نهائي كأس إسبانيا..هذه الأسباب جعلتها المواجهة الأصعب لبرشلونة

23 مايو 2016
تقلبات وإثارة في نهائي كأس الملك (Getty)
+ الخط -

حقق برشلونة ثنائية رائعة بعد جمعه بطولتي الدوري والكأس في موسم واحد، ونجح المارد الكاتلوني في صناعة تاريخ كبير للعام الثاني على التوالي، ليصل لويس إنريكي ورفاقه إلى 7 بطولات من أصل 9 خلال عامين فقط، ويعادل الرقم السابق بالمدرب بيب غوارديولا حينما حقق نفس الرقم في أول موسمين له.

وتعتبر بطولة الكأس مختلفة هذه المرة، لأنها أتت بعد عناء شديد، وعلى حساب خصم صعب المراس، إشبيلية بطل الدوري الأوروبي لثلاث سنوات متتالية، والفريق الذي عاقب ليفربول في بازل بقسوة، والمنافس المرهق جداً لبرشلونة، خصوصاً أنه احتاج 120 دقيقة من أجل الفوز في النهاية.

عنصر المفاجأة
لعب بطل الدوري بخطته المفضلة 4-3-3 دون تغيير، بينما راهن أوناي إيمري على التكتيك الأقرب إلى قلبه 4-2-3-1، لكن مع بعض التعديلات البسيطة، من خلال عودة بانيغا إلى الخلف بضع خطوات، وقيامه بدور لاعب الارتكاز المساند بجوار كوريشياك، مع صعود إيبورا إلى الأمام بين الجناحين كوكي وفيتولو، وخلف المهاجم الوحيد غاميرو، من أجل قوة وعمق أكبر في الثلث الهجومي أمام منطقة جزاء الكتلان.

اعتمد فرسان الأندلس على تكتيك الكرات الطولية من الخلف إلى الأمام، إنها نفس الاستراتيجية التي استخدمها سيميوني أمام بارسا في ربع نهائي الأبطال، عندما تفوق ساؤول نيغويز في الهواء على جوردي ألبا، لكن هذه المرة كانت تعليمات أوناي، أن تكون الكرات في عمق الملعب وليس على الأطراف، للاستفادة القصوى من القوة الجسدية للقاطرة البشرية إيبورا.

وبالفعل نجحت الخطة باقتدار، عندما حصل اللاعب الأندلسي على كرة عالية من أمام بيكيه، ليلعبها مباشرة إلى المنطلق غاميرو، الفرنسي أسرع وأخف من الأرجنتيني، فيسبقه ويحصل منه على مخالفة خطيرة، مع طرد مباشر من الحكم، لتنقلب القمة رأسا على عقب، ويلعب برشلونة بعشرة لاعبين.

سحب راكيتيتش
عندما تلعب منقوصاً من عنصر أساسي، تكون العادة سحب لاعب مهاجم في سبيل تقوية الوسط أو الدفاع، لكن لويس إنريكي اختار سحب إيفان راكيتيتش، لاعب الوسط المساند خلف ميسي على اليمين، ونستطيع القول، إن هذه الخطوة لم تكن سيئة، لاستحالة التضحية بأي لاعب من الثلاثي الهجومي، والكل لاحظ تمريرات ميسي وحسم نيمار في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي، وبالتالي إراحة أي نجم أمر غير مقبول.

بعد خروج الكرواتي، عاد ميسي كثيراً للوسط بجوار إنيستا، ولعب البارسا بخطة قريبة من 4-3-2، بتواجد بوسكيتس، إنيستا، وميسي في المنتصف، مع الاكتفاء بنيمار وسواريز في الأمام، ووضع ماتيو بجوار بيكيه في عمق الدفاع، لكن الظروف الصعبة لم تتوقف، وأصيب سواريز بتمزق عضلي، ليجد برشلونة نفسه في مأزق حقيقي!

ربما لن يقدر لوتشو على سحب سواريز في حالة جاهزيته، لكن دخول البرازيلي الصغير رافينيا كان بمثابة نقطة التحول الإيجابية في النهائي، لأنه أضاف توازناً حقيقياً في منطقة الوسط أثناء التحولات، وجعل ميسي يلعب بأريحية في الهجوم، لتصبح الخطة 4-4-1 بتمركز نيمار، إنيستا، بوسكيتس، رافينيا في الارتكاز، لغلق زوايا التمرير طولياً أمام بانيغا وزملائه، مع مساندة الأظهرة الدفاعية أمام هجمات إشبيلية أسفل الأطراف.

هجوم الأندلس
يرتكز نجاح لويس إنريكي وطاقمه على حماية مرماه من هجمات إشبيلية، وخلال دقائق الشوط الثاني، كان فريق إيمري قريب من التسجيل في محاولتين، الأولى تسديدة من خارج المنطقة ضربت العارضة، والثانية كرة ردت من الدفاع، لكنها مرت بجوار المرمى، مع عدد كبير من العرضيات والتمريرات في العمق وعلى الأطراف.

بدأ إيمري في تفعيل هجومه، بوضع الأوكراني كونوبليانكا على اليسار وسحب الظهير الأيمن ماريانو، مع عودة كوكي مكانه، في محاولة واضحة لفتح الملعب عرضياً وإرهاق دفاعات برشلونة، والتركيز على اختراق جبهة ألفيش، لكن عودة رافينيا ومشاركته عوامل أنقذت الموقف بالنسبة لإنريكي، خصوصاً مع قوة لاعبي برشلونة في الدفاع بالكرة، لذلك بمجرد الاستحواذ عليها، تصبح عملية قطعها شبه مستحيلة أمام الأندلسيين، إما بمخالفة أو بطاقة ملونة.

استحوذ إشبيلية على الكرة بشكل أفضل، وصل إلى نسبة فوق الخمسين، خلال فترات عديدة من المباراة، لكنه سدد في النهاية 14 تسديدة، منها 2 فقط على المرمى والثلاث خشبات، "وفق إحصاءات موقع هوسكورد العالمي"، أرقام تؤكد نجاح الخطة الدفاعية لبرشلونة، من خلال الدفاع بثنائي في كل جانب، لإجبار لاعبي إيمري على لعب عرضيات غير موجهة، أما العمق فله ثنائي يحميه، إنيستا وميسي هناك!

الثنائي العبقري
قدم جيرارد بيكيه مباراة العمر دفاعياً، ونجح في الذود عن مرماه ببسالة، وقام بأداء شبه متكامل، مع حضور طاغٍ لبوسكيتس في منطقة الارتكاز، لدرجة أنه نجح في الحد من خطورة فيتولو بعد دخوله العمق في المركز 10، وعزله تماماً عن بقية عناصر فريقه، مع أداء مميز لصاحب الهدف ألبا وبقية الأسماء.

لكن وصل برشلونة إلى مرمى إشبيلية عن طريق إنيستا وميسي، الرسام والملك رقم 10 في أفضل أداء ممكن، فكابتن الفريق لعب دور القائد في المنتصف، عن طريق تحديث سياسة "الدفاع بالكرة"، فأندريس من الصعب هزيمته عندما يكون في يومه، لذلك سحب النجم لاعبي الأندلس خلفه، وساهم في خروج الكرة بكل سهولة من الدفاع إلى الهجوم مروراً بالوسط.

ساهمت وضعية إنيستا في خلق فراغات أكبر أمام لاعبي الهجوم، فاللاعب يواجه منافسيه دون خوف ولا يهابهم أبداً، وبالتالي يُجبر لاعبي الدفاع على ترك أماكنهم، مما يزيد من حرية كل من نيمار وميسي في الهجوم. من دون إنيستا، من الصعب حصول ليو على كل هذه الكرات في أماكن أفضل.

لذلك لعب الأرجنتيني بكل ما يملك من ذكاء في لحظات الحسم، من خلال قيامه بدور المهاجم الوهمي، الذي يلعب على الورق في قلب الهجوم، لكنه يعود باستمرار لمساندة لاعبي الوسط، ورمي كراته الماكرة إلى منطقة الجزاء، في لقطات تكررت في مختلف المناسبات، حتى هدفي ألبا ونيمار، وحصول البطل على لقب جديد.

المساهمون