وساطة الجزائر بين فرقاء مالي: تقليص أزمات الجوار

وساطة الجزائر بين فرقاء مالي: تقليص أزمات الجوار

12 فبراير 2015
تسعى الجزائر لضمان التوصل لحل نهائي للأزمة(فاروق بطيشي/فرانس برس)
+ الخط -

ترافق الجولة الخامسة من مفاوضات السلام المالي، التي بدأت أمس الأربعاء في الجزائر، بين وفد الحكومة المركزية في بماكو وقادة الفصائل الأزوادية الست المعنية بمسار السلام، توقعات كثيرة وآمال معلقة لإنهاء نزاع يمتد منذ عام 1963 حول منطقة الشمال القريبة من الحدود مع الجزائر، بعد أن تحول إلى منطقة نزاع وتوتر مستمر. وقد زاد تواجد المجموعات المسلحة في المنطقة وتأزم الوضع في ليبيا من مخاوف دول جوار مالي، ولا سيما الجزائر التي وجدت نفسها المعنية الأولى بالصراع المالي أكثر من أي طرف آخر.

ولأن صوت السلاح ظلّ يطبع شمال مالي ومنطقة تواجد السكان الطوارق الأزواديين، وجعل الأوضاع في المنطقة مفتوحة على احتمالات كثيرة، أخطرها إقدام الطوارق على إعلان الشمال دولة منفصلة عن مالي، فضلاً عن احتمال حدوث تدخلات أجنبية وفرنسية تحديداً بشكل أقلق الجزائر، بادرت الأخيرة إلى إطلاق مسار مفاوضات بين الحكومة المالية وقادة الفصائل الأزوادية على قاعدة الحفاظ والاعتراف بوحدة التراب المالي والحوار كإطار لحل أي مأزق، ومحاربة الإرهاب.

وتسعى الجزائر، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، إلى إنجاز اتفاق سلام شامل ينهي الصراع بين الحركات الأزوادية والحكومة المركزية في بماكو. وتريد الجزائر وقف التوتر المستمر في المنطقة، ومنع الجماعات المسلحة من استغلال هذا الوضع للتواجد والنشاط في منطقة شمال مالي والساحل.

وفي سياق هذا المسعى، وصل رئيس الوزراء المالي موديبو كايتا، يوم الثلاثاء الماضي، إلى الجزائر لمناقشة مسار المفاوضات، وحذر من التأخر في التوصل إلى اتفاق سلام في شمال مالي. وأوضح كايتا، في تصريح للصحافيين عقب لقائه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، "نعتقد أن الوقت يداهمنا، فكلما ماطلنا تعقد الوضع في شمال مالي، وتضاعفت المشاكل الأمنية". كما أعرب كايتا عن "أمله الكبير في التوصل إلى اتفاق في أقرب الآجال بين الماليين أنفسهم"، مضيفاً "لقد لجأنا مرة أخرى إلى دعم الجزائر من أجل التوصل إلى حل نهائي للأزمة في مالي، لقد تم اختيار الجزائر لترأس الفريق الدولي للوساطة، والمحادثات بين الماليين التي تجري بوساطة الجزائر تسير في الطريق الصحيح".
وشدد رئيس الوزراء المالي على ضرورة "إنجاز مشروع اتفاق سلام على أساس خارطة طريق للتوصل إلى اتفاق سلام خلال الجولة الجديدة من المحادثات، والمخصصة لدراسة وثيقة اتفاق السلام النهائي".
وكان كايتا، أكد في تصريح صحافي عقب وصوله يوم الثلاثاء، أن حكومة بلاده مستعدة لتقديم كل المساهمة الممكنة من أجل حلّ القضايا الخلافية مع الفصائل الأزوادية، بهدف التوصل إلى حل يحقق الأمن والاستقرار في منطقة شمال مالي. وثمّن كايتا "جهود الجزائر في احتضان ودعم مسار مفاوضات السلام في مالي"، مضيفاً "زيارتي هذه تأتي عشية انعقاد الجولة الخامسة من المفاوضات بين الماليين التي تحتضنها الجزائر منذ يوليو/تموز 2014".

وتجري في الجزائر الجولة الخامسة لمفاوضات السلام في مالي، بعدما تم التوافق على مبادئ عامة تتعلق بالوحدة الترابية لمالي، والالتزام بالحوار كإطار لحل المشاكل والقضايا الخلافية ومكافحة الإرهاب والمجموعات المسلحة. وتشارك في المشاورات ست حركات هي؛ "الحركة العربية للأزواد"، "التنسيقية من أجل شعب الأزواد"، "تنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة"، "الحركة الوطنية لتحرير الأزواد"، "المجلس الأعلى لتوحيد الأزواد" و"الحركة العربية للأزواد".

وفي شهر يونيو/حزيران الماضي، وقّعت الحكومة المالية والحركات الأزوادية، خلال الجولة الأولى من مفاوضات السلام، على وثيقتين تتضمنان "خارطة الطريق" و"إعلان وقف الاقتتال"، تتعلق باحترام اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 مايو/أيار 2014، والإعلان عن وقف الاقتتال الموقع في الجزائر في 24 يوليو/تموز 2014 وتجنّب كل عمل قد يقوض مبادرات السلام، والتزام نهج الحوار واحترام الوحدة الترابية لمالي.

وعقدت في شهر يوليو/تموز الماضي الجولة الثانية للمفاوضات. وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي عقدت الجولة الثالثة، تبعتها جولة رابعة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وفي وقت سابق دعا مجلس الأمن الدولي الأطراف المالية إلى "التفاوض بحسن نية للتوصل إلى اتفاق سلام دائم، واحترام التزاماتها المقيدة في خارطة الطريق الموقعة في 24 يوليو/تموز 2014".

ولا تريد الجزائر فضّ طاولة الحوار المالي من دون التوصل إلى حل نهائي للمأزق المالي، ولإنهاء أزمة الشمال المستمرة منذ عام 1963، ولا سيما أنّ الجزائر توجد في منطقة توتر، أخذاً بعين الاعتبار الأزمة في ليبيا وتحرك المجموعات المسلحة على حدودها مع تونس. ويضاف إلى ذلك هشاشة الوضع على الحدود مع النيجر، بعد وصول جماعة "بوكو حرام" إلى النيجر ومهاجمتها لسجن في البلاد. وهو وضع مشابه لذلك الذي وجدت فيه الجزائر نفسها عام 1963، عندما اشتعلت حدودها البرية بحرب الرمال مع المغرب، وبحرب في شمال مالي بين الطوارق والجيش المالي وتوتر مماثل في النيجر.

دلالات

المساهمون