14 شباط والإفلاس

14 شباط والإفلاس

14 فبراير 2015
إفلاس الناس (Getty)
+ الخط -
"5000 ليرة لبنانية ما بتنفع لسهرة، بس بتكفي لقنينة نبيذ رخيصة ومكسرات"، هكذا يصف علي سهرة عيد الحب مع يارا. لكن يارا تهوى جوانح الدجاج المقلية في مطعم وحانة "أبو إيلي" في منطقة كاراكاس في بيروت. وتقول يارا: "هذا العيد بدعة، ابتكر لزيادة أرباح محلات الأزهار ومصانع الشوكولا. وهو حدث مزيف لأنني أشعر أنّ الناس يجبرون أنفسهم على الإحتفال".

"لن أحتفل بالفالنتاين هذه السنة لأنّي مفلس مالياً وعاطفياً، وسأمشي وحيداً في الحمرا أغني، هكذا يبدأ علي بالكلام عن عيد الحب.

"لين" تعيش في حيرة بين شخصين، شخص تتمنى أن تمضي هذا العيد معه لكنه يرفض مشاركتها عشاء ليلة الحب. وشخص آخر يريد مشاركها البهجة لكنها ترفضه. "لم أحتفل بعيد الحب لأني لم أجد من يشاركني هذا اليوم، كما أنّي لا أكترث لهذا العيد. هو يوم عادي لكن نضيف إليه كلمة حب، كما أنّ تاريخ العيد يأتي مع إفلاس معظمنا خلال منتصف الشهر".
محمد يعتبر أنّ بإمكان أي شخص أن يجعل من أيامه كلها، عيد الحب، وليس بالضرورة يوم 14 شباط. يمشي نحو غرفته متمتماً، "سيكون يوماً طويلاً للعب "كاونتر سترايك".

يواجه الشباب في لبنان اليوم عدة مشاكل خلال عيد الحب، أهمها أنّ هذا اليوم يقع في منتصف الشهر، إذ تخلو آلات السحب المصرفي من النقود. كما أنّ بعض الشباب يعترفون بأنّهم فقدوا قيمة الحب، ويفضّلون السهر في المنزل وتناول طعام خفيف ورخيص.

بين المقاهي والحانات في بيروت، يكثر عدد بائعي الورد بشكلٍ هائل، وخصوصاً خلال شهر شباط، استعداداً لليوم الأحمر، وأيضاً تزداد العروضات على الهدايا والحلويات، وتبدأ المطاعم بالعمل ضمن مجال البوفيه المفتوح والتنوع في مطابخها.

بلال، أنهى تخصّصه في العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية، نسي أنّ هناك يوماً مخصصاً لعيد الحب، فهو منهك بالتفتيش عن عمل في مجاله، ويسعى أيضاً ليكمل دراسته في السينما. بلال، يمكن اعتباره نموذجاً عن هؤلاء الذين سيجمعون أقراص الـ "دي في دي"، في هذا اليوم، وسيشاهدون الأفلام على مدار الساعة منتظرين أن يشاركهم أحد مشاهدة فيلمٍ ما.

بين الأفلام، والدجاج المقلي، وألعاب الفيديو والنبيذ، هناك من يبحث عن مخرجٍ ما من هذه البلاد. أحد الشباب مُغرم بإحدهن وهي حسب قولها، تبادره الشعور ذاته. ففي أحد الأيام، زلّ لسانه، وسألها عما إذا كانت تقبل الزواج من أحد بهدف تأمين جواز سفر له. الجواب غير متوقّع. أحبّته بعد هذا السؤال أكثر من أي يوم آخر. وهو لم يكترث لجنسيتها التي من الممكن أن تخرجه ممّا يراه جحيماً في لبنان.

بين كل تلك الأسباب، وفي هذا اليوم، أعلم أن كل من له شريك، سيقصد المكان المتّفق عليه، وسيتناولان الوجبة ذاتها بالسعر ذاته، وربّما سيجدان وقتاً لمشاهدة ما يريدان من أفلام عن "الحب العظيم". وسيتحد الكل في المعركة بين الرأسمالية والحب الأفلاطوني. والورد سيغطي كل شيء. ويبقى من لا شريك له وحيداً مع أفلامه وطعامه، بالنسبة له، هذا الأفضل.

دلالات

المساهمون