هل يسكت الرصاص في ليبيا؟

هل يسكت الرصاص في ليبيا؟

04 ابريل 2016
ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في ليبيا(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
على امتداد السنوات الخمس الماضية، فضّل الليبيون لغة الرصاص على الكلام، لغة تطغى على كل صوت ممكن وإن كان عاقلاً وسبيلاً إلى الخلاص، في بلد يبحث عن خلاصه منذ عقود. وتنازع الليبيون واختلفوا وتقاتلوا تقريباً حول كل شيء وفي كل شبر من ليبيا، حتى صار لكل حي من أحيائها مليشياته الخاصة، ولم يعد بإمكان أحد من الخارج أن يفهم بوضوح من يقاتل من؟ ومن يساند من؟
دخل رئيس حكومة الوفاق فائز السراج إلى طرابلس، في غفلة من الجميع، وكان الجميع يتوقع أن تسقط العاصمة تحت وقع التقاتل من جديد، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث... إلى حد الآن، وتعالى الاستبشار بهذا الهدوء وبهذه "الحكمة المفاجئة"، وأعاد الجميع رشاشه إلى غمده، حتى إن الذين هددوا بالسلاح (حكومة طرابلس) دعوا إلى الحوار وحقن دماء الليبيين، ولم يغفل السراج أيضاً عن الأمر، وأكد أنه لم يأتِ ليعاقب أحداً أو لينتقم من أحد.
وإلى حد أول من أمس السبت، كانت هذه هي الصورة الطاغية، غير أن أصوات الرصاص عادت فجر أمس الأحد في بعض أحياء العاصمة، لتهدد الوضع من جديد، وتلمح إلى أن تحت الرماد ناراً لم تخمد بعد. يبقى السؤال بلا جواب: ألم يقتنع الليبيون بعدُ، بكل فصائلهم، أن الاقتتال لم يقد أيّاً منهم للفوز بشيء؟ وأن للخلاف طرقاً أخرى للحل؟ ألا يمكن للأشقاء في ليبيا أن يلتفتوا شمالاً لبرهة قصيرة؟ في اتجاه تونس ويستفيدوا من بعض دروسها (من دون تعالٍ أو تكبّر)، ولكن تونس التي كانت على شفا الاقتتال هي أيضاً تجنّبته عندما أقدم عقلاؤها على التنازل وفهموا أن البلد أكبر من الحزب، وألّا وجود للحزب إذا انهارت الدولة.
نحبس جميعاً أنفاسنا، في انتظار ما ستقرره الأصابع الضاغطة على الزناد في ليبيا، خوفاً من الرصاصة الخبيثة التي ستسقط كل أمل في أن نرى إخواننا على طاولة واحدة، يختلفون ويتنافسون ويغضبون... ولكنهم في النهاية يعودون إلى الطاولة نفسها، متسلحين بأقلام بدل الكلاشينكوف، ويحتكمون إلى قرار الشعب الطيب الذي أنهكته حسابات ملوك الحرب هناك، فأين حكيم ليبيا؟

دلالات

المساهمون