يوميات العدوان: البحث عن الأقارب في ثلاجات الموتى

14 يوليو 2014
قتلت إسرائيل حياتنا ومشاعرنا وقلوبنا(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

"لقد وصلوا أشلاء". هذا ما قاله الأطباء في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لياسمين غنام التي حاولت الاطمئنان على أقاربها بعدما استهدفت غارة إسرائيلية منزلهم. سارعت إلى ثلاجات الموتى، علّها تتعرف إليهم، ففقدت وعيها على الفور. تقول إن "المشهد لا يمكن أن يفارق ذاكرتها. كان الازدحام كبيراً حول ثلاجة حفظ الشهداء. رأيت أشلاء لثلاثة شهداء متناثرة على حمالة طبية. رأس طفل مقطوع من دون دماغ، ودماء في كل مكان". وأضافت: "لم أتمالك نفسي. شعرت بدوار شديد ولم أعد أدري شيئاً. وحين استيقظت، قيل لي إنني دخلت في غيبوبة استمرت عشر ساعات متواصلة. لكن الصورة التي رأيتها لا تزال حاضرة في ذهني كأنها أمامي الآن". 

وفي أحد ممرات مجمع الشفاء الطبي، كان خالد عبد الرحمن يسند رأسه إلى حائط ويجهش بالبكاء، بعدما استهدفت غارة منزل أحد أقاربه. لم يستطع التعرف إلى جثمانه الذي مزقته الصواريخ وحولته إلى أشلاء. وبعد ساعات من البحث بين جثامين الشهداء المتناثرة أشلاءهم على عشرات الحمالات الطبية داخل ثلاجة حفظ الموتى، عثر على ابن عمه، بعدما وجد خاتم زواجه الذي نقش عليه اسم زوجته التي قتلت هي الأخرى في الغارة نفسها. ويقول عبد الرحمن: "لا يمكن وصف المشهد. لحوم بشر وعظام وأطراف ودماء متناثرة على الأرض. لكن هذا هو المشهد الحقيقي داخل ثلاجة حفظ الشهداء".

ويضيف عبد الرحمن: "لم أشعر بشيء. لقد قتلت إسرائيل حياتنا ومشاعرنا وقلوبنا بفعل كل تلك المذابح. الشعور الوحيد الذي أملكه الآن هو الرغبة بالصراخ وبالبكاء". ويتابع: "لا أدري كيف يتحمل الأب رؤية زوجته أو أحد أبنائه من دون رأس أو أطراف".  

كثيرة هي العائلات التي تجد أنفسها مضطرة إلى التوجه إلى الثلاجات للتعرف على أفراد عائلتها. بات هذا واقع الحال. ولا خيار آخر أمامهم. وفي السياق، تقول وزارة الصحة إن "إسرائيل تستخدم قذائف وأسلحة محرمة دولياً في عمليتها العسكرية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة". وكان وكيل الوزارة يوسف أبو الريش أعلن في وقت سابق أن "الاحتلال استهدف المدنيين بطريقة وحشية وبلا رحمة، مما أدى إلى إحداث إصابات بالغة الخطورة ومعقدة، سينجم عنها حالات إعاقة دائمة، ما سيحتاج إلى مراكز تأهيل على المدى البعيد وبإمكانات تفوق قدرة الوزارة".