نهاية سيطرة "الماتادور" وتفوّق هولندا ..ما بين السطور

14 يونيو 2014
فان جال يحتفل بهدف فان بيرسي (getty)
+ الخط -
بعد تتويجه بلقب "الشامبيونز ليج" عام 2011 في المباراة التاريخية بين برشلونة ومانشستر يونايتد، وقتها صرّح السير أليكس فيرجسون قائلاً: "هذا الفريق هو الأعظم في التاريخ"، وحينما عرضوا التصريح على بيب، تقّمص شخصية كارل ماركس وقال: "تصريح لا يُنسى، نحن نلعب كرة قدم يسارية، الكل في الكل".


الراديكالية في الكرة لا تنجح في كل وقت، أجيال كثيرة فازت ببطولات عديدة، وأجيال نادرة وضعت بصمة مختلفة عاشت للأبد. مَن يتّفق معها يحاول تطويرها، ومَن يختلف معها، يستأسد حتى ينتج مصل ضدها، وهذا ما يسمى بالظاهرة الكروية في نهاية المطاف. وإذا أردنا تصنيف لويس فان جال، سنقول بأنه أصولي جداً في فهمه لقواعد وتقاليد اللعبة.

 تكتيك الثلاثي الخلفي

رجل لا يعرف طريقاً آخر، ودائماً هو متعصب لرأيه وأفكاره، هذا ما عرفناه عنه في برشلونة وبايرن ومنتخب هولندا من قبل. لكن في الآونة الأخيرة، ربما غيّر لويس فان جال بعضاً من أفكاره وآمن بأن هذا الزمن ليس كالسابق، لذلك لعب بتكتيكه الجديد، ثلاثة مدافعين بالخلف مع ظهيري جنب، أمامهم ثلاثي وسط، ثم ثنائي هجومي. طريقة تظهر على الورق بأنها أقرب إلى 3-4-3 لكنها في معظم الأحيان 5-3-2 صريحة.


وبالتالي، فإن الكرة الهولندية ظهرت في قمة الجولة الثانية أمام الأسبان بحُلة جديدة بعض الشيء، التسليم الكامل لموازين القوى الجديدة وتأمين النواحي الدفاعية جيداً ومن ثم الانقضاض على الفريسة في الوقت المناسب. كمين نصبه رونالد كومان هذا الموسم مع فينورد، لذلك لا عجب أبداً في الاستعانة بخط دفاع روتردام بالكامل في التشكيلة البرتقالية.


اليوم الثاني للمونديال أثبت أن طريقة اللعب بثلاثة مدافعين في الخلف ناجحة خصوصاً مع فوز المكسيك على الكاميرون، واكتساح هولندا للماتدور الأسباني. الفرق في الحالتين، أن مكسيكو بدأت الهجمة بالمدافع الثالث أو الظهير "القشاش" رافا ماركيز، بينما أعطت البرتقالة عصارة إنتاجها إلى الصاعد الواعد بليند.


إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى المرمى بـ"الضبة والمفتاح"، ومن ثم الانتظار لحين توفر فرصة مناسبة، وهنا تمريرة طولية من الخلف في المباراة الأولى، أو الطرف في الثانية إلى القادمين من الوسط إلى عمق الهجوم ليتم ضرب الدفاعات بالكامل، كرة فاثنين فثلاثة، حتى الوصول إلى الخامسة القاتلة.

حضرة المنطقة الحمراء

إسبانيا في المقابل تعتمد على أسلوب الاحتفاظ الشديد بالكرة، فكرة ديل بوسكي ليست المتعة أو تسجيل أكبر قدر ممكن من الأهداف، إنه يتبع أسلوب الثعلب العجوز في الصبر وتنويم المنافس وعدم فقدان المستديرة مهما حدث، ثم هدف واحد يكفي وإذا تعادل الخصم فإن هدفاً آخر كفيل بالفوز. ولكن أمام الهولنديين، خسرت الفوريا روخا الكرة كثيراً، تمريرات مقطوعة بالجملة وعدم تحكم بالأمور، ما سهّل مهمة المنافس كثيراً.


لذلك، فإن خطة 2010 الناجحة في جنوب أفريقيا لم تحضر للبرازيل، ومع البطء غير العادي للدفاع خصوصاً من العمق، وسوء تغطية لاعبي الإرتكاز مع ظهور ألونسو بالأخص بحالة ضعيفة، انطلق روبين وفان بيرسي في الثلث الهجومي الأخير دون رقابة تذكر.


"اللعب بثنائي محوري أمر مهم، لأنه يعطي قوة أكبر أمام الدفاع، ويُغلق المنافذ داخل المنطقة الحمراء أي التي تفصل بين رباعي الدفاع ومنطقة الوسط"، تصريح شهير لفيستني قاله بعد الفوز بالمونديال الماضي، وإذا قمنا بمقارنة سريعة سنجد أن هذه المنطقة كانت مستباحة تماماً طوال التسعين دقيقة، لتنكشف الخطوط وتزيد المساحات بينهما.


فتّش عن سر قوة الاسبان ستضرب على نقاط ضعفهم نفسها، قلّة الضغط وضعف التغطية في منتصف الملعب. ويجب ألا ننسى كم المباريات الكبيرة التي خاضها الفريق، نحن نتحدث عن جيل فاز بكل شيء، بطولتي يورو وكأس عالم مع بطولات لا حصر لها مع الأندية، ويبدو أن لكل دورة بداية ونهاية، مراحل صعود ثم هبوط طبيعي، هكذا هي الحياة وكرة القدم، لكن لا صوت يعلو فوق الانتظار، لأن الماضي يقول ويُنذر بأن البدايات الضعيفة لفريق ديل بوسكي يعقبها إعصار فتّاك. ما علينا سوى الصبر.

المساهمون