يحيى ولد حدمين: عدو الإسلاميين لرئاسة الحكومة الموريتانية

يحيى ولد حدمين: عدو الإسلاميين لرئاسة الحكومة الموريتانية

23 اغسطس 2014
رئيس الوزراء من أبرز قيادات الحزب الحاكم(رسم أنس عواد)
+ الخط -
لم يخرج الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، عن المألوف حينما كلّف وزير النقل في الحكومة المستقيلة، يحيى ولد حدمين، بتشكيل الحكومة الجديدة، فالرئيس العتيد للحكومة هو أحد الكفاءات الفنية في الإدارة الموريتانية، ومن القيادات البارزة في حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" (الحزب الحاكم)، الذي يشعر بعض قياداته بالتهميش من قِبل التكنوقراط غير الحزبيين، الذين يستعين بهم الرئيس عبد العزيز في حكومته.

ينحدر ولد حدمين من مناطق أقصى الشرق الموريتاني، فهو من مواليد 1953 في تنبدغه، متزوج من كندية ولديه أربعة أطفال، وحاصل على شهادة الهندسة في ميكانيكا التعدين من إحدى الجامعات الكندية.

وتُعتبر إنجازاته في تحسين شبكة الطرق في العاصمة نواكشوط، خلال شغله منصب وزير النقل، من أبرز الأسباب التي جعلت عبد العزيز يختاره لرئاسة الوزراء.

يُعرف عن رئيس الوزراء الجديد أنه يتمتع بشخصية قوية ذات خبرة إدارية طويلة، وقد نجح في كسب ثقة الرئيس من خلال النجاح الكبير الذي حققته وزارته في مجال تجهيز وتعبيد الطرق، وهو ما يعتبر أهم نجاحات نظام ولد عبد العزيز.

كما يُعرف عن ولد حدمين عداؤه الشديد للإسلاميين، وقد أشهر مسدسه في وجه بعض شباب الإسلاميين إثر مشادات معهم في مدينة كيفه وسط البلاد عام 2013، وفي ظل حال الجفاء التي تطبع علاقة الرئيس عبد العزيز بالإسلاميين، بعد حل جمعية "المستقبل" الإسلامية في شهر مارس/آذار الماضي، رأى بعض المحللين أن اختيار ولد حدمين يؤشر إلى أن مرحلة التأزم في العلاقة بين الرئيس والإسلاميين ستستمر، وربما تتفاقم في ظل رئيس وزراء لا يُخفي عداءه لهم.

وكانت تكهنات قد راجت عن إعادة الثقة برئيس الوزراء المستقيل ملاي ولد محمد لغظف، غير أن الرئيس الموريتاني اختار رئيس وزراء جديد مخضرم، يعرف كواليس الإدارة، وعايش تفاصيل العمل الحكومي والإداري الموريتاني، وينحدر من الولايات الشرقية ذات الكثافة السكانية العالية، والتي يشكو بعض أطرافها من التهميش في الإدارات والمناصب العليا، في مقابل سيطرة الولايات الشمالية على السلطة والثروة في البلاد.

ورئيس الوزراء الجديد هو أحد أبرز القيادات السياسية في حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، وأحد النافذين سياسياً واجتماعياً في مقاطعة جكني، ولعل في تعيينه ترضية لبعض قيادات الحزب الحاكم الذين يتذمرون من ضعف تمثيلهم في الحكومة، ولجوء الرئيس إلى اختيار وزراء تكنوقراط يفتقرون للخبرة السياسية والمكانة الاجتماعية في مناطقهم وقبائلهم.

وقد ساهمت هذه العوامل في ارتفاع أسهم ولد حدمين، في مرحلة يحاول فيها الرئيس أن يركّز على الاقتصاد الموريتاني المتعثر، وأن يتصدى للمشكلة الاجتماعية المتفاقمة الناجمة عن انتشار الفساد، وارتفاع نسب البطالة، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، في بلد يتسم بتنوع عرقي وفئوي ويعاني من شروخ اجتماعية بين مكوّناته وأعراقه المختلفة.

وأعلن بيان صادر بمرسوم رئاسي عن تشكيلة الحكومة الموريتانية الجديدة، التي تميزت باحتفاظ أغلب الوزراء بحقائبهم، التي كانوا يشغلونها في حكومة مولاي ولد محمد لقظف، السابقة، فيما دخل تسعة وافدين إلى الحكومة، لم يجر تداول أسماء غالبيتهم من قبل، بصفتهم مرشحين لشغل مناصب وزارية.

واحتفظ سبعة عشر وزيراً بمناصبهم في الحكومة الجديدة التي ضمت سبع نساء، مقابل ست في الحكومة السابقة. ومن أبرز الوزراء الذي خرجوا وزير الاتصال، سيد محمد ولد محم، بعد أن تم إلغاء وزارة الإعلام، والاكتفاء بوزارة العلاقات مع البرلمان، التي عين وزيرها الجديد الدكتور إيزيد بيه ولد محمد محمود، متحدثاً رسمياً باسم الحكومة.

ولعل إلغاء وزارة الإعلام، أبرز تغيير في الحكومة الجديدة، وهو رسالة تعني نهاية الوصاية الرسمية على الإعلام، خصوصاً مع تحول وسائل الإعلام الحكومية (الوكالة والتلفزيون والإذاعة) إلى شركات مساهمة تتمتع باستقلالية إدارية، وتقدم خدمة عمومية، فيما باتت صلاحيات الرقابة بيد السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.

ومن أبرز التغييرات في الحكومة الجديدة تسمية وزارة للبيطرة لأول مرة، تولتها الدكتورة فاطمة بنت حبيب؛ وزيرة الإسكان السابقة، فيما تحولت وزارة التنمية الريفية إلى وزارة الزراعة، واستحدثت وزارة الشباب والرياضة التي انفصلت عن الثقافة وتولتها وزيرة جديدة هي حوليمتا صو.

وأدمجت الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المكلفة بالشؤون المغاربية والأفريقية، مع نظيرتها المكلفة بالجاليات الموريتانية في الخارج، وتولتها هند بنت عينية، المستشارة الإعلامية لرئيس الحكومة، وهي إعلامية فرانكفونية، تولت سابقاً رئاسة تحرير صحيفة "القلم" الأسبوعية الناطقة بالفرنسية.

من جهتها، حافظت الوزيرة الناها بنت مكناس على منصبها، لكن مع تقليص لصلاحيات وزارتها، بعد أن فقدت في التشكيلة الجديدة ملف "الصناعة التقليدية"،الذي نقل إلى وزارة الثقافة، والتي بدورها فقدت ملف الشباب والرياضة.

وكان لوزير الشؤون الاقتصادية والتنمية سيدي ولد التاه، تميزاً خاصاً عبر ما يمكن اعتباره تحطيم رقم قياسي لبقائه في منصبه باعتباره أقدم وزير حتى الآن، منذ مشاركته في الحكومة الثانية لرئيس الوزراء الأسبق يحى ولد أحمد الوقف، عام 2008، إبان فترة حكم الرئيس السابق، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. وفي السياق، أبقت الحكومة الجديدة على وزراء الخارجية، والداخلية، والعدل، والصحة، والتهذيب الوطني، والطاقة والنفط، فى مناصبهم، فيما دخل الحكومة الجديدة الدكتور إسلكو ولد أحمد إيزيد بيه، رئيس حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، إذ أسندت له حقيبة التجهيز والنقل، خلفاً لرئيس الحكومة يحيى ولد حدمين.

ومن أبرز الوزراء الذين تركوا حقائبهم، أحمد ولد النيني (الشؤون الاسلامية) الذي خلفه أحمد ولد أهل داوود، وهو فقيه شاب يعرف بنهجه الوسطي المنفتح، يعمل مستشاراً لرئيس الجمهورية. والدكتور البكاي ولد عبد المالك، الذي خلفه الدكتور سيد ولد سالم القيادي السابق فى تكتل "القوى الديمقراطية" المعارض، والذي أعلن انضمامه للحزب الحاكم وترأس الحملة الانتخابية للرئيس ولد عبد العزيز.

المساهمون