وزراء في الدنمارك من القطاع العام إلى الخاص

وزراء في الدنمارك من القطاع العام إلى الخاص

12 أكتوبر 2014
عرضت هيلي تشكيلتها على الملكة (فريا إنغريد موراليس/الأناضول)
+ الخط -


بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتشكيل حكومة "الاشتراكي الديمقراطي" في الدنمارك بزعامة هيلي تورنينغ شميت، أجرت الأخيرة، ثمانية تعديلات وزارية، يقول عنها مراقبون "انقلابات بيضاء، لترتيب البيت الداخلي".

وقد اضطرت هذه المرة، وزيرة العدل كارين هيكروب، المثيرة للجدال في مواقفها من قضايا اللجوء والهجرة وقانون عقوبات القاصرين، إلى ترك منصبها كوزيرة، مفضّلة العمل كمديرة للإنتاج الزراعي والغذائي بعد شغور المنصب، الذي كان يتبوؤه وزير الدفاع السابق، سورن جاد، من حزب "فنسترا" المحافظ.

وتنامت ظاهرة ترك الوزراء لمناصبهم والعمل كمدراء للشركات والمنظمات في السنوات الأخيرة، وهو ما يشير إليه معلقون سياسيون ساخرون بكثير من التهكّم، واعتبروها "فترة استراحة ونقاهة لتجميع نقاط قوة والعودة ثانية للسياسة".

ولا يعتبر هؤلاء بأن ترك هيكروب، جاء عن طيب خاطر، بل مساومة حزبية داخلية في "الاشتراكي الديمقراطي"، الذي يسعى بكل قوة لوقف التدهور في شعبيته، التي عبّرت عنها استطلاعات الرأي، ومنحته حوالي 21 في المائة فقط من الأصوات في الانتخابات المقبلة، بينما منحت حزب "فينسترا" المعارض والمحافظ 24.5 في المائة.

ويتضح أن حزب "اللائحة الموحدة" اليساري، يتقدم في استطلاعات الرأي ليحصل على ما يزيد عن 9 في المائة من الأصوات مع تقدّم آخر ومثير لليمين المتشدد، ممثلاً بحزب "الشعب الدنماركي" 19.4 في المائة.

وتواجه شميت، ومعها حزب "راديكال" يمين الوسط، أزمة حقيقية في القواعد الحزبية، التي أثارها التوجه يميناً بتشديدات متعلقة بمسائل اللجوء، ولمّ شمل عائلات القادمين من سورية، إلى حدّ وصف الخطوات التي تقدم عليها الحكومة، بأنها "سباق مع اليمين للخروج من معاهدة جنيف بشأن اللجوء السياسي".

وتُعتبر التعديلات الوزارية المتكررة، وآخرها في الشهر الماضي بعد ترك مارغيتا فيستراي منصبها كممثلة لحزب "راديكال" في الحكومة، لتصبح مفوضة في الاتحاد الأوروبي، "مشكلة كبيرة للحكومة وللوضع السياسي في البلد"، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوبنهاغن، تيم كنودسن. ونقل التلفزيون الدنماركي عن كنودسن قوله إن "التعديلات الكثيرة تضرّ بالديمقراطية وبتمثيل الشعب".

ويشير حزب "اللائحة الموحدة" اليساري أيضاً، إلى أن "استبدال هيكروب بهذه الطريقة هو اشكالية ديمقراطية". ويوضح أن "انتقال الوزراء من مناصبهم للعمل في الشركات والمنظمات، هو عمل لوبيات لمصالح تلك الشركات والمنظمات التي يديرها الوزراء أنفسهم".

ويلفت الحزب في هذا الصدد، إلى تبوّء هيكروب في السابق لمنصب وزارة الأغذية، وهي تتسلّم اليوم منصباً ادارياً في الاطار عينه، وهذا يثير حفيظة الحزب من استخدام المناصب الوزارية "كطريق نحو مناصب تتطلب نفوذاً".

ويوضح بيان صحفي صادر عن رئاسة الوزراء، أن "وزيرة العمل الحالية، ميتا فريدريكسن، ستتولّى حقيبة العدل، بينما سيتولى حقيبة العمل، الاشتراكي الديمقراطي المخضرم، هينريك دام كريستنسن، في حين سينضم وزير الدفاع، نيكولاي فامين إلى عضوية مجموعة تنسيق عمل الحكومة، التي تُعدّ الحلقة الضيقة برئاسة شميت، والتي كانت تشغلها هيكروب. كما انضمت الدنماركية ــ التركية ييلديز أكدوغان، للبرلمان الدنماركي بتسلم مقعد هيكروب فيه عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كونها كانت عضو احتياط، وشغلت ييلديز منصب "مقررة الشؤون السياسية عن الحزب" في بلدية العاصمة كوبنهاغن، منذ الانتخابات البلدية في 2013.

وتوجّهت شميت الخميس، إلى القصر الملكي عارضة وزراءها الجدد على الملكة، وهو تقليد سياسي متبع في أية تشكيلة جديدة أو تغييرات وزارية، رغم أن الحكم ملكي دستوري برلماني، لا يعطي الملكة سوى صلاحيات رمزية.

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الدنماركية، بحملة من التهكمات على هذا التغيير الوزاري، وغرّد كاسبر كوفود على موقع "تويتر" قائلاً "اليوم يتم الاعلان عن جائزة نوبل للسلام، أعتقد بأن ملكتنا تستحق هذه الجائزة على تحمّلها كل تلك التغييرات التي أقدمت عليها شميت، وبقيت الملكة تتصرّف ببرود". وغرّد آلان سكوماند "يجب أن نمدح الحكومة على ما تقدمه من حفلات ترفيه للقيم". وأجمع المعلقون الدنماركيون على موقع "فيسبوك"، على الدعوة لإلغاء الرواتب التقاعدية للوزراء، بسبب أنهم يشغلون مناصب أخرى تكون فيها الرواتب خيالية.