500 صورة ذاتية لرجل عادي تحيِر المؤرخين

05 ابريل 2014
445 صورة مجهولة في متحف روتغيرز
+ الخط -

يبدو أن هوس الصور الذاتية "سيلفي" الذي صنفته الجمعية الأميركية للطب النفسي على أنه خلل عقلي مرضي، ليس وليد عصر ما بعد الحداثة التكنولوجية في التصوير وفي التواصل الاجتماعي.. فقد كشفت إحدى الصحف الأميركية أخيرا عن قصة غريبة لرجل أميركي عاش في ثلاثينيات القرن الماضي، التقط لنفسه حوالى 500 صورة ذاتية، في أحد أكشاك التصوير الفورية.

فعلى مدار ثلاثين عاما، ظل هذا الرجل الغامض يفعل الشيء ذاته. يجلس داخل كشك للتصوير.. يبتسم أولاً، ثم يختار زاويته المفضلة، ويضغط زرا، لتقفز إلى يديه صورة فوتوغرافية فورية، يظهر فيها وهو ينظر إلى نفسه، مبتسماً مرة، ومكفهراً قليلاً في مرة أخرى، وأحياناً ساخراً.

الرجل الذي لا يعرف أحد هويته ولا دوافعه، واظب على تسجيل حالاته اليومية من خلال مئات الصور بالطريقة نفسها، وهو لم يتخيل غالبا، أنها ستصل بعد عشرات السنين إلى الملايين من قراء الصحف والمجلات في العالم، ومن قبلها إلى أحد المتاحف الفنية. فقد وصلت مجموعة من تلك الصور/ اللغز إلى المتحف الفني لجامعة روتغيرز، بولاية نيوجيرسي الأميركية، عن طريق المؤرّخ في مجال التصوير، دونالد لوكوتا، الذي حصل على تلك المجموعة من خلال عرض للتحف في نيويورك، حيث شدت انتباهه لغرابتها وغموضها.

تاريخ شخص عادي

بعد أن تتأمل الصور، ربما تشعر أنك تعرف صاحبها، فقد عشت من خلالها تقريبا كل حالاته الممكنة.. فها هو يبتسم في صورة، ويعبس في أخرى، ويلبس معطفاً في ثالثة، وفي غيرها يظهر في ثياب رياضية، لكن السؤال الذي حير لوكوتا، وغيره ممن شاهدوا الصور، هو لماذا يلتقط رجل عادي، لا حظ له من الشهرة، لنفسه كل تلك الصو،ر على مر السنين في زمن يصعب فيه التقاطها بشكل شخصي، ولماذا احتفظ بها؟

هل كان صاحب الصور يوثق مرور الزمن الذي امتد به حتى الستينيات - كما يظهر من تحليل الصور؟ أم أنه كان يسجل حالات "الإنسان العادي" اليومية؟

هوس آخر اجتاح المؤرخين في هذا المجال والذين وقعوا في حيرة بسبب غموض هذه الصور، حيث يقول لوكوتا، محاولا إيجاد تفسير للغز "إنها التقطت على مراحل عُمرية مختلفة، وعلى امتداد فترات طويلة جداً، يمكن أن نرى ذلك واضحا من تعابير وملامح وجه وشعر صاحبها الذي يتغير مع مرور الزمن"، مشيراً إلى أن الرجل على الأغلب، لم يكن  يتعرف على آلة التصوير -الحديثة آنذاك- من باب الفضول والتسلية فقط، وإنما كان ينظر إليها، وكأنها مرآة يتعرف من خلالها إلى ذلك الإنسان الذي يسكنه.

ويستمر البحث وراء هذه الصور/اللغز، ليعثر لوكوتا على صور أخرى لدى المصورة نيكي غرونين، للرجل نفسه، قالت إنها حصلت عليها من ميتيشغان، ولكن الصور التي بحوزتها، تُظهر الرجل مع بعض الأطفال. وتقول غرونين إن لديها شكوكا حول هوية الرجل، لكنها تفضل عدم ربط اسم بهذا الوجه، لأن ذلك قد يزيل هالة الغموض والفضول المثيرة للخيال حول الصور/اللغز.

مؤرخ آخر للصور، قدم قراءة أخرى، حيث قال إن من ينظر إليها قد يجد فيها بعض الود والصدق، وقد تُشعِرُه بتواصل طويل الأمد.. فهل كان هذا الرجل يتعرف إلى نفسه للمرة الأولى في كل مرة؟

السؤال الذي حمله المؤرخ إلى أستاذ في علم النفس، وجد تفسيرا جديدا من الزاوية النفسية: إن هذا الشخص ربما مر بمراحل نفسية صعبة في حياته، أحس فيها بالعزلة أو الكآبة، وكان يبحث عن ذاته من خلال تلك الصور...

من جانب آخر، يظهر هذا الكم الهائل من الصور المجهولة التي يتم عرضها في ركن "سيلفي" أو الصورة الملتقطة ذاتياً، من المعرض الفني في أميركا، بأن ظاهرة الـ"سيلفي" التي دخلت قاموس أوكسفورد للغة الإنكليزية في العام الماضي، ككلمة العام، وأعطاها تعريفاً، مفاده "صورة ملتقطة ذاتيا بواسطة هاتف ذكي أو ويبكام، وتنشر على موقع للتواصل الاجتماعي" ليست وليدة عصر الهواتف الذكية أو الفيسبوك، وربما كان على واضعي أوكسفورد أن يراجعوا تعريفها ويعدلوه.

المساهمون