6 سنوات على "أين صوتي" في إيران

6 سنوات على "أين صوتي" في إيران

12 يونيو 2015
حصلت الانتخابات في مثل هذا اليوم قبل 6 سنوات(Getty)
+ الخط -
ست سنوات مرّت على الحدث المفصلي في تاريخ إيران ما بعد "الثورة"، أي الأحداث التي اصطلح على تسميتها "الحركة الخضراء" أو "الثورة الخضراء". فقد كان يوم 12 يونيو/حزيران 2009 يوماً مفصلياً في تاريخ الجمهورية، حين خرج 85 في المائة من الناخبين الإيرانيين ليدلوا بأصواتهم في صناديق الاقتراع ليختاروا رئيسهم الجديد. اشتد التنافس بين الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، والمرشح الإصلاحي ميرحسين موسوي الذي حلّ ثانياً، وفق النتائج الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية الإيرانية في اليوم التالي، إذ نال موسوي 33.8 في المائة من الأصوات مقابل 62.5 في المائة لنجاد، بحسب النتائج الرسمية التي شكّك موسوي بها ومناصروه، ما استدعى خروج المعترضين بأعداد كبيرة إلى الشوارع في المدن الإيرانية الكبرى مثل طهران وأصفهان وحتى شيراز، مطالبين بإعادة فرز الأصوات.

رفع المحتجون شعار "أين صوتي"، إذ كان الشعار الرئيسي في هذه الاحتجاجات التي ناصرها عدد كبير من إيرانيي الخارج أيضاً، وأطلق على الاحتجاجات اسم "الحركة الخضراء"، لأنّ الأخضر هو اللون الذي اختاره موسوي في حملته الانتخابية. ولم تكن الاحتجاجات في بداياتها حكراً على الإصلاحيين ومناصريهم فحسب، بل إن إيرانيين آخرين مؤيدين لتيارات سياسية أخرى، كانوا من المحتجين على طريقة فرز الأصوات، وفق بعض شهود العيان.

اقرأ أيضاً  رفسنجاني: حكومة نجاد عرقلت مساعيَ لتحسين العلاقات مع السعودية

تناقضت استطلاعات الرأي آنذاك، منها ما ذكر أن نجاد فاز بالفعل بغالبية الأصوات بسبب شعبيته في الأرياف والقرى. ويشكل هؤلاء، حقيقةً، نسبة مرتفعة من الناخبين الإيرانيين. بينما أفادت استطلاعات رأي أخرى، صدرت قبل الفرز، أن موسوي سيفوز بأغلبية الأصوات بسبب المشاكل التي تسببت بها حكومة نجاد خلال السنوات الأربع الأولى من رئاسته على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وتوقّع مراقبون أنها ستكون المرة الأولى في تاريخ الجمهورية الإسلامية التي لا يتولى فيها رئيس البلاد دورتين رئاسيتين متتاليتين، لكن إعلان وزارة الداخلية نسف كل التوقعات.

تصاعدت الاحتجاجات شيئاً فشيئاً، لا سيما مع تجديد دعوة موسوي لمناصريه بالخروج والاحتجاج بهدف إعادة فرز الأصوات وعدم قبول نجاد رئيساً. وكانت أبرز التظاهرات، تلك التي خرج فيها مئات الآلاف من الإيرانيين، وتجمّعوا في الشارع الذي يصل بين ساحتي آزادي وانقلاب، فضلاً عن تشكيل سلسلة بشرية امتدت على طول شارع وليعصر، الذي يزيد طوله على ثلاثين كيلومتراً مع رفعهم لشعار "أين صوتي".

أنشأ موسوي في أغسطس/آب من العام ذاته، رابطة "درب الأمل الأخضر"، وتحوّلت الرابطة إلى واجهة سياسية خاصة به. وبعد ذلك، بدأت الاحتجاجات تأخذ منحى آخر. ويمكن القول، إن هذا، أفقد موسوي طبقة موالية له من غير الإصلاحيين، بحسب مراقبين، خصوصاً أنّ الشعارات التي تبنّاها البعض من محتجي الداخل، تطوّرت وباتت تنتقد النظام في الجمهورية الإسلامية، لا سيما مع اعتقال عدد كبير من الناشطين ووقوع مواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن.

اقرأ أيضاً: خلاف برلماني بعد المطالبة بتحرير "إقامة" موسوي وكروبي

وكان تأييد الولايات المتحدة بالذات لهذه الاحتجاجات، بل والإعلان عن تمويل المعارضة الإيرانية، نقطة انعطاف في احتجاجات "الحركة الخضراء"، فوجّهت اتهامات لموسوي الذي أصرّ على تجديد دعواته للتظاهر، بالخيانة الكبرى ومحاولة إثارة الفتن. واتهم كل من أيّده من السياسيين، ولا سيما المرشح الآخر مهدي كروبي والرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي بذات التهم، إذ باتوا يؤيدون رغبة أعداء الجمهورية الإسلامية ويعملون على إضعافها من الداخل، كما اعتبر الطرف المقابل لمناصري "الحركة الخضراء".

قرّرت الحكومة الإيرانية برئاسة نجاد أن تعالج الأمر على طريقتها، وتنهي خروج المحتجين اليومي إلى الشوارع. فدعت مؤيديها لتظاهرة ضخمة في 30 ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، للرد على تحركات المعارضة التي بقيت مستمرة حتى ذاك الوقت، وأخذت شعارات بعض محتجيها منحى آخر. فخرج المتظاهرون المؤيدون لنجاد في مدن عدة، منها طهران وأصفهان وآراك وقم، ومنهم من رفع شعارات تدعو لمعاقبة موسوي بل وإعدامه.

اقرأ أيضاً: اتهامات إيرانية متبادلة في ذكرى احتجاجات "الحركة الخضراء"

موسوي الذي كان رئيساً للوزراء خلال رئاسة المرشد الحالي، علي خامنئي، أيام الحرب العراقية الإيرانية، بات رهن الإقامة الجبرية مع زوجته زهرا رهنورد. كما فرضت الإقامة الجبرية على المرشح الآخر مهدي كروبي، وتم تهميش عدد من المسؤوليين، وتعرض الرئيس السابق محمد خاتمي لانتقادات حادة، فضلاً عن تعرض رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني لانتقادات هو الآخر، فهو من أشد المعارضين لسياسات الرئيس نجاد، الذي اتهم رفسنجاني وعائلته بالفساد علناً خلال مناظراته مع موسوي، في ذاك العام. وكل ما حصل، زاد الانقسام السياسي في البلاد.

بقيت آثار احتجاجات "الحركة الخضراء" واضحة على الساحة في إيران لمدة طويلة. بدأت الاحتجاجات برفع شعار "أين صوتي" وانتهت باتهامات للطيف الإصلاحي بإثارة الفتن في البلاد، وهدأ الجو نسبياً مع وصول الرئيس الذي يوصَف بأنه "معتدل" حسن روحاني لسدة الرئاسة وعودة الإصلاحيين تدريجياً إلى العمل السياسي، والإفراج عن عدد كبير منهم تدريجياً خلال السنوات القليلة الماضية. كما طالب مسؤولون ومنهم النائب المحافظ في البرلمان علي مطهري بمحاكمة رموز "الحركة الخضراء"، إذ دعا إلى محاكمة قانونية للرجلين وعدم الإبقاء على قرار الإقامة الجبرية من دون محاكمة، ما أدى إلى خلاف كبير في البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون، واشتباك بالأيدي بين النواب، ما استدعى توقيع معظم النواب لاحقاً على وثيقة رسمية، جاء فيها أن "حكم الإقامة الجبرية قانوني". كما اعتبر موسوي بدوره على موقعه الإلكتروني "كلمة"، أنّه "جاهز للرد على كل الاتهامات الموجهة ضده علناً"، معتبراً أنّ الإجراءات المتّخذة بحقه وبحق زوجته غير قانونية.

اقرأ أيضاً: الحكم بالسجن على برلماني إيراني بتهمة توجيه الإهانة لنجاد

المساهمون