هل بات مجلس النواب الليبي يعاني عزلة سياسية؟

هل بات مجلس النواب الليبي يعاني عزلة سياسية؟

11 ديسمبر 2018
برلمان طبرق تحدث عن "محاولات إفشاله" (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

اعتبر متابعون أن بيان مجلس النواب الليبي في طبرق، مساء الإثنين، والذي حمّل فيه "بعض الأطراف" مسؤولية تعطّل مسار التسوية السياسية، يؤكد "حالة العزلة السياسية" التي بات يعانيها برلمان طبرق.

وأصدر مجلس النواب في طبرق بياناً استعرض فيه "منجزاته" خلال السنوات الماضية، محاولاً الإلقاء باللائمة بشأن تعطيل مسار الحلول السياسية على من وصفهم بـ"بعض الأطراف"، متحدثاً عن "محاولة إفشال المجلس ومصادرة إرادة الشعب الليبي، بهدف إدخال البلاد في الفوضى وتدميرها".

وجاء بيان المجلس، بعد ساعات من إعلان المجلس الأعلى للدولة رفضه التعديلات التي أجراها مجلس النواب على الإعلان الدستوري بشأن قانون الاستفتاء على الدستور وإعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد مساء أمس.

وكان مجلس النواب قد أعلن، في الأسبوع قبل الماضي، إقراره تعديلين جديدين، هما التعديل العاشر والحادي عشر على الإعلان الدستوري (الدستور المؤقت)، منتقياً بعض مواد اتفاق الصخيرات بشأن قانون الاستفتاء وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة لتضمينها في الإعلان الدستوري، وتحصينها من الطعن عليها قضائياً.

ورغم انتهاء مدته القانونية في نهاية 2015، واعتباره إحدى المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي، إلا أن المجلس أكد، في بيانه، أن وجوده في المشهد "انبثق من إرادة الشعب في انتخابات حرة ونزيهة"، معتبراً أن انعقاد جلساته في طبرق جاء بعد التضييق والحرب التي شنها "طرف سياسي للانقلاب على صندوق الانتخابات بقوة السلاح وإشعال العاصمة بالحرب"، في إشارة إلى أعضاء في مجلس الدولة، خاصة رئيسه خالد المشري، كانوا أعضاء بالمؤتمر الوطني العام الراعي لعملية "فجر ليبيا" وقتها.

 

وأشار البيان إلى أنه "رغم عدم شرعية طرف سياسي يحظى بدعم خارجي لا محدود، قدم التنازلات للخروج من أزمة البلاد".

وفي إشارة أوضح إلى أنه يتهم مجلس الدولة بعرقلة المسار السياسي قال: "تحاول بعض الأطراف التي لا تريد المضي قدماً في تجاوز هذه المرحلة المؤقتة إلى مرحلة الاستقرار عرقلة مسار العملية السياسية، لإبقاء الوضع على ما هو عليه، خاصةً هذه الفترة، بعد إنجاز مجلس النواب لقانون الاستفتاء والتعديل الدستوري العاشر والحادي عشر".

وفي السياق، رأت نجاح الترهوني، صحافية ليبية، أن "البيان يعكس ما بات يعانيه مجلس النواب من عزلة سياسية في الداخل والخارج".

وقالت الترهوني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس النواب يحاول دغدغة عواطف الناس ومحاولة استثمار الدعم الشعبي السابق وإظهار نفسه بمظهر المكافح من أجل البلاد، مقابل تصوير الطرف الثاني كمنقلب على السلطة بقوة السلاح"، مشيرة إلى أن "مجلس النواب تناسى دعمه لطرف مسلح وشرعنته له تحت مسمّى "الجيش الوطني"".

وبيّنت الترهوني أن "المجلس يحاول التراجع للوراء إلى مسافات طويلة، والاتكاء على شرعية انتخابه للحفاظ على وجوده، وهو ما يؤكد فشل اتجاهه الجديد لتقويض سلطة فايز السراج بالتوافق مع مجلس الدولة، منصاعاً بشكل مفاجئ ولافت وغريب إلى كل مطالب مجلس الدولة، التي طالما عارضها لسنوات ماضية"، متسائلة: "كيف لجهة تشريعية أن تتبدل وتتغير قراراتها في غضون أيام من توافق كامل مع مجلس الدولة إلى انقلاب مفاجئ على نتائج هذا التوافق؟". وأضافت "ما من تفسير سوى أن مجلس النواب يحاول التنصل من اتفاق الصخيرات، وأنه أساس شرعيته ووجوده بعد عام 2015".

من جهته، أشار كريم الشيخي، الناشط السياسي من بنغازي والمقيم في طرابلس، إلى أن "ملامح العزلة التي يبدو أن مجلس النواب يعيشها حالياً كثيرة، كرفض قطاع كبير في النواب لقرارات التعديلات الأخيرة، وعدم إشارته إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وما يسميه بالجيش".

وقال الشيخي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "رغم استعراض البيان لعدد القوانين التي أصدرتها المؤسسات التي أنشأها لم يذكر إنشاءه لمنصب القائد العام للجيش، الذي عين حفتر على رأسه، واكتفى فقط بالإشارة إلى أن المجلس واجه ما وصفه بـ"الإرهاب" في بنغازي ودرنة، دون أن يذكر حفتر وقواته التي خاصت الحرب في هاتين المدينتين".

ورأى أن "البيان يعكس حدة الأزمة بين مجلس النواب وحفتر، الذي بدا هو الآخر في الآونة الأخيرة لا يدعمه ويبتعد عن قراراته، ويتجه للتقارب مع خصوم مجلس النواب، بل يدعم عقد المؤتمر الوطني الجامع لتجاوز كل المؤسسات السياسية الحالية التي تهدد طموحاته".

 

وأكد الشيخي أن "بيان مجلس النواب لا يعدو كونه استجداء للشعب الذي تذكر اليوم فقط أنه انتخبه، من خلال استعراض قرارات تمس حياة الناس، كرفع مرتبات المتقاعدين والمعلمين والشرطة، والتلميح إلى أنه أنجز قانون الاستفتاء لتمكين الشعب من التصويت على دستوره"، معتبراً أن "البيان يؤكد أن مجلس النواب بات في حكم الماضي مع تسارع الوقت واقتراب موعد لقاء كل الأطياف الليبية ضمن المؤتمر الوطني الجامع، الذي سيحدد مصير جملة من القرارات، كالدستور والانتخابات التي عرقلها مجلس النواب طيلة المدد الماضية".

في المقابل، دافع عبد السلام نصية، عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الحوار المشتركة مع مجلس الدولة، عن موقف المجلس، موضحاً أن "البيان لا يشير أو يعكس تراجعاً عن نتائج الجهود الأخيرة مع مجلس الدولة"، مشدداً على أنه "من حقنا التذكير بمسيرتنا، والبيان تضمّن أيضاً دعوة للأطراف السياسية بضرورة المضي في العمل على تجاوز الأزمة وبدء تشكيل سلطة تنفيذية جديدة"، مؤكداً أن "البيان يشير إلى استمرار قبول مجلس النواب لأي تجاوب في هذا الاتجاه".

المساهمون