65 مليون هندية عرضة للإتجار بالبشر

15 مارس 2014
أرشيفية
+ الخط -

فتاة متعة تحوّل مسار صحافي إلى ناشط حقوقي مهمته إنقاذ النساء من العبودية الجديدة

تحت عنوان " تجارة البشر، ومطاردة الرعب للضحايا"، نشرت صحيفة "الغارديان" قصة إنشاء "جمعية أوداندي ضد الاستعباد واستغلال المرأة والطفل في الهند"، كما رواها أحد مؤسسي الجمعية، ستانتلي كيزهاكيبارامبيل فارغيسي في حوار للصحيفة.

وقال "قبل 25 عاماً كنت أعمل صحافياً مبتدئاً في مؤسسة "أندولانا دايلي" للإعلام المعروفة في الهند، وبينما كنت أنا وزميلي المصور في أحد شوارع العاصمة بومباي آنذاك، نحقق في ملف عن التمييز العنصري والعنف الطائفي اللذين كان يعانيهما سائقو سيارات "كارو" التي تجرّها الأحصنة، اقتربت فتاة منا فتاة في العشرينات وقالت بنبرة جريئة تملؤها العدوانية والفظاظة: "أنتم الصحافيين لا تهتمون سوى بالقصص التي تزيد من رصيدكم البنكي".

عبارة أثارت فضولي، وزادت من إصراري على معرفة من تكون هذه الفتاة، فسألتها عن هويتها فقالت: "اسمي أنيتا وكنت في العاشرة حينما قيل لي إنني تزوجت، لكنني انتهيت في سجن تجار البشر لعشر سنوات، ثم خرجتُ منه بقايا امرأة كما ترى".

 كانت هذا العبارة التي غيرت خط حياة ستانتلي ليتحول بعدها من صحافي متحمس للشهرة والأضواء إلى ناشط حقوقي يدافع عن المستضعفين في بلاده.

كانت أنيتا فتاة لم تبلغ العاشرة حين زوَّجها والدها برجل فوق الأربعين، بعدما اغتصبها لعدة مرات باسم الزواج في البيت الذي انتقلت للعيش معه فيه بعيداً عن قرية والديها. وفي الليلة نفسها ساقها لبيت آخر في أحد شوارع مومباي الراقية، لتجد نفسها وسط  فتيات من عمرها وما فوق، ينتظرن مصيراً لا تتحمله أجسامهن الصغيرة. احتُجزت في قبو لبضعة أسابيع، وكانت بالكاد تحصل على ما تأكله وتتعرض للاغتصاب يومياً.

كان ذلك كفيلاً بإحباط عزيمتها كي لا تثير المشاكل في بيوت الدعارة التي أصبحت مـأواها الأخير.

قصة أنيتا ليست إلا واحدة من قصص الملايين من الأطفال والفتيات في الهند اللواتي يعانين العبودية بشكل مخيف، حيث لايزال يجري شراء وبيع الفتيات وكأنهن من العبيد، وينجب عدد كبير منهن الأولاد الذين يبقون عرضة للبيع أو الاستغلال الجنسي، وتجري تنشئتهم في المكان نفسه الذي حُرمت فيه أمهاتهم من كرامتهن.

وتشير احصائيات منظمات الاغاثة العالمية الى استغلال ما بين 20 و65 مليون هندية على أيدي  تجار البشر في مرحلة من حياتهن، 90% منهن داخل الحدود الهندية، وغالبيتهن فتيات قاصرات، بالاضافة إلى ما يزيد على 7000 ضحية للاستغلال الجنسي أو العمل أو بغرض الزواج يجري تهريبهن من النيبال وبنغلاديش وشمال البنغال سنوياً.

ويستمر حوار ستانتلي مع "الغارديان" فيقول: "إن تجارة البشر مزدهرة لأن ضحاياها يخافون ولا يستطيعون التعبير عن أنفسهم، وهذا كان أحد الأسباب التي جعلتني أحترم أنيتا، وشجاعتها  وجعلني أقسم على حمايتها هي ومثيلاتها. لدينا الآن العديد من المكاتب في مختلف أنحاء البلاد وهي تعمل بشكل جيد، إضافة الى 220 مكتباً تشرف على ما يسمى "لجان اليقظة للتوعية ومحاربة تجارة البشر داخل الافراد"، وهذه الاستراتيجية أصبحت متبناة من الحكومة".

وعن تأثير هذه الجمعية يقول ستانلي: "حينما بدأنا العمل كان شائعاً أن ترى الانتهاكات والاعتداءات ضد المرأة والطفل حتى من قبل رجال الأمن وأمام الملأ، لكن جمعيتنا أفلحت في تغيير هذا السلوك"، مضيفاً أن المنظمة أنقدت حوالى 4200 حالة كما ساعدت في القبض على 150 من تجار البشر.

وأصبح لدى الجمعية، التي بدأت بمجهود فردي، فروع في كل من بريطانيا واستراليا والولايات بالاضافة إلى دور الرعاية والتأهيل التي توفر الحماية واعادة التأهيل للضحايا، وتوفر لهم التعليم والصحة.

ستانلي، الذي لا يجد اختلافاً كبيراً بين مهنة الصحافة والأنشطة الحقوقية، يقول إنه على الرغم من الدعم الذي يحظى به من قبل المسؤولين داخل الدولة وخارجها، إلا أن تهديدات التجار لا تنتهي سواء للعاملين في الجمعية أو الضحايا الذين يستمرون في مسلسل الرعب حتى داخل المقار المخصصة لهم، ومنهم من يتركها خوفاً من التجار بل ويعود آخرون لمن اشتراهم.. تحت التهديد بقتل احد المقربين، مما يتطلب وقفة دولية ضد "الشيطان العتيق"، كما سماه.

وفي ختام الحوار قال ستانتلي: "في عيد "أودانادي" الخامس والعشرين يكبر أملنا في جعل هذا العالم مكاناً آمناً لكل الاطفال والنساء، بالرغم من الحرب الشرسة التي نتعرض لنا من التجار وحتى ذوي النفوذ المستفيدين من هذه الظاهرة، لكننا محاربون شرسون أيضاً ولن نرضخ".

المساهمون