نقابة الصحافيين المصرية تواجه السلطة و"أسرتها"

04 يونيو 2016
قلاش واجه ضغوطات كثيرة (العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش نقابة الصحافيين المصرية أجواءً لم تعشها من قبل. فالنقيب، يحيى قلاش، وسكرتير عام النقابة، جمال عبد الرحيم، ووكيلها، خالد البلشي، ثلاثتهم محالون إلى محكمة الجنح اليوم، السبت، بتهمة إيواء متهمين، بعدما قضوا ليلة في قسم شرطة قصر النيل، عقب استدعائهم من قبل النيابة في واقعة اقتحام النقابة.

وتسود حالة من الاحتقان بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية المصريتين، على خلفية اقتحام قوات الشرطة لمقر نقابتهم لاعتقال الصحافيين عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة "يناير"، ومحمود السقا، الصحافي بنفس البوابة، في الأول من مايو/أيار الماضي، الأمر الذي ردت عليه النقابة باجتماع جمعية عمومية حاشد طالبت فيه بإقالة وزير الداخلية، واعتذار مؤسسة الرئاسة، فضلاً عن عدة قرارات تصعيدية التزمت بها صحف في اليومين التاليين للاجتماع، ثم تخلت معظم الصحف عنها عقب تهديدات أمنية بالغة.

وأعلن مجلس نقابة الصحافيين أن النقيب والوكيل والسكرتير العام، سيمثلون اليوم السبت، أمام محكمة جنح قصر النيل، التي ستنظر في الاتهام الموجه إليهم بإيواء بدر والسقا في مقر النقابة.
وينص القانون المصري على عقوبات للاتهامات الموجهة لنقيب الصحافيين وعضوي مجلس النقابة، التي تدخل في إطار الجنح وتصل إلى الغرامة أو الحبس بدءاً من 24 ساعة وحتى 3 سنوات كحد أقصى. وفي ما يتعلق بعقوبة نشر أخبار كاذبة فإن قانون العقوبات استثنى الصحافيين من عقوبة الحبس، وأبقى على الغرامة، التي لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد على 20 ألف جنيه (الدولار يساوي حوالى 10 جنيهات).

وأكد مجلس النقابة دعمه الكامل للزملاء الثلاثة في القضية، واعتبر في بيان رسمي أن "تحريك الاتهامات بهذه الطريقة، وسرعة الإجراءات، وإحالة النقيب وعضوي المجلس إلى محاكمة عاجلة، من دون الالتفات لبعض المطالب التي طرحها الزملاء وفريق الدفاع عنهم في القضية، لا يمكن فصله عن الهجمة الشرسة على الحريات العامة في المجتمع، وفي القلب منها حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير".

وشدد المجلس على أن "من يقفون خلف هذه الهجمة غير المسبوقة على الحريات العامة، وعلى نقابة الصحافيين قلعة الحريات في مصر والوطن العربي، بدايةً من الحصار الذي تم فرضه عليها ووصولاً لاقتحامها، وحتى احتجاز نقيب الصحافيين ووكيل النقابة وسكرتيرها العام وإحالتهم للمحاكمة العاجلة، في واقعة غير مسبوقة في تاريخ النقابات المهنية، هم مَن يجب محاكمتهم على جرائمهم في حق المجتمع، وباعتبارهم أيضًا هم من أساؤوا إلى سمعة مصر في الخارج".

وأكد المجلس أن "المساندة الواسعة للنقابة في قضيتها العادلة، سواء من جمعيتها العمومية أو المدافعين عن الحريات العامة في المجتمع، أو من المنظمات الدولية خصوصًا المعنية منها بحرية الصحافة في العالم، هو رسالة للجميع على صحة موقف النقابة، وعدالة مطالبها، وإعلان صريح بأن محاولات النيل من الحريات العامة وإغلاق المجال العام في البلاد سيدفع ثمنها الجميع".

نقابات وأحزاب سياسية، قررت ألا تترك نقابة الصحافيين وحدها في مواجهة السلطة، ونَظّم بالفعل، وفد من أعضاء النقابات المهنية والأحزاب السياسية، أمس الأول الخميس، زيارة لمقر النقابة للإعلان عن تضامنهم. واستقبل النقيب وعدد من أعضاء المجلس، عددًا من الوفود السياسية والنقابية للتضامن مع موقف النقابة ودعمًا لقلاش والبلشي وجمال عبد الرحيم، عقب قرار إحالتهم لمحاكمة عاجلة اليوم، السبت. وقد شاركت وفود من أحزاب المصري الديمقراطي، والكرامة، والتيار الشعبي، والتحالف الشعبي، والدستور، والعيش والحرية، تحت التأسيس، فضلاً عن وفد من نقابة المحامين وممثلين لنقابات المهندسين، والصيادلة، وأطباء الأسنان، بالإضافة إلى أعضاء من المجلس القومي لحقوق الإنسان وغيرهم.

وأعرب المشاركون عن تضامنهم مع ودعمهم الكامل النقابة ورموزها، معتبرين أنّ "هذه المعركة ليست معركة نقابة الصحافيين وحدها، وإنما معركة للقوى والديمقراطية جميعًا، وأكدوا أنّ نقابة الصحافيين كانت وستظل قلعة للحريات وكانت منبرًا لمختلف القضايا الوطنية والديمقراطية، وأنه قد جاء دور مختلف القوى السياسية والنقابية للوقوف لدعم ومساندة النقابة ومجلسها".

كما أصدر 31 حزبًا ومنظمة حقوقية، بالتعاون مع جبهة الدفاع عن الصحافيين والحريات، بيانًا للتضامن مع نقابة الصحافيين، والتنديد بإحالة رموز نقابة الصحافيين للمحاكمة العاجلة. وجاء في البيان المشترك "انطلاقًا من إيماننا العميق بأهمية التنظيم النقابي المستقل، ودفاعًا عن حرية الصحافة كأحد أسلحة المجتمع لمحاربة الاستبداد والظلم الاجتماعي والتبعية.. نؤكد على تضامننا الكامل مع نقيب ومجلس نقابة الصحافيين، إزاء هجوم النظام غير المسبوق على النقابة، والذي وصل ذروته في تحويل النقيب، يحيى قلاش، وعضوي المجلس، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، إلى محاكمة عاجلة في قضية نقابية يوم السبت المقبل، للمرة الاولى منذ إنشاء النقابة قبل 75 عامًا".

كما أطلق صحافيون حملة للتدوين، أمس الجمعة، على وسم ‫#‏أنقذوا_صحافة_مصر من الساعة 7 مساءً إلى الساعة 9 مساءً لوقف الانتهاكات ضد الصحافة المصرية الحرة.
كما أعلن صحافيون دخولهم في اعتصام مفتوح في مقر النقابة في وسط القاهرة، رفضًا للهجمة الشرسة على النقابة والصحافيين والمجال العام في مصر، وسينهون الاعتصام بخروجهم مع الزملاء الثلاثة في الثامنة من صباح يوم السبت من مقر النقابة متوجهين سويا إلى محكمة جنح عابدين.

وفي المقابل، يستمر من يطلقون على أنفسهم "الأسرة الصحافية"، بزعامة نقيب الصحافيين السابق، مكرم محمد أحمد، في الهجوم المتواصل على مجلس النقابة الحالي، دعما للحكومة، أو "مؤسسات الدولة"، على حد قولهم.
ومكرم محمد أحمد كان معروفاً بتأييد الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك، وسياسته. وكان كاتبًا لخطابات مبارك لأكثر من خمسة عشر عاما، كما كان أحد أبواقه للترويج لفكرة "رفض مبارك لتوريث الحكم لنجله جمال"، فيما كانت أمانة سياسات الحزب الوطني المنحل، تخطط لسيناريو التوريث عن كثب.

منذ فترة، ورغم محاولات عدة للتخلص من هذا الإرث، الذي وصم به، حاول مكرم محمد أحمد لعب دور "حكيم المهنة وشيخ الصحافة"، ولكن محاولاته باءت بالفشل، أمام تاريخه الموالي لنظام مبارك الدائم، وتأكيد الرئيس المعزول، محمد مرسي، في واحد من خطاباته، على كونه "أحد فلول مبارك"، بقوله: "مكرم محمد أحمد يقول إنه من الثوار فكيف وهو الذي قامت عليه نقابة الصحافيين بأعضائها وجعلته يترك منصب نقيب الصحافيين".

واجتمع بعض الصحافيين برئاسة مكرم محمد أحمد، الأربعاء الماضي، وقرروا المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة لمجلس نقابة الصحافيين، يكون من حق أعضاء المجلس الحالي الدخول فيها؛ بهدف تشكيل مجلس نقابة جديد يعيد ترميم وحدة الصحافيين، ويرسم للنقابة دورًا مهنيّاً يتوازن فيه العمل النقابي مع العمل السياسي. وهو ما رد عليه عبد الرحيم، عبر حسابه على "فيسبوك"، قائلاً "أقر وأعترف، أنا جمال عبد الرحيم، عضو مجلس نقابة الصحافيين، أنني شاركت في إيواء الزميل عبد الجليل الشرنوبي، رئيس تحرير موقع (إخوان أون لاين) السابق بمقر نقابة الصحافيين، الكائن 4 شارع عبد الخالق ثروت دائرة قسم قصر النيل القاهرة، في الفترة من 12 مارس/آذار إلى 18 أبريل/نيسان 2008 بمشاركة الزملاء مكرم محمد أحمد، نقيب الصحافيين الأسبق، وأعضاء المجلس صلاح عبد المقصود، وعبد المحسن سلامة، وحاتم زكريا، وجمال فهمي، ويحيى قلاش، ومحمد خراجة، وعلاء ثابت، وهاني عمارة، وعبير سعدي، ومحمد عبد القدوس، وياسر رزق".

المساهمون