واشنطن تتبرأ من تقسيم اليمن

الانقسام الإقليمي والدولي الواضح إزاء الأزمة اليمنية، يبعث على المخاوف من وصول البلد، حال فشل الحوار، إلى انقسام مماثل، ولكن على الأرض، إما بإقليمين (شمالي وجنوبي) في إطار دولة واحدة، أو بالتشطير والانفصال إلى دولتين.
فقد بات من الأكيد أن المجتمع الدولي أضاع البوصلة، فيما يخص الأوضاع في اليمن، بسبب مغالطات مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بنعمر، الذي يسعى، وبقدر استطاعته فقط، إلى إثبات نجاح مهمته، وإن كان زيفاً، وعلى حساب وحدة اليمن واليمنيين.
آخر مغالطاته المفضوحة، والتي يكذّبها واقع تباينات المواقف السياسية إزاء الحوار الوطني ومكان انعقاده، زعمه في إحاطته لمجلس الأمن، أخيراً، بأن هناك تقدماً يتم إحرازه، وبأن إجماعاً بدأ يتبلور حول السلطتين التشريعية والتنفيذية، وحول جدول زمني لإنجاز مهام المرحلة الانتقالية واستحقاقاتها، وتطبيع الوضع الأمني في صنعاء، وبقية المحافظات.. إلخ، فيما لم تمر أربع وعشرون ساعة على إعلان الرئيس، عبدربه منصور هادي، نقل جلسات الحوار إلى الرياض... فعن أي تقدم محرز في الحوار يتحدث بنعمر؟
ما يمكن اعتباره حسنة لبنعمر في إحاطته، هذه المرة، توضيحه شبه الدقيق للأوضاع في الجنوب التي وصفها بالهشة، وتحذيره من انتشار اللجان الشعبية، وما سماها المخاوف التي عبرت عنها قيادات في الحراك الجنوبي.
إلا أن شعور واشنطن وقلقها إزاء الأزمة المتفاقمة في اليمن، وخصوصاً في الجنوب، قد يكون أكثر دقة، ما يثير المخاوف أكثر، ويدق ناقوس الخطر عن قرب تشظي الوطن.
فبالنظر إلى تبرير المسؤول الأميركي عن نقل سفارة واشنطن إلى جدة.. فقد كان أن أميركا تنظر إلى عملية نقل السفارات إلى عدن، باعتباره بمثابة إشارة إلى تأييد الانفصال. حيث نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي رفيع أن السفير الأميركي في صنعاء سيتابع الأحداث اليمنية من جدة، ويعكس ذلك الاختيار مخاوف أمنية ولوجستية، ورغبة في عدم الإشارة إلى أي دعم أميركي لتقسيم اليمن، فالسياسة الأميركية تدعم يمناً موحداً والحفاظ على سلامة أراضي اليمن، ولا تريد أن تعطي أي إشارة تأييد لتقسيم اليمن.
لم تأت إشارة واشنطن من فراغ، فهي اعتراف صريح بوجود توجّه دولي لتقسيم اليمن، وأنه يجري الإعداد له، حالياً، على قدم وساق. فهل يعني ذلك أن الدول التي نقلت سفاراتها إلى عدن تدعم ذلك التوجّه وتؤيده، أم ماذا بالضبط؟