفير فرص عمل للشباب العاطلين، فإذا أرادت الأطراف الصومالية تحقيق وحدة ووفاق، فإن أسرار هذا في عقد اجتماع عشائري ومصالحة بين القبائل لترميم النفوس ونزع الضغائن عنها، بدل المراوحة في مفاوضاتٍ عبثيةٍ.
مع عودة كثيرين من زعماء المعارضة الصومالية من الخارج، بعدما علقوا في كينيا وتركيا وغيرهما، أصبح الشارع الصومالي يغلي ويجيش بتوترات بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة، إذ تصر الأخيرة على تنظيم الانتخابات، على الرغم من كل الظروف.
يعاني الصحافيون في الصومال حالياً من التعتيم الذي تمارسه السلطات في مقديشو، إذ لا تمنحهم حق حرية التغطية الإعلامية للمناسبات والمؤتمرات الصحافية التي تصدرها الحكومة الفيدرالية؛ كما جهزت الحكومة الفيدرالية لنفسها جيشاً من المصوّرين لتغطية أحداثها.